جمعيات المجتمع المدني ومليارات الدعم الأجنبي
جريدة طنجة – عزيز كنوني ( الدّعم الخارجي لجمعيات المُجتمع المَدني )
الثلاثاء 26 يناير 2016 – 11:12:03
ولا يمكن للمرء إلا أن يسعَد بكُل هذا الحماس المُتجلي في رُوح التضامن والتطوع والمسؤولية التي يتحلى بها رواد هذه الجمعيات في عملهم لفائدة المجتمع ، في إخلاص، وتفان ونكران ذات.
واعترافًا بأهمية العمل الذي تقوم به جمعيات “المجتمع المدني” خصصت لها الحكومات والجماعات، وصناديق الحسابات الخصوصية للخزينة وصندوق التنمية الرياضية وغيرها من الصناديق الوطنية، كل حسب ميادين اختصاصاته، “مساعدات مالية” من أجل تنفيذ برامجها الاجتماعية، في ظروف مناسبة.
يجب الاعتراف، بدءًا ، أن ما يخصّص لهذه الجمعيات من المـــال العام، ليس كـافيــًا، لأنه يبقى في حدود “المساعدات” الممكنة، بغرض التحفيز والتشجيع. ولعل هذا ما دفع بعض الجمعيات الأهلية إلى التوجه لــ “الخارج”، بحثا عن فرص “التمويل”، لدى هذا “الخارج” الذي يبدو، دوما، “مستعدا” لـ “دعم” المبادرات الخاصة، في البلاد التي يسعى إلى استقطابها من باب المنفعة أو الهيمنة، إن سياسيا أو اقتصاديا، ويكون التغلغل داخل مجتمعاتها ، أقرب سبيل إلى ذلك.
ووفق السجلات المتوافرة، فإن هذه الجمعيات “تنشط” في مجالات مختلفة، من بينها “البنيات التحتية” خاصة بالعالم القروي، و”الرعاية الاجتماعية”، و “حماية النساء ضد العنف”، و”تأهيل المرأة” و”الصحة العمومية و”التنمية الاجتماعية والثقافية”، و”حماية “حقوق”الحيوان” وأنشطة أخرى متنوعة ذات طابع حقوقي، وثقافي واجتماعي.
ولعَلَّ المغرب، في المرحلة الجديدة من “تحرُكه” الدّيمقراطي بعد 20 فبراير وإقرار الدستور الجديد، كان سباقا إلى الاعتراف بالجمعيات الأهلية، أو جمعيات المجتمع المدني حيث جعل لها دورا “دستوريا” في البناء الديمقراطي وفق الخطة “التشاورية والتشاركية” التي اعتمدها، نظريا، في تدبير الشأن العام، محليا وجهويا ووطنيا ، كما جعل منها مكونا من مكونات وزارة تضبط علاقات الحكومة بالبرلمان، حتى تكون هذه الجمعيات امتدادا “شعبيا” لعمل “ممثلي الأمة” دستوريا.
إلاًّ أن ما أصبحُ يُثير اهتمــامَ الرأي العام، هو ” تهافُــت ” جهات أجنبية غير معروفة، وطنيا، على تقديم مساعدات مالية “سخية”، للجمعيات الأهلية المغربية، بشكل يكاد يكون محيرا، بل ومستفزا، بالنسبة للمتتبعين والمحللين الذين باتوا يرون أن في الأمر “إن” وما أدراك ما “إن” ! ……
وبينما يحظر على الأحزاب السياسية ، وهي تدبر وفق ظهير الجمعيات، وكذا مقاولات الصحافة والإعلام الوطنية، الحصول على “تمويل” خارجي، أجنبي، لا يسري مفعول هذا الحظر هذا جمعيات المجتمع المدني التي تلقت “دعما” ماليا من “جهات أجنبية، فاق 29 مليار سنتيم، خلال السنة الماضية !!!….
المُثير في الموضوع أن العديد من هذه الجمعيات لا “تصرح” بتقاريرها المالية السنوية، المينية، في على الدعم الوطني والأجنبي، في الغالب، وطرق تصريفه في ما خططت له من “مشاريع ” وأنشطة، وفق أهدافها والغايات التي أنشئت من أجلها.، وهو ما دفع الأمانة العامة للحكومة إلى مراسلة 166 جمعية أغفلت الإدلاء بتقاريرها المالية عن سنة 2015، من بينها 17 جمعية “مصنفة” في خانة “جمعيات المنفعة العامة”، حتى بعد توصلها برسائل تنبيه رسمية !..
هذا الأمر دفع الأمين العام للحكومة إلى مراسلة وزير الداخلية بشأن ضرورة “تطبيق القانون” في هذا الشأن. وإنذار الجمعيات المتخلفة بضرورة تسوية وضعياتها داخل أجل ثلاثة أشهر.
يذكر أيضــًا، في هذا المِضمـــار، أن عدد الجمعيات المتمتعة بصقة “وامتيازات” المنفعة العامة، بلغت 2016 جمعية وأن 23 جمعية حصلت من الأمانة العامة للحكومة، سنة 2015، على رخصة “التماس الإحسان العمومي” بغاية جمع التبرعات المالية “من أجل إنجاز أعمال خيرية واجتماعية”، في ما حصلت جمعية واحدة تعمل في مجال “التنشيط السياسي”، على دعم مالي من “جهات أجنبية”، في أقل من سنة، بقيمة 3 مليارات من السنتيمات المغربية.
تناسل الأخبار في موضوع “الدّعم المـــالي للجمعيات” لابُد وأن يكون الدّافـــع إلى تناسل هذه الجمعيات حيث إن عدد الجمعيات التي شاركت في الحوار الوطني حول المجتمع المدني، لسنة 2014، كان فوق 116 ألفا و 836 جمعية وصدرت عن هذا اللقاء الجمعوي 240 توصية يعلم الله كم عددا منها خضع للدراسة ودخل حيز التنفيذ !…
وعلى مُستوى الدَّعــم العمومي الوطني لهذه الجمعيات، فقد انتقل هدا الدعم من 880 ألف درهم سنة 2010 إلى ما يزيد عن 1 مليار و 44 مليون درهم، سنة 2014 …والخير في تزايد وتدفق، والحمد لله.
وفي حديث آخر، فقد عُلم أن وزارة الداخلية تتّجهُ نَحْوَ حَلّ جمعيات تلقَّت دَعْمــًا بالمليارات من جهات أجنبية، والله أعلم !!!…..
اهذا، بينما كَشف الوزير عبد العزيز العماري ، مُؤخرًا، عن وُجــود مَشروع لـــلإعداد “مُدونة الحياة الجمعوية”، لتطوير المنظومة القانونية بهدف النهوض بعمل الجمعيات وضمانة الشفافية ، في ما يخص الدعم الوطني والخارجي بوجه خاص وتوخي الحذر من أن يرتبط هذا الدعم بأمور تتعلق بالسيادة الوطنية !!!…..
و…..على سَلامتكم، نعم آس !