تصميم تهيئة مدينة طنجة.. اختبار حقيقي للعمدة العبدلاوي
جريدة طنجة – محمد العمراني ( “تصميم تهيئة طنجة” )
الثلاثاء 12 يناير 2016 – 16:06:45
وبالعودة للتّعـريف الـّذي يجمع عليهِ المُتخصُّصون، نَجد أن تَصميم التّهْيئة يهدفُ إلى :
1- تحديد المواقع المخصصة للتجهيزات الجماعية والمنشآت ذات المصلحة العامة، التي يتولى إنجازها القطاع الخاص كالمراكز التجارية و المراكز الترفيهية.
2- تحديد الأحياء والمآثر والمواقع التاريخية أو الأثرية والمواقع والمناطق الطبيعية كالمناطق الخضراء العامة أو الخاصة الواجب حمايتها، أو إبراز قيمتها لأغراض جمالية أو تاريخية أو ثقافية وكذلك القواعد المطبقة عليها، إن اقتضى الحال ذلك..
3- ضوابط استعمال الأراضي والضوابط المطبقة على البناء، خصوصا تحديد العلو الأدنى والأقصى للمبنى، ولكل جزء من أجزائه، وطريقة تسييجه، وشروط إقامة العمارات وتوجيهها، ومواقف السيارات المسقفة أو المكشوفة، والمسافات الفاصلة بين المباني ونسبة المساحة الممكن إقامة البناء عليها بالقياس إلى المساحة الإجمالية للأرض والارتفاقات المعمارية.
وإذا كانت وثيقة تصميم التهيئة لها كل هاته الأهمية، فما بالك بمدينة في حجم مدينة طنجة، بديناميتها الاقتصادية المتسارعة، و بالمشاريع الهيكلية التي تعرفها على مستوى بنياتها التحتية، المندرجة في إطار مشروع طنجة الكبرى، والذي رصدت له ما يناهز 760 مليار سنتيم.
ولذلك فإن تصميم التهيئة المرتقب أن يتداول بشأنه مجلس مدينة طنجة في الأسابيع المقبلة سيكتسي أهمية بالغة على مستقبل عروس الشمال، مثلما سيكون اختبارا حقيقيا لعمدة مدينة طنجة، البشير العبدلاوي، ولحزب العدالة والتنمية المتحكم في دواليب تدبير شؤون مدينة طنجة، بتفويض شعبي من طرف الساكنة.
لا يخفى على عمدة طنجة وعلى حزب العدالة والتنمية أن الوثيقة النهائية لتصميم التهيئة سيتم تقييمها من منطلق مدى تقيدها بالعدالة المجالية، و بمدى حمايتها لمصالح وحقوق الساكنة.
هناك مؤشرات عديدة على أن تصميم تهيئة مدينة طنجة سيكون مجزرة حقيقية، الضحايا هم مواطنون أبرياء، سيجدون أنفسهم بين عشية وضحاها وقد انتُزِعت منهم عقاراتهم بدعوى إنجاز مرافق عمومية، ومساحات خضراء.
و حيث أن إقرار وثيقة تصميم التهيئة في صيغته النهائية، سيعتبر إعلانا رسميا بنزع ملكية عقارات المواطنين التي ستُنجز بها التجهيزات العمومية من طرق ومساحات خضراء ومرافق تجارية.
الأخطر من ذلك أن مَالِكي العَقــارات التي ستقام بها التجهيزات لا يحق لهم التصرف فيها لمدة عشر سنوات، حتى ولو لم يتم إقرار مساطر نزع الملكية.
ومن خلال ما تسرب عن الصيغة النهائية لتصميم التهيئة، الذي سيحال على مجلس المدينة، فإن القيمة التقريبية للعقارات التي يفترض أن يشملها قرار نزع الملكية ستتجاوز 200 مليار سنتيم!
البشير العبدلاوي يعلم جيدا أن الإمكانيات المالية لمجلس المدينة لا تسمح له بأداء هاته المبالغ الضخمة، خصوصا أن جماعة طنجة مدينة لعشرات المواطنين بما يربو عن 60 مليار سنتيم، عبارة عن أحكام نهائية لقضايا نزع الملكية يعود بعضها إلى عشرات السنين، ومع ذلك لم يتوصلوا إلى حدود اليوم بمستحقاتهم..
فإذا كانت الجماعة الحضرية غارقة بديون قرارات نزع الملكية، فالأجدر به أن يؤدي ما بذمة الجماعة أولا، قبل أن يفكر في نزع ملكية عقارات جديدة.
هناك تخوف حقيقي يسود قطاعات واسعة من ساكنة المدينة بخصوص ما سيحمله تصميم التهيئة من مستجدات، أخذا بعين الاعتبار أن قرارات إحداث مرافق عمومية ومساحات خضراء غير محكومة بمساطر شفافة وواضحة، بل تحكمت فيها المزاجية، بدليل أن هناك عقارات سيتم انتزاع ملكيتها بالكامل، في حين هناك بعض المحظوظين ممن سيستفيدون من هدايا تصميم التهيئة، وسيصبحون بين عشية وضحاها من أغنياء المدينة.
من المؤكد أن الأنظار ستتوجه إلى قصر بلدية طنجة لمتابعة كيفية تعاطي الحزب المتحكم في دواليب تسيير المدينة مع مسطرة إخراج تصميم التهيئة إلى حيز التطبيق، والعمدة يعلم جيدا أن عرض الوثيقة على المجلس للتداول فيها، لا يعطيه حق فرض تعديلاته، بقدر ما تكون ملاحظاته للاستئناس فقط، ولذلك فالعمدة لا خيار له إن أراد إنصاف المواطنين أن يفرض مُلاحظاته قبل عرض التَّصميم على أنظــار المجلس، وهذا الخيار يتطلب الكثير من المقاومة، والتمسك بالدفاع عن مصالح المدينة والساكنة…
الكُرة في مرمى السيّد العمدة والكل سيُتابــع هَذا الاختبار الصَّعْب..