“شعبويّة”…آلسّي بوسعيد ! ؟…..
جريدة طنجة – عزيز گنوني (إلغاء تقاعد البرلمانيين)
الجمعة 15 يناير 2016 – 10:51:56
قبيلة “بني فيسبوك” اكتسحت الساحة السياسية، والاجتماعية، والإعلامية، بمنعة وصلابة، وأصبحت قوة مؤثرة في الرأي العام ، بل ومحركة للرأي العام، بشكل ملفت للإنتباه، طالما أنها تتحرك في كل الاتجاهات، وتدفع بتوجهات غالبا ما تتجاوب معها فئات واسعة من المواطنين لأسباب لابد وأنها تحتاج إلى عميق الدرس والتحليل من جانب أهل العلم و الاختصاص. ولا أدل على ذلك، حتى نبقى في محيطنا الجهوي، من “ثورة الشموع” التي تجاوبت معها مختلف فئات سكان طنجة، في إطفاء مصابيح “أمانديس” وإشعال الشموع، والنزول إلى الشارع ، “بنطام وانتظام”، وداخل توقيت محدد سلفا !…
وما ترتب عن تلك “الثورة” التي دعا إليها الفيسبوكيون، من ردود فعل على مستوى الحكومة المركزية والسلطات المحلية، بما فيها القوات العمومية التي “قامت بالواجب” كاملا،ــ شكر الله فضلها ــ معروف لدى الخاص والعام ( ! ) …ولا حاجة للرجوع إليه، ما دام رئيس الحكومة قد أعلن رسميا أن المشكل “انتهى” بعد أن وجدت له الحلول المناسبة، وقلنا آمين !
ومنذ أيام حرك الفيسبوكيون ألياتهم الثقيلة، في اتجاه الحكومة والبرلمان، مطالبين بإلغاء معاشات النواب والمستشارين، بهدف ادخار “زوج فرنك” التي يتقاضاها كل واحد من الـ 515 عضوا بمجلس النواب ومجلس المستشارين. هذه الدعوة قوبلت، في البداية، بنوع الاستخفاف والسخرية ، سواء من طرف من يعنيهم أمر صرفها أوالتصرف فيها ، ولكن الجميع استشعر “الخطر” في ما يمكن أن يؤول إليه الوضع، وانخرط في البحث عن الحلول.
وأمام إلحاح فئات عريضة من الرأي العام الوطني المناهض لاستمرار استفادة البرلمانيين من تقاعد “زوج فرنك” التي يصل صرفها بالعملة الوطنية إلى 8 آلاف درهم صافية، يتقاضاها “نواب ومستشارو الأمة” عند نهاية كل شهر، سواء حضروا أو تغيبوا أو حتى قالوا ــ من القيلولة طبعاــ ، ورغبة في امتصاص “غضب” الشعب الذي يواجه ظروفا اقتصادية صعبة بسبب “مشاريع الإصلاح” التي ترجمتها على أرض الواقع، سلسلة الزيادات في “كل شيء” وقرارات “رفع اليد” عن دعم المواد الأساسية، التي باشرتها الحكومة وبررها وزير المالية بوسعيد بكونها “تصب كلها في مصلحة الشعب”، وخشية، ربما، من أن تنتقل المطالب “الفيسبوكية” إلى الشارع، في كل قرية ومدينة، كما كان الشأن بالنسبة لـ “ثورة الشموع”، انخرطت الحكومة والأحزاب السياسية في عملية “استباقية” بغاية “تلطيف الجو” قبل الانتخابات التشريعية المقبلة.
وفي هذا الإطار، دعا رئيس الحكومة ، في لقاء مع شبيبة حزبه، إلى الحذر حين تناول موضوع “تقاعد” البرلمانيين، تناوبا “شعبويا”، ودون بينة، وبمزايدات سياسوية ، مدعيا أن “كل ما يروج عن تعويضات وتقاعد المسؤولين “ليس صحيحا” مؤكدا أن تقاعد البرلمانيين تنظمه اتفاقية بين البرلمان وشركة خاصة حيث يساهم فيه البرلمانيون بقدر معين من تعويضاتهم. وأضاف أن كل برلماني يريد أن يتخلى عن معاشه ما عليه إلا أن يتوجه إلى الشركة الخاصة ليسترجع المبالغ المقتطعة بموجب “الاتفاقية” المذكورة.
وأشار إلى أنه غير مؤهل لإلغاء معاش البرلمانيين الذين عليهم أن يقرروا ما يريدون بهذا الشأن، “بكل حرية”، ولكنه استدرك قائلا، “ولكن، من رأيي ألا نحرم البرلمانيين من معاشهم بعد وصولهم سن التقاعد.
