الأمن يتحرّك …ويُسجّـل
جريدة طنجة – عزيز گنوني ( العمود الرئيسي )
الثلاثاء 01 دجنبر 2015 – 15:20:16
ولعلَّ جولة على الأقدام بشوارع وسط المدينة، تكفي لآخذ صُورة عن الوضع الأمني الناتج عن نوع من “التسيُّب”، حيث إنَّ المُتسكّعين والمتسولين و”الشْماكرية، وشَمامي زيت الطَـــلاء، والحرّاكـــة، والمعتوهين أصبححوا يشكّلــون مصدر إزعاج متواصل للسكان حيث إنه صَار صَعْبــًا أن يتناول المرء فنجان شاي أو قهوة، على شُرفة مقهى ليس فحَسب في ساحة فرنسا أو شارع بـــاستور أو محمد الخامس، بل وأيضا في شوارع شعبية مثل شــــارع المكسيك الذي يشهد حركة تجارية هائلة، لوُجوده بين حي المصلى الآهل بالسكان وأحياء وسط المدينة الذي يعتبر مركزا تجاريا بامتياز.
معلوم أن وزير الداخلية أعلن، الثلاثاء الماضي في جلسة الأسئلة الشفوية بالبرلمان، أن معدل الجريمة انخفض بمختلف المدن المغربية وأن مؤشرات الجريمة تراجعت خلال السنوات الأخيرة، حيث إن جرائم القتل انخفضت ب 4% ، فيما تراجعت جرائم الضرب والجرح ب10 % و جرائم اقتحام المنازل تراجعت ب 18 بالمائة
.
الأمر يتعلق بإحصائيات شملت السنوات الأخيرة، لا يمكن الشك في مصداقيتها ولا في مصداقية مصادرها، فالأمر مبني على إحصائيات رسمية ، يساندها مجهود هائل يقوم بها رجال الأمن في مختلف جهات المملكة، لصد الجريمة والمجرمين، والسيطرة على الوضع الأمني. إلا أن المتتبع لوسائل الإعلام الوطنية يفاجأ كل صباح بحوادث إجرام متعدد الأوجه والصفات، ويصدم مما يقرأ ويرى من حوادث القتل والذبح والتصفية والاغتيال والاختطاف والاغتصاب والسرقة والضرب والجرح واستعمال السلاح الأبيض والأسود، على حد سواء، إلى آخره !
المشكل مطروح، وبحدة، ليس فقط بالمغرب، بل وفي كل أرجاء العالم، وهو مرتبط بعوامل شتى أكثرها شيوعا، بالنسبة للمغرب، الفقر والهشاشة والتهميش، والبطالة، والظلم الاجتماعي، وفشل السياسة الرسمية في خلق التوازنات الاجتماعية الضامنة للاستقرار، وغياب العناية الكافية بالعالم القروي الذي يعتبر “الخزان” الرئيسي لـ”تطعيم” المدن القصديرية، ما دامَت القُرى لا تشَكّــل إطارًَا صـالحــًا لحياة الحداثة التي تنعم بها المُدن، ويَشْتَهيــــها الشَبــــاب الطامح إلى الرُّقي عن طريق التَّعليم والتأهيل…ويجب أن لا نغفل مسألة العقليات المسيْطرة داخل المجتمع والتي يُغذّيهـــا فِكر مَُتَحجّر يَعيش بعقلية “ليس في الإمكان خير ممّا كــــان” والإشارة هُنــا للسلف “الصالح”…….
مشكل الأمن مطروح وبحدة، وليس في الأمر من جديد على أصحاب الحال، وليس لنا ما نضيفه “لمعلومتهم” سوى أن نقول للحكومة إن من واجبها توفير الإمكانات الضرورية، البشرية واللوجستيكية، لقوات الأمن حتى تتمكن من التغلب على الصعوبات الجمة التي تواجهها مام أمام تضخم الحاجيات إلى فرض استثباب الأمن وهيبة الدولة وذلك بتوفير اعتمادات في مستوى أهمية الأمن وخطورة الأمن الذي بدونه لن تستقيم الدولة ولن يكتب لها الاستقرار والاستمرار !!!!….
وعلى كل حال، هنيئًا لآهالينا بالمدينة العتيقة على هذه الطفرة الأمنية، الناتجة عن حملة “تمشيط” أمنية، أفضت إلى ما أفضت إليه من توقيف مطالبين بجرائم مختلفة، طالما اشتكوا منها وقدموا ملتمسات بشأنها، بل ونزلوا إلى الشارع منددين باستمرارها، والعقبى لمقاطعات أخرى تحظى بـ “تمشيطات” مشابهة، تؤدي إلى شل حركة الجماعات المنحرفة المعشعشة في كل جوانب المدينة ، ويغيب بغيابها جو التشاؤم المسيطر على النفوس بسبب الشعور المتنامي بقلة الأمن.
وتَهانينا لعَنــاصر الأمن بطنجة على جهودها المشكورة من أجل محاربة الجريمة بشتى أشكالها وخلق جو من الأمن والأمان والاطمئنان في أوساط السكان .