‫مَنحَ، يَمنحُ…..‬

والمستفيدون: الأحزاب السياسية، والنقابات، والنواب والمستشارون….واحبس ‪!‬….
أما الأحزاب، فإنّ حصتهم من كعكة ميزانية العام القادم بحول الله، لا تقل عن ثمانية مليارات سنتيم ونيف…ليشاركوا في لُعبة “الديمقراطية”….

في حين لا تَقِلُ حِصة النقــابـات عن مليار ونصف المليار من السنتيمات لينظّموا مسيرات باهثة…
وأما النّـواب، فقـد أنعمت عليهم الخزينة العـامـــة بمـــا يفوقُ 43 مليار و 242 مليون سنتيم منها 20 مليار لتغطية تعويضاتهم الشهرية و”معاشاتهم” المثيرة للجدل…..
ونفس الكَــرم يتجلّى في مُخصّصـات المستَشــارين التي زادَت عن 40 مليار سنتيم، حوالي 12 مليار منها لأداء التعويضات الشهرية والمَعـاشـــات “العُمرية” …..

ونظرًا لـ “هَـزالــة” التّعـويضـات بـالنّسبة للنـــواب كما للمستشارين، فإن السي رشيد والسي بنشماش، جبْرًا لخـاطــر النــواب والمستشارين، وبعْدَ أن جَرَبــــا كــل وسائــل التَّهـديد والتّـرغيـب و الإغــراء، ليقلـــع “نواب الأمة” عن عـادة “الغياب” الغير مبرر، لا في الجلسات العامة ولا في جلسات الأسئلة، ولا حتى في اجتماعات اللجان، قرَرَا إضافة “الخل إلى الخميرة“، ومنح النواب “دعما ماليا استثنائيا” بمبلغ 500 درهم يوميا، في كل ليلة مبيت ” ولكل نائب تكرم بزيارة “القبة” والتبرك بها دون أن يكون ملزما بتبرير زيارته التي قد تكون “زيارة ود ومجاملة” ليس إلا…. ولا حرج عليه في أن يمارس هواية “القيلولة” اللذيذة، أو لعبة الكارطا الإليكترونية، أو “الستريبتيز” الشهيرة بالكشف العلني عن “الكرش اللي ما فيها عجين”، أو حتى بممارسة رياضة الضرب والغض والخنق، كما حدث ذات يوم لزعيم سياسي مشاغب مع مناضل أكثر منه شغبا، على مرأى ومسمع من الأمة…..

السي رشيد لم يكتف بالخمسمائة درهم ، هدية خالصة لوجه الله، بل ضاعفَ “عَطــــاءاته” لأعضاء مجلسه، “تشجيعا” لهم و “تحفيزا” على الحضور وكأنّهُـــم “يتجمّلــــون” على الأمة بحضورهم للبرلمان، وكأنهم ليسوا “ملزمين” بالحضور بعد أن ندبــــوا أنفسهم لــ “خدمة” الأمة، قلت، الحبيب السي رشيد قدم للنواب “كادوات” هدايا إليكترونية، هواتف ذكية “جدا” باشتراكات مجانية، عابرة للقارات، ما دام الخير موجود. “وما يحسب إلا المزلوط” ( ‪!‬ ) ….كما يقول المثل التطواني الشهير.. وحيث أن كل هذا الكَرم لا يكفي، فقد تم حجزأربعة فنادق قريبة من البرلمان لاستقبال “السادة النواب”، خلال “مرورهم” بالرباط لــ “حضور” أشغال البرلمان، بتعويض 500 درهم عن كل ليلة…يؤديها السي رشيد، عن طيب خاطر…. كما تم الاتفاق مع شركة لتوزيع الوقود من أجل تزويد السيارات الخاصة “للسادة النواب” بثمن تفضيلي لا يتعدى 25 بالمائة عن كل لتر.

كل هذا “الخير” من أجل “تشْجيع” النــُواب على حضور جلسات البرلمان، وكأنّنـــا انتخبناهم لأمر آخر غير الحضور بالبرلمان….

ومع ذلك فقد اشتكى النواب من أن الفنادق المتعامل معها ليست كلها في “المستوى” وطالبوا بـ “شقق مفروشة”…..توفر اعتبارا أكبر وسرية أتم، مما توفره غرف الفنادق ‪!!!‬ ….

المستشارون، وأمام شعور طاغ بـالحَيْف، مُقـــارنة مع زملائهم بالغرفة الأولى، مارسوا ضغطا قويا على بنشماس، من أجل الاستفادة من نفس الامتيازات التي يتمتع بها أعضاء مجلس النواب. ولكن السي بنشماس كان أكثر كرما وإيثارا من زميله الطالبي العلمي، حيث خصص للمستشارين مبلغ 800 درهم يوميا للإقامة بالرباط طيلة أشغال مجلس المستشارين، شريطة أن يلتزموا بالحضور ويدلوا بفاتورة الفندق التي يتولى فحصها والتأكد من سلامتها خمسة موظفين انتدبوا لهذا الغرض من طرف الأمانة العامة للمجلس. …..

آخر مفاجآت مجلس المستشارين أن نواب حزب “فلاحي” ما أن أخذوا مقاعدهم بالغرفة الثانية، حتى تقدموا باقتراح يغير ويكمل القانون المتعلق بنظام معاشات البرلمانيين، بهدف “توريث” المعاشات “العمرية التي يتمتع بها البرلمانيون، لدوي الحقوق : الزوجة الأرملة أو الزوجات الأرامل، مثنى وثلاث ورباع، أو الزوج الأرمل “الوحيد” ما دام التعدد أمر يختص به الرجال من أهل القوامة، ولا تستفيد منه الزوجات المستشارات ولا النائبات، وكذا الأيتام، بعد وصية أو دين ‪!‬…..

مقترح “التوريث” المعاشي ليس حديث العهد، بل إنه يثار منذ سنة 2006، ويثير في كل مرة جذلا واسعا داخل كواليس البرلمان وفي الشارع السياسي حيث تطالب حركات أهلية بإلغاء تقاعد البرلمانيين الذي يكلف الخزينة العامة الملايير كل سنة في إطار ميزانيات المجلسين (43 مليار بالنسبة لمجلس النواب و 40 مليار للمستشارين )، فضلا عن ملايين أخرى تصرف في باب التعويضات المتعددة….

المطالبون بالتوريث يستدلون بكون أنظمة التقاعد التي تهم موظفي وأعوان الدولة ومستخدمي المؤسسات العمومية تصرف معاشات قابلة للتحويل لفائدة ذوي الحقوق.

والسؤال.
هل النيابة البرلمانية وظيفة أم انتداب تطوعي؟ وهل يتقاضى النواب تعويضات أم أجورا ورواتب؟ ولماذا إذن، تساهم الدولة بحوالي 3000 درهم شهريا عن كل برلماني من أجل أن يستفيد من معاش بقيمة ألف درهم عن كل سنة “نيابية” والحال أنه لن “يشتغل” في أحسن الأحوال إلا خمس سنوات؟
هذا مع اعتبار أن البرلماني يؤدي واجبه النيابي حضورا ومشاركة ومراقبة وساهمة في النقاش التشريعي على مستوى اللجان المختصة أو الجلسات العامة….

كثيرا من العمل وقليلا من…الفشوش، يا عباد الله، تلك فلوس الشعب، فلا تقربوها ‪!!!‬”‪!!!‬…..