مسرح سيرفانتيس على طريق “المغربة”
جريدة طنجة – عزيز ( مسرح سيرفانتيس )
الثلاثاء 08 شتنبر 2015 – 12:05:14
الخير تنــــاقلته مَنـــابر إعلامية مغربية، من مصدره. جريدة “الموندو” الشهيرة، التي تكون قد نقلته عن الوكالة الاسبانية للأنبــــاء، “إيفي“.
وفي هذا الشأن كتبت El Mundo أن مصادر وزارة الخارجية الاسبانية أكّـدت لَهــا أن حكومة مدريد تُبــاشرُ مُفـــاوضـــات مع الحكومة المغربية من أجل التّخلي للمغــــرب عن ملكية مسرح سيرفانتيس، ببضعــة شروط، وذلك في إطـار اتّفـــاق دولي يطمح الطَرَفـــان إلى جعله رمْزًا للتعـــاوُن المغربـــي الإسبـــاني، وعُنْوانــــًا للعلاقات المتميّزة القـــائمة بين المملكتين.
نفس المصادر أضافت أن مجموعات قـــانونية من البلدين تعمل في الوقت الرّاهن على بَلْوَرة هذا الاتّفــــاق الذي يجب أن يُصادق عليه برلمان كل من مدريد والربـــاط. وبمُقتَضى هذا الاتّفــــاق يلتــزِمُ المغرب بإصلاح وترميم بناية المسرح وتجهيزه وتسييره كمــــركز متَعدّد التَخصُصــــات وليس فقط، كقـــاعة للعروض المسرحية. ويبقى الشرط الأساسي هو ضرورة الاحتِفاظ ببنـــــاية المسرح في شكلها المعماري الأصلي، خـــاصة واجهة المسرح التي تشكل أحد الرّمــــوز السياحية لمدينة طنجة.
وتضيف الصحيفة، في تعليق، تحت عنوان “إسبانيا تتخلى عن طنجة“، أن مسرح سيرفانتيس الذي تم الاحتفال بمأويته سنة 2013، والذي توقف نشاطه منذ ثلاثة عقود، سيصبح، أخيرا، مغربيا ، بعد الوصول إلى اتفاق بشأنه بين حكومتي البلدين، تسلم إسبانيا بصورة مجانية، ملكية المسرح للمغرب مقابل الالتزام بترميمه وتشغيله.
وقد يتم التَّوقيع على الاتّفاقية المغربية الاسبانية بشأن مسرح سيرفانتيس، بعد تشكيل الحكومة الاسبانية الجديدة التي ستنبثق عن الانتخابات التشريعية المقبلة المزمع تنظيمها في العشرين من دجنبر الجاري,
جريدة El Mundo ذكرت، بالمناسبة، بحدث تدشين المسرح، سن1913، بعد الفراغ من أشغال البناء التي بدأت سنة 1911 (عام قبل التوقيع في فاس على عقد الحماية الفرنسية بالمغرب) وقد اعتبر مسرح سيرفانتيس بطنجة أكبر المسارح في شمال إفريقيا، على الإطلاق. وشكل عبر عقود، مركز إشعاع ثقافي ، خاصة خلال النظام الدولي لمنطقة طنجة، التي تميزت بـطابعها “الكوسموبوليت”.
وأضاقت الجريدة أن المسرح أغلق أبوابه في ثمانينات القرن الماضي الأمر الذي عرضه للإهمال والتدهور، بالرَّغم من إطلاق مُبــادَرات من الجانبين لإعـــادة تشغيلهِ بعد إصلاحه وترميمه.
إلا أن السلطات الاسبانية استكثرت المبالغ التي كانت تتطلبها عملية الترميم والتي قدرت ما بين 3 و 5 ملايين أورو، خاصة والبناية توجد خارج التراب الوطني لإسبانيا.
على أن الحكومة الاسبانية كانت قد رصدت مبلغ 95 ألف أورو، سنة 2007، من أجل إعداد دراسة عن حالة بناية المسرح، أبانت أن البناية توجد في حالة متقدمة من التلف، دون أن تكون مهددة بالانهيار.