جميل، السيد بنكيران. لا أحد يمانع في تقاعد البرلمانيين، شريطة أن يمولوا تقاعدهم من أموالهم، وليس على حساب أموال الشعب. حقيقة إنهم يساهمون بمبلغ 2900 درهم تقتطع من “تعويضاتهم”، ولكن البرلمان “يمول ” تقاعدهم، من الأموال العمومية بما يعادل نفس هذا المبلغ. . فما عليهم، والحالة هذه، إلا أن يتعاقدوا مع تلك “الشركة الخاصة” أو مع غيرها من شركات التأمين من أجل تقاعد على مقاسهم وليس على حسابنا نحن. لأنه لا حق لهم علينا فوق الملايين الثلاثة التي ننعم بها عليهم، دون أن نحاسبهم على غيابهم أو على نومهم خلال الجلسات العامة ـــ والأمر موثق بالصور” أو تمددهم واسترخائهم على الأرائك المريحة أو على “الامتيازات” التي يحظون بها “تحفيزا لهم على الحد من تغيبهم، ، أو حتى على “البونية” التي تم تبادلها بين زعيم حزب سياسي “عريق” ومناضل من نفس الحزب، دقائق بعد ترؤس جلالة الملك إفتتاح دورة برلمانية……. إلى أخره !
وهاهي الأحزاب السياسية، تتسابق في الإعلان عن مقترحات قوانين تخص “تعديل” نظام معاشات البرلمانيين، رفعا للإحراج إزاء المعارضة الشعبية العارمة لعملية تسديد معاشات البرلمانيين من المال العام. والحال أن معظم تلك الأحزاب تتفق على إلغاء مساهمة الدولة في تمويل ذلك النظام، (تزامنا مع إلغاء دعم الدولة لبعض ضروريات العيش بالنسبة لفقراء المغرب الذين يشكلون فوق 80 بالمائة من سكان البلد) وفي هذا الإطار تندرج مقترحات الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية وبدرجة أقل حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي ، بينما الحركة الشعبية يسبح ضد التيار باقتراحه، عند بداية الولاية التشريعية الحالية، “توريث” معاش البرلمانيين !!! ….
أما حزب التجمع الوطني للأحرار، فلا موقف له من هذه القضية، ولم يصدر عنه ما يفيد أنه سينخرط في هذه العملية.
وقد احزنني كثيرا “خطاب تحد” بئيس ورديء ، ألقاه برلماني بمجلس النواب، حمل فيه بشدة على الذين يدعون إلى إلغاء معاشات البرلمانيين واتهمهم بالتشويش على الحكومة، وقال، وهو يوجه الكلام إلى الرئيس الطالبي العلمي ،إن الذين يعادون الوزراء والبرلمانيين “واهمون” وأن معاشات البرلمانيين باقية ومعاشات الوزراء باقية، والذي أعطانا أخته ،”يجي ياخذها” . المؤسف أن هذا الكلام الساقط الذي لا يليق بهيبة البرلمان في بلاد الله المتحضرة، المسؤولة، أضحك كثيرا رئيس مجلس النواب وقوبل بالتصفيق من طرف النواب الحاضرين.
واغتنم وزير المالية محمد بوسعيد فرصة لقاء بوكالة “لاماب” ليعتبر أن “البرلمانيين يستفيدون من تقاعد تكميلي، والكرة في ملعبهم، لأنهم هم من يشرعون، وبإمكانهم سن تشريع لإلغاء معاشاتهم”، داعيا إلى “نقاش هادئ حول الموضوع، بعيدا عن الشعبوية”، “الشعبوية” آلسي بوسعيد، والحال أنك تصرف ملايير السنتيمات من أموال الشعب، لتسدد حصة الدولة في “تقاعد” البرلمانيين، “لأنهم هم من يشرعون”، وهل تنتظر منهم أن يشرعوا بإلغاء معاشاتهم “الغير معتادة والغير مستحقة، خاصىة والإحصائيات تقول إنه يوجد أزيد من 730 برلمانيا متقاعدا يستفيدون من حوالي 57 مليون درهم سنويا و 186 مستشارا يستفيدون من نظام معاش بما يناهز 17 مليون درهم.
“شعبوية”…قال !!!……..
التسيّب والاستيلاء على أملاك الغير ..!طنجة نموذجًا
_____________
بقلم : عزيز كنوني
azizguennouni@hotmail.com