جمعية القنطرة و مندوبية الثقافة تكرّمان المعلم عبد لله الكورد و الفنان محمد العربي العوامي
جريدة طنجة – لمياء السلاوي ( تكريم)
الأربعاء 29 شتنبر 2015 – 13:02:07
وهدف هذا التكريم إلى تأكيد الاعتراف بعطاءات هؤلاء الفنانين الذين ساهموا في إثراء مجالات الفن والإبداع والتواصل مع الجمهور في الإذاعة والمسرح والغناء والموسيقى ما يزيد عن الأربعين سنة.
إن الاحتفاء بمثل هذه الأسماء يجعلنا نسترجع عطاء جيل ارتبط بالفن من منطلق العشق, فأبدع وقدم الكثير للفن المغربي بمختلف مستوياته, وقد يكون الجيل الحالي لا يعرف عنهم الكثير لكنهم حاضرون ومازالوا قادرين على العطاء.

المعلم عبد الله الكورد الذي ولد بطنجة سنة 1947 وتعلم على يد كبار شيوخ الطريقة الكناوية, و الذي داع صيته في العالم من خلال العديد من الأعمال الفنية التي جمعته بكبار الموسيقىين الغربيين ، من أبرزهم مايسترو الجاز الفنان الأمريكي “راندي ويستون” الذي جمعته بالمعلم عبد لله الكورد في مطلع الثمانينيات حفلات موسيقية مشتركة أحيوها بعدد من دول أوربا وأمريكا، قدما فيها باكورة أعمالهما التي تعتمد على خلط توليفة بين فنون البلوز والسول والجاز وفن كناوة، في مزج أكثر من رائع ، وقد توج هذا التعاون الفني بإصدار العديد من الألبومات التي حققت نجاحا منقطع النظير و انتشارا واسعا على مستوى العالم وخاصة بالولايات المتحدة الأمريكية .و هذا ما ساهم في تطوير الفن الكناوي وإحياء المدرسة التراثية مع إعطائها الإشعاع المتوخى عالميا.
و في سنة 2011 خص سفير الولايات المتحدة في المغرب آنذاك صامويل كابلان، بنيويورك، المعلم عبد الله الكورد بتكريم خاص عن “مساهمته المتفردة في التقارب بين الشعبين الأمريكي والمغربي”.
وأبرز السفير، في رسالة وجهها للمعلم الكورد على هامش الدورة الرابعة لمهرجان “وورلد نومادز مروكو” الذي تنظمه “فرانتش إنستيتيوت أليونس فرانسيز”، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، “أنه بهذه المناسبة التي تحتفي بعمل موسيقى الجاز الأمريكي الكبير راندي ويستون من أجل الترويج لموسيقى كناوة عبر العالم،أرغب باسم الشعب الأمريكي، في الإشادة بمساهمتكم المتفردة في إحداث تقارب بين الشعبين الأمريكي والمغربي”.
وكان القنصل العام للمغرب بنيويورك السيد محمد كرمون، قد سلم وسام الاستحقاق الوطني