أسكّاس أمباركي 2966
جريدة طنجة – عزيز كنوني (بداية التقويم السنوي للأمازيغ )
الثلاثاء 19يناير 2016 – 17:26:21
السنة الأمازيغية لم تنطلق من حدث ديني كما هو الشأن بالديانات الإسلامية أو المسيحية أو حتى اليهودية، بل من حادث سياسي أرخ لوصول “فرعون” أمازيغي إلى عرش مصر.
ويطلق الأمازيغ على الشهر الأول من سنتهم اسم “ينير” وتعني الشهر الأول كما يطلق على هذا الشهر اسم ” تاكورت أوسوكاس” ويعني باب السنة وكذلك “نض ؤ فرعون” وتعني ليلة فرعون.
وهذا بيت القصيد.
ذلك أن هذا اليوم يخلد، وفق روايات الأمازيغ، وصول قائد أمازيغي إلى عرش الفراعنة، بعد انتصار مدو على جيوشه، وقيام حكم الأسرة الثانية والعشرين الذي دام زهاء القرنين، من 950 إلى 730 قبل الميلاد.
الأمازيغ ينفون عنهم وصف الغزاة” بل يعتبرون أن انقضاضهم على عرش الفرعون كان دفاعا عن النفس وعن الوجود أمام الهجمات والغارات التي كان يشنها عليهم في واحاتهم اللوبية، جيوش الفراعنة، حيث تجتاح أراضيهم وتنهب خيراتهم ويساق الرجال والنساء في قبائلهم عبيدا لفراعنة مصر.
الأمازيغ يدفعون بأن وصول “جدهم” شيشنيق إلى العرش كان نتيجة عوامل اجتماعية واقتصادية وسياسية كثيرة خلقت حالة من التدمر والاحتقان داخل المجتمع المصري، الأمر الذي دفع المصريين إلى “الثورة” وساعد شيشناق على الانتصار على جيوش الفراعنة.
فمن هو شيشينق هذا ؟
ينحدر شيشنيق من قبائل المشواش اللوبية، وتتفق المراجع التاريخية على أن نسبه يرجع إلى أسرة من مدينة إهناسيا، وأنه شيشنق بن نمرود بن شيشنق بن باثوت بن نبنشي بن ماواساتا بن بويو واوا.
أسس الأسرة الفرعونية الثانية والعشرين في عام 950 ق.م التي حكمت قرابة قرنين من الزمان. وكان قد تزوج ابنة آخر فراعنة الأسرة العشرين “بسوسنس” حوالي العام 940 ق م. ودامت الأسرة التي أسسها شيشنيق حوالي مائتي سنة.
ومن علامات ذكائه أن كان أول عمل قام به هو تعيين ابنه “أوبوت” كاهنا أعظم لـ “طيبة” حتى يضمن السيطرة على هذا المركز الديني الهام. ثم تفرغ لتحقيق برنامج عمراني واسع ما تزال آثاره شاهدة على عظمته إلى الآن، ومنها بوابة شيشنيق أو بوابة النصر، وسجل، كعادة الفراعنة الذين سبقوه، أخبار انتصاراته على أعمدة هذه البوابة وعلى معبد الكرنك. كما سجل أخبار أسرته وانتصاراته في كل من فلسطين والشام والسودان التي وحدها في منطقة واحدة تحت نفوذ أسرته.
وتروي بعض التنقوش على الكرنك، غزوته لفلسطين التي عظم شأنها أيام الملك داود حيث قام ، وبعد موت نبي الله سليمان، بتدمير عشرات المدن اليهودية ، ونهب خزائن “بيت الرب” بما كانت تحوي من نفائس الذهب والفضة.
وبهذا ورد ذكره في التوراة كملك يريد أن يبسط نفوذه على كامل المنطقة. ورغم تحالف مع ملك مملكة شمال فلسطين يربعام إلا أنه عاد وهاجم كل فلسطين ودمر القدس وسبا أهلها كما يتضح من نقوشات معبد الكرنك.
وبعد وفاته تولى الحكم ولده “أوسركون الأول” من 929 إلى 893 الذي خلفه على العرش “تاكيلوت الأول” لمدة فاقت 23 سنة، (893 ـ 870) ثم حكم “أسركون الثاني” بين 870 و 849، ثم “شيشنيق الثاني”ؤ بين 849 ـ 847 ، ثم “تاكيلوت الثاني” بين 847 ـ 832، ثم تولى العرش بعده “سيسونخس” أو شيشنق الثالث من 832 إلى 772 ليؤول العرش بعده إلى “بمي” سنة 767 ثم “حورسا إيزيس لتنتهي الأسرة 23 الأمازيغية.
بيْنَ الحقيقة والأسطورة
تعترضنا روايتان متباينتان يصعب التحقق من مصداقيتهما لتضارب المراجع بشأنهما. هل استولى الأمازيغ على عرش الفراعنة بالقوة بعد أن هزموا جيوش رمسيس االثالث وأطاحوا بعرشه، انتقاما منهم للهزائم التي ألحقها بقبائلهم اللوبية، وأنشأوا الأسرة الفرعونية الثانية والعشرين، أم إن شيشنيق ، بعد تضعضع الحكم تسلم العرش عن طريق السلم، والكفاءة في المناصب الدينية والعسكرية التي تحملها خاصة وأنه كان مستشارا ورجل ثقة الملك الفرعوني الذي أطاح به.
وسواء أكان وصول شيشنيق إلى عرش فراعنة مصر سلما أو حربا، فإن هذا القائد الأمازيغي أبدع لنا تقويما آخر يعطينا فرصة الاحتفال بإخوتنا الأمازيغ و نعرب لهم عن متمنياتنا لهم ولأسرهم بالخير العميم، وبالمزيد من تحقيق الأماني والأحلام..