ولنا تعليق ..
مسرح سيرفانتيس أغلق أبوابه سنة 1974، بعد فترة تذبذب ، تحول خلالها إلى قاعة سينما تخصصت في عرض أفلام هندية. وقد نجح رئيس المجلس البلدي، آنذاك، الراحل مصطفي عبد الله، في انتزاع اتفاق يقضي بتفويض تدبير المسرح لبلدية طنجة بدرهم رمزي ولتسعين سنة، شريطة إصلاحه والاعتناء به والترخيص بإقامة نشاطات ثقافية وفنية إسبانية على خشبته.
إلا أن وزارة الداخلية المغربية رفضت التصديق على هذا الاتّفــــاق الذي كُنت شخصيًا واحدًا من الذين شاركوا في تحضيره بحُكم قربي من رئيس المجلس البلدي، بسبب وجيه وقــــانوني، وهو أن الدولة ليس مسموحا لها بصرف أموال عمومية على بناية في مُلك أجانب. إلاّ أن الحكومة الاسبانية تمنعت، دائما، عن التنازل عن ملكية المسرح التي آلت إليها بعد وفات مالكيها الحقيقيين.
والواقع أن تشَبّث أهل طنجة بمسرح سيرفانتيس راجع إلى أن هذا المسرح يشَكّل جزْءًا من هويتهم الثّقـــافية حيث إنه كان شاهِدًا ، منذ عشرينات القـــــرن الماضي، على ظهور أولى بوادر الحركة المسرحية الطنجاوية، كما أنه يختزن فصولا من كفاحهم من أجل الاستقلال والوحدة، حيث إنه احتضن معظم التجمعات الشعبية، في شتى المناسبات والأعياد الوطنية، وعلى خشبته تم الاحتفال بتشكيل الجبهة الوطنية من طرف زعماء الحركة الوطنية، علال الفاسي، وأحمد بنسودة، والشيخ محمد المكي الناصري وعبد الخالق الطريس، بحضور وفد الجامعة العربية برئاسة محمد أبو الفتح، و صالح أبو رقيق، وحبيب جماتي وغيرهم.
ومن المؤكد أن خزانة المصور الصحافي المرحوم علال الدفوف ، والتي هي الآن في ملكية ولده رشيد، تحتفظ بالكثير من صفحات ذلك التاريخ المجيد.
وبالعودة إلى مسرح سيرفانتيس، أذكر بأن الأستاذ محمد بن عيسى، وزير الثقافة آنذاك، أثار، في العديد من المناسبات، محادثات مع السلطات الاسبانية، وفي أعلى قمتها، بخصوص مسرح سيرفانتيس، ولم يترك أي فرصة تمر، خلال وجوده في زيارات رسمية لإسبانيا أو استقباله لوفود إسبانية بالمغرب، إلا وأثار قضية مسرح سيرفانتيس مع المسؤولين الأسبان، دون أن يصدر عنهم ما يفيد برغبتهم في إيجاد حل للقضية.
وخلال زيارته للبرتغال، قادما من إسبانبا، سألت وزير الثقافة في حكومة التناوب، الأستاذ محمد الأشعري، بمطار لشبونة، عما إذا كان قد أثار قضية مسرح سيرفانتيس في محادثاته بمدريد، فأجابني أن القضية مطروحة للنقاش باستمرار، وأنه أثارها بالفعل، خلال لقائه مع نظيره الاسباني ، إلا أنه لم يلمس استعدادا كبيرا للتجاوب مع المطالب المغربية بهذا الخصوص.
على أي، الحكومة الاسبانية اهتدت في الأخير إلى الطريق السليم المفضي، أكيدا، إلى ترميم المسرح الكبير وعودة الحياة إلى خشبته وكواليسه، بعد أن أقرت التخلي عن ملكية المسرح للحكومة المغربية التي لم” تتكرم ” على الرأي العام المغربي، ببيان يوضح مسار محادثاتها مع الجانب الاسباني بهذا الخصوص ويعفينا من التماس الخبر اليقين من جهات أجنبية….
بالرغم من أننا “تعودنا” على ذاك !!! ….