الوطن الحب ..
جريدة طنجة – حمزة الحَسّاني بنطنيش ( الوطن )
الجمعة 22 يناير 2016 – 11:27:49
قبْلَ الاسترسال، اتوقف مع تَعريف شخصي أستحسنه للحُب، وهو بالمُختصَر، الوَاضح على ما أعتَقد: هُـــو اللاعنف. من أكبر الذين رَوّجوا لهذا المفهوم، وعــــاشوا على نهجه، هُم المتَصوفة، على مرِّ الأزمان، ما ذهبَ جيل إلا خلفه آخر، وتجربتهم قائمة على المحبة، وأستاذنا في المجال، وأشد من نبغ واشتهر، هو مولانا جلال الدين الرومي قدس الله سره. أتخيل الوطن جسما، وقلبه النابض، الذي يضخ له دم الحياة، هو المحبة، وبدونها هو جثة خامدة لا جدوى منه، ولا فائدة ترجى منه. هذه المحبة يجب ان يمتلئ به صدر الجندي، والعامل، والفلاح، والمستخدم … وإذا انعدمت، وجد ضدها، فالطبيعة لا تقبل الفراغ، إما حب أو كره. عاش الوطن ألما عسيرا هاته الأيام، وأهين حملة مصباح ديوجن، وأشبعوا ضربا وعنفا، وتعسفا .. فمنهم من أعمي، ومنهم من أغمي عليه، ومنهم من كسر.. المشكل ليس عندنا في تمرير المرسومين، أو إبطالهما، فهذا موضوع مستقل، المشكل كله يكمن في كيف تتعامل قواتنا مع المتظاهرين ؟ فرضا ولو طالبوا بباطل، هل نعاملهم كأنهم عدو في حرب ؟ لو كنا نتسم بالحب في صدورنا، لما عنفنا أحدا، ولا اضطهدنا أحدا أو أهنناه..
الدستور وهو أسمى قانون في الوطن، يحرم التدخل بكافة أنواعه، مهما كانت الأحوال والظروف، فلم يتم خرق أسمى قانون بالبلد، أمام مرأى ومسمع الجميع ؟ موظفوا الدولة، أجرتهم من المال العام، والكسوة الرسمية لهم ممولة منه أيضا، إذن كيف للوطن أن يطعمهم ويلبسهم ويوظفهم، ثم يحاربوه ؟ لا بد وأن يكون تواجد للحكمة واللين في كل معاملتنا، وأن نعيش بالأخلاق، بالحب، باللين، بالحكمة، وأن نحفظ كرامة بعضنا البعض، لأننا كلنا ولدنا من رحم وطن واحد، حتى لا يسير بنا الزمن في هذا الوطن إلى ما لا تحمد عقباه، إذ التخريب بكافة أنواعه، الأخلاقي، العمراني… هو أسهل من البناء، فحذار ثم حذار من السير على هذا الطريق، الذي لا فائدة تتوخى منه. ولا نضحك على بعضنا البعض، ونبرئ ذممنا من المسؤولية، ونتهم المظلوم بأنه فبرك الصور، والمقاطع المنتشرة، حتى نبين أننا دائما على صواب. إن كنا حقا نحب هذا الوطن، فلندافع عن قضاياه، نناصره، نفتخر بأبنائه، نسعد بخريجي مؤسساته، لا أن نكرمهم من مائدة (الزرواطة) ، وكأننا في عصور ما قبل التاريخ ! ثم رأينا نقاش معاشات البرلمانيين والوزراء، والجل يتلذذ بها، معتدا بالوزارة والبرلمان توظيفا لا تكليفا، وهذا جشع في المال العام، باسم الوطنية.
أختم كلماتي هاته، بجملتين مفيدتين أستحسنهما من مقالاتي : الوطن: يسكننا قبل أن نسكنه. حاجتنا إلى الحب: كحاجتنا إلى الاقتيات، حِفاظا على الحَياة الكَــريمة.