في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة .. في انتظار الفرج !…
جريدة طنجة – سُميّة أمغار (.فضاء الانثى.)
الخميس 03 شتنبر 2015 – 11:50:52
ذلك أن المرأةَ تعيش مُعـانـــاة قـــاسية ومستمرة في بلد نص دستوره، خاصة في فصله التــّاسع عشر، على أن الرجل والمرأة يتمَتّعـــان، على قِدمِ المُساواة، بالحُقوق والحُريات المَدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، والثّقــــافية، والبيئية، الواردة في الباب الأول من الدستور وفي مقتضيات أخرى ، وكذا الاتفاقيات والمواثيق الدولية ، مما صادقَ عليها المغرب، وكل ذلك فب نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها.
والمتتبع للشأن النّسائي يلاحظ غياب الآليات الكَفيلة بتفعيل هذه الحقوق التي تكرس فعلا، مساواة المرأة للرجل، والتي تعد سبقا حقيقيا للمغرب في هذا المجال مقارنة بغيره من دول العالم العربي والاسلامي.
وبخصوص هذه الآليات، تعمّدت الوزيرة الحقاوي، بالمناسبة، “إبراز” أهم “المستجدات” في مجال حقوق المرأة، ومنها مشروع قانون العنف ضد النساء، ومشروع قانون إحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز ومشروع القانون المتعلق بإحداث المجلس الاستشاري للأسرة والطفل، والمشروعان الأخيران تم “إدخالهما” مؤخرا إلى البرلمان، بعد طول انتظار، كما ذكرت بإحداث المرصد الوطني للعنف ضد المرأة وبالمنظومة المعلوماتية حول العنف ضد النساء كما ذكرت بخطة “إكرام” التي تروم تحقيق المساواة الحمائية والوقائية والتحسيسية والتوعوية .
وكدليل على أن كُل هذه الإجراءات إما أنها لم تفعل على أرض الواقع أو إنها كانت إجراءات نظرية، فقد نزلت إلى الشارع، الأربعـــاء الماضي، جمعيات حقوقية وأهلية، بـــإشراف تنسيقية “اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة” ، في وقفة احتجاجية بباب البرلمان، اتخذت لها شعار “لنتحد جميعا من أجل إنهاء العنف ضد المرأة” واستهدفت التعبير عن غضب المرأة المغربية من استمرار الوضع المزري الذي تعيشه في الألفية الثالثة، بالرغم من الجهود المبذولة من الهيئات النسائية ، ولعقود، من أجل لفت الانتباه إلى العنف المتفشي في المجتمع المغربي ضد المرأة، والذي يستهدف جميع الفئات العمرية والاجتماعية ويوجد في الفضاءات الخاصة والعامة ، في غياب قوانين تحمي النساء وتضمن لهن الحماية والوقاية، وجهات مسؤولة، تتكفل بالمعنفات و”الناجيات” من بين ضَحايا العُنْف.
ولا شكّ أن الإحصائيات التي أعدتها جهات مختصة، منها مندوبية التخطيط ومنظمات دولية ، على رمزيتها، تعطي نظرة على الوضعية الكارثية التي تعيش فيها نساء المغرب، في المدن والبوادي على حد سواء، والتي تؤدي ببعضهن إلى الانتحار للتخلص من العنف المنزلي المستمر والممنهج. الجمعيات النسائية لا تفهم هذا “التماطل” الممنهج في إخراج قانون مكافحة العنف ضد المرأة وكذا هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، وإصلاح القانون الجنائي بما يحفظ كرامة المرأة الإنسانية ويحميها من كل أشكال التمييز ويضع حدا للإفلات من العقاب بالنسبة للأزواج المعنفين لزوجاتهم.
ولا زالت الهيئات النسائية والحقوقية تطالب برفع جميع صيغ التحفظ على اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة وملاءمة التشريعات الوطنية معها وتفعيل القانون 103 .10 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء بما يتوافق مع المواثيق الدولية والإعلان العالمي لمناهضة العنف ضد النساء.
إلا أن برلمانية العدالة والتنمية نزهة الوافي طلعت على مشاهدي القناة الأولى وبرنامج قضايا وآراء، بما يثير العجب، خاصة والنائبة البرلمانبة البيجيدية كانت تبدو “مُنرفزة” وهي ترد على سعيدة عزيزي، الباحثة الاجتماعية، التي وإن اعترفت بالتّقدم الحاصل في مجال حُقوق المرأة بالمغرب إلا أنها وجهت انتقادات قوية للحكومة بشأن عدم تفعيل مبدإ التشارك في إعداد النصوص التشريعية المتعلقة بشؤون المرأة وأيضا بشأن التماطل الحاصل في إخراج القوانين المعلن عنها والتي لا زال بعضها في الرفوف.
