طنجة الخامسة عالميا في تقرير البنك الدولي حول تنافسية المدن في العالم
جريدة طنجة – عزيز كنوني ( تقرير البنك الدولي )
الثلاثاء 22 شتنبر 2015 – 16:15:45
وفي ما يخص المغرب، فإن اختيار البنك العالمي وقع على طنجة، كمدينة حققت تطورا هائلا لاقتصادها، ولكونها تشكل رافعة للاستثمارات المباشرة الخارجية (IDE ) بفضل مينائها المتوسطي الذي مكن من جلب استثمارات أجنبية مهمة ، خاصة في مجال صناعة السيارات والصناعات المرتبطة بهذا القطاع، وصناعات أخرى متنوعة.
فخلال الفترة ما بين 2003 –2012، مكنت الاستثمارات المباشرة الخارجية، من تحقيق موارد بقيمة 3,7 مليارات دولار، ساعدت على اطلاق 61 مشروعا اقتصاديا كبيرا وعلى خلق 27.219 فرصة شغل جديدة بالمنطقة.
وبذلك ارتقت مدينة طنجة، إلى الرتبة الخامسة، عالميا، على مستوى الاستثمارات المباشرة الخارجية، بالنسبة للناتج الداخلي الخام. في حين مثلت فرص العمل التي تم إيجادها ما بين 2005 و 2012، ثلاثة أضعاف ما أوجده المغرب قاطبة من فرص الشغل ، والتي لم تتعد نسبتها 2,9 بالمائة ، متجاوزا نمو الناتج الداخلي الخام بنسبة العشر.
وجاء في تقرير البنك العالمي إشارة إلى مدينتي مكناس ومراكش، باعتبارهما مدينتين يتوفران على مؤهلات تنافسية كبيرة بحيث نجحت المدينتان في الولوج إلى كوكبة المدن العشر التنافسية بمنطقة الشمال الإفريقي والشرق الأوسط، في ما يخص إيجاد فرص الشغل وتحقيق نمو سنوي للناتج الداخلي الخام بالنسبة للفرد، نعادل 10 بالمائة.
مؤهلات التنافسية
تقرير البنك العالمي خصص جانبا من تحليلاته للتعريف بالمؤهلات التي تخلق تنافسية المدن والوسائل التي تمكن المدن من تطوير اقتصاداتها موضحا أنه لو تمكنت المدن المتوسطة الإمكانات من تطوير اقتصادها على غرار المدن الأكثر تنافسية، لكان في الإمكان خلق 19 مليون فرصة شغل، فقط خلال سنة 2012. وحيث أن 75 بالمائة من فرص الشغل الجديدة يوجدها القطاع الخاص، فإن على مسؤولي البلديات أن يتدبروا أمر العمل على تطوير القطاع الخاص وفتح المجال أمام المستثمرين لتوسيع نشاطهم التجاري والصناعي في ظروف مواتية.
ذلك أن المدن تمثل المستقبل، لأنها تشكل تجمعات سكنية هامة ويمكنها أن تشكل بوتقة التطور والتنمية والتجديد، كما أنه يمكن أن تشكل بؤر الفقر والهشاشة والبطالة، لكن مفتاح انطلاق مؤهلاتها وإمكاناتها المختلفة يكمن ، جزئيا، في تحسين تنافسيتها بهدف أن تتحول من مدن بمؤهلات متواضعة، إلى مراكز حضرية غنية ، تفتح الطريق أمام تنامي المقاولات الصناعية وتقوية الانتاجية والموارد.
وحسب المعطيات المتوافرة، بخصوص الفترة الممتدة ما بين 2005 و 2012، فإن 10 بالمائة من المدن التنافسية سجلت نموا بنسبة 13,5 بالمائة لناتجها الداخلي الخام السنوي، بالنسبة للفرد الواحد ضد 4,7 بالمائة بالنسبة للمدن الأخرى المتوسطة المؤهلات التنافسية. كما أن التشغيل حقق قفزة هائلة بانتقاله إلى 9,2 بالمائة مقارنة مع نسبة 1,9 بالمائة، بالنسبة للمدن التي تشكل 90 بالمائة من المدن الأقل تنافسية. ونفس النسب تقريبا، تم تسجيلها في ما يخص ارتفاع الموارد والانتاج .
جاذبية الاستثمارات المباشرة الأجنبية:
تقول الدراسة إن 5 بالمائة فقط من المدن الأكثر تنافسية، استطاعت استقطاب من الاستثمارات الخارجية ما يوازي مجموع الاستثمارات في ال 95 بالمائة الباقية من المدن الأخرى.
ميناء طنجة المتوسط
في إطار الفقرة من تقرير البنك العالمي المخصصة لحالات معينة، بالنسبة لست مدن حققت نسبة مرتفعة على المستوى الاقتصادي تبرز طنجة وميناؤها المتوسطي، كحالة نجاح متميزة ، مردها إلى مبادرات أربع:
ـ الاستثمار العمومي الذي حقق تمويلا شاملا لإنجاز مشروع ميناء طنجة المتوسط الذي صار بإمكانه اليوم استقبال أكبر البواخر وحاملات الحاويات وتحقيق حجم هائل من العمليات التجارية، خلافا لما كان عليه الحال بالنسبة للميناء القديم.
ـ إنجاز شبكات للمواصلات الطرقية وعبر السكة الحديدية بشمال المغرب ما مكن من تحقيق تنقل سريع ومريح للحاويات والسلع المختلفة والوصول السريع إلى الميناء والمناطق المجاورة.
ـ انخراط جميع الفاعلين في عملية استقطاب الاستثمارات الخارجية خاصة من طرف شركة “رونو” بتظافر الجهود بين الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار (AMDI) والهيئة المحلية للتنمية الاقتصادية للمدينة ( TMSA).
ـ وأخيرا، إقامة برامج تكوين موجه لصناعة السيارات مكنت من إيجاد يد عاملة مؤهلة للتجاوب الإيجابي والعملي مع الصناعات المحدثة.
وقد كان من نتائج هذه المبادرات النمو الهائل الذي شهده سوق الشغل بالمنطقة وإنشاء قاعدة صناعية ، خاصة في قطاع النقل واللوجيستيك والهندسة الميكانيكية، والمنتوجات الكيماوية، والنسيج، والمعادن وصناعة السيارات.
إن دراسة “حالة طنجة” أقضت إلى التقرير بأن مبادرة الاستثمار في البنيات التحتية الوطنية على مستوى كبير يمكن أن يخلق إمكانات هائلة للتطور والتنمية شريطة حسن استغلال تلك الإمكانات.
الملاحظ أن ميناء طنجة المتوسط، لا يتمتع، فقط، بخاصية الربط، عالميا، بل وأيضا بميزة التدبير الجيد من طرف وكالة متخصصة وضعت مبادرات وأهدافا محددة للنمو، لفائدة المقاولات المحلية. ثم إن التدخل المباشر للدولة لتوفير التمويل العمومي وتفويض شؤون التدبير لوكالة متخصصة أمر يشكل النموذج الأكثر ملاءمة حين يكون القطاع الخاص في وضعية ضعف من حيث النمو، أو في حال اضطلاع الدولة بدور مؤثر في مجال الاقتصاد.
ونحن نرى في الجريدة ، ومعنا مواطنونا في مدينة طنجة، أن النجاح الباهر للنموذج الفريد الذي تمثله طنجة، في مجال التنمية الاقتصادية المضطردة، على مستوى منطقة الأبيض المتوسط، وأيضا على مستوى المدن صاحبة أعلى نسب التنافسية العالمية، وفق ما ورد في تقرير البنك العالمي، لم يكن ليتحقق لولا المخطط الملكي لـ “طنجة الكبرى” الذي ابتدعته عبقرية جلالة الملك وأحيط بعناية ملكية كريمة، على مستوى الإنجاز والتدبير. فلقد حققت المبادرة الملكية لطنجة في بضع سنوات ما لم تستطعه حكومات من كل الألوان والمشارب، تعاقبت على كراسي الحكم منذ ما يناهز ستين سنة من الاستقلال .
إنها إرادة جلالة الملك التي شملت العديد من المدن المغربية ، في الجهات الاثنتي عشرة، خاصة بالشمال، حيث أشرف جلالته على إطلاق مشاريع التنمية المجالية لكل من أقاليم تطوان وشفشاون، والناظور والحسيمة، “جوهرة المتوسط”.
“والخير أمام” !……