إثارة الجدل ترافق لجوء رئيس الحكومة إلى “سيَاسَة القَـسَم
جريدة طنجة ( رئيس الحكومة وسياسة القَسَم)
الثلاثاء 19 يناير 2016 – 10:22:13
في هذا الإطار قال محمد عبد الوهاب العلالي، الخبير في التّواصُل السياسي، إنّـه “كـانَ جَديرًا برئيس الحكومة أن يتخذ قراره ويبرره باستخدام الحجج والدلائل الأكثر ملاءمة ومصداقية، دون اللجوء إلى القسم، خاصة أن اللجوء إلى القسم، مهما كان السياق، يراد منه عموما الاستبداد بالرأي، بل وحتى بالقرار، وكذلك رفض الحوار والرأي الآخر، وقد يراه أغلب الناس متصلبا وتعسفيا”.
وأشار العلالي، في حديثه مع هسبريس، إلى أن “رئيس حكومة، كرئيس للجهاز التنفيذي، وهي مؤسسة مركزية في الدولة، يمكنه اتخاذ أي قرار أو أي موقف شاء، لكن مع استعداده لتحمل مسؤولية وعواقب قراراته أيا كانت طبيعتها، دونما الحاجة إلى اللجوء من الناحية السياسية والأخلاقية إلى القسم”.
وأكد منسق شعبة التواصل السياسي بالمعهد العالي للإعلام والاتصال أنه “قد يفهم من قسم رئيس الحكومة أنه نوع من التحكم أو التسلط” معتبرا أنه “مناف للدستور الذي ينص على مبدأ الديمقراطية التشاركية والعدالة الاجتماعية”.
وشدد المتحدث ذاته على أن “قضية الأساتذة المتدربين في حاجة إلى الحوار والمعلومات الواقعية والموثوقة، وإلى حل المشكلات، وليس اللجوء إلى القسم كممارسة تنفي الحوار، وقد تفتح الباب أمام التصعيد والانفتاح على المجهول وردود الفعل الحادة”.
وزاد قائلا: “لا يمكن أن نرفض أن يقسم رئيس حكومة إذا تعلق الأمر بقضايا حيوية تهم الأمة، وقد يظهر فيها بمظهر الزعيم الذي يعمل على شحذ الهمم، كقضية الوحدة الترابية مثلا، التي تحظى بإجماع شعبي، ولكنه قد يظهر بمظهر المستبد أو المتسلط إذا لجأ إلى أغلظ الأيمان في قضايا اجتماعية أو إنسانية تتسم بالنسبية وتتطلب حلولا توافقية”.
من جانب ثان أوضح الخبير ذاته أنه في حقل التواصل السياسي يعد استعمال بعض المسؤولين للقسم أو لتمثلات تنتمي إلى الحقل الديني أمرا طبيعيا في المجتمعات ذات التركيبة المركبة، والفسيفساء الواسعة من العناصر التي تعبر عن التركيبة الفكرية والمعرفية لهذه الشخصيات، والتيارات التي يمثلونها”، مضيفا: “وهي مجتمعات لم تستبطن على نحو كاف القيم المدنية التي جاء بها التطور السياسي للمجتمعات الحديثة، التي تبعد التمثلات الدينية عن الفضاء العام”.
من جانبه أوضح رشيد لزرق، الأستاذ في العلوم السياسية والقانون الدستوري، أن “قسم بنكيران يثير مجموعة من الملاحظات، أبرزها أنه يعيد النقاش حول علاقة الدين بالسياسية، الذي كان يفترض أن الوثيقة الدستورية حسمته من خلال التنصيص على إسلامية الدولة ومسؤولية الحكومة”، حسب قوله.
كما أشار المتحدث إلى أن “تصرف رئيس الحكومة يحمل نزعة من التحدي”، قال إنها “يمكن أن تدخل الوطن في مقامرة غير محسوبة النتائج بين فريق بنكيران وجزء من أبناء الشعب المغربي”، مشددا على أنه “كان يجب التوجه نحو التفاوض الذي يقتضي مشاركة طرفين أو أكثر (أي الحكومة والأساتذة المتدربين)، في إطار السعي إلى إيجاد حل مرضي غير عنيف لقضية تهم الطرفين، مع الأخذ بعين الاعتبار واقع كل منهما”.
وزاد لزرق قائلا: “قسم رئيس الحكومة أغلق عمليا باب الحوار الذي وجب أن يكون داخل المؤسسات، وفتح المجال للتحدي بين الطرفيين، في وقت تمر فيه البلاد بظرفية حساسة.. هذا التصرف لا يتناسب مع حكمة رجل الدولة الذي يدبر الأمور وفق التفاعل الإيجابي والنقاش البناء”.
* المصدر –هسبريس



