من جانبهــا، المحامية سعدية وضاح، اعتبَرت أن العنف ضِدّ المرأة يُعتبر مَسًا خَطيرًا بكَرامة المرأة واعتداء على حقوقها الأساسية. وقــــالت إن العديد من النّساء المعنّفــات استطعن، في الأخير، كسْرَ جدار الصّمْت وتوجهن لمراكز الاستماع لعرض مشاكلهن. هذه المراكز التي تشتغل منذ سنة 2005، سلطت الضوء على العنف ضد النساء عبر تَقــــارير بموضوع أنواع العنف النفسي والقانوني والاقتصادي والاجتماعي والجسدي والجنسي، حسب سعيدة الادريسي منسقة مراكز الاستماع التي أكدت أن تلك التقارير دقت ناقوس الخطر بأن أبرزت أن لا عقاب ضد المعتدين، وأن خطاب المسؤولين خطاب تقليدي وأن هذا الوضع يكرس لا مواطنة النساء.
وفي هذا المعنى أضافت السعدية وضاح أنه لم يتم تفعيل الآليات التي وضعها الدستور لحماية المرأة من كل أشكال العنف والتمييز، وذكرت بأن القوانين الموجودة لا تساعد على حماية المرأة من العنف إذ تصطدم النساء المعنفات بجدار “الإثبات” بحصول العنف الزوجي، الاقتصادي والاجتماعي والنفسي والجنسي أو بحصول السرقة إذ لا سرقة بين الأزواج وفق القانون، ولكن السرقة تحصل بين الأزواج والقانون معطل ، ما يضطر المعنفات الراغبات في الإنصاف، في غياب هيئات الاستقبال والمرافقة، إلى التنازل والانسحاب…
نائبة البيجيدي كانت حريصة على إبراز منجزات الحكومة التي يقودها العدالة والتنمية، إذ بينت أن المغرب يوجد في “مسار تراكمي” بوجود إصلاحات كبيرة حيث إن إصلاح صندوق المقاصة مكن من تمويل مشاريع اجتماعية هامة . وتحدثت عن المجلس الاستشاري لحماية الاسرة، وقانون المناصفة والمركز الوطني لحماية المرأة وقانون دعم الأرامل والراميد. وهي أمور ما انفك وزراء ومناضلو البيجيدي يرددونها في كل مناسبة ومحفل…..
وتعمدت، وهي بصدد الحديث عن قانون 10.103 أن تذكر بأن المغرب دولة إسلامية وبأن منظومة القيم المغربية يجب أن تدعم وتعزز، وشددت على البعد الحضاري والاسلامي في المنطق الدستوري.
ولم تغفل أن ترد بعنف على سعيدة عزيزي من الأصالة والمعاصرة التي قدمت دفوعات قوية بشأن التراجع عن المكتسبات التي حققتها المرأة المغربية من طرف بعض من يرفعون إيديولوجيات معينة في وجه المكتسبات النسائية. وسعت النائبة البيجيدية التي رددت أكثر من مرة أنها تمثل البرلمان المغربي في البرلمان الأوروبي، في ردها إلى دحض دفوعات المشاركات في الندوة، وأعلنت، على طريقة “البروباغاندا” البروليتارية، أن حكومة بنكيران وفت بكامل وعودها وأقدمت على إصلاحات لم يقم بها من سبقوها وأن المغرب يتقدم وأن الرهان الأساسي اليوم هو على التربية والقيم والاعلام.
وقلنا آمين ! …
ولعلّ أحسن رد على النـــائبة المحترمة هو ما فاهَت به سيّدة أخذ رأيها في تحقيق سبق بداية أشغال الندوة التليفزيونية، حيث قالت : التّعْنيف موجود ولكنّنا نحن النّساء لا نجد بـابــًا مفتوحة لاستقبالنا والاستماع إلينا ومُساعدتنا، ولا حتّى من يتحدّث مَعَنـــا. كـــل الأبواب موصدة في وجوهنا أينما توجهنا…لنعود من حيث أتينا والرجا في الله، وما حِيلتنا ؟ !!!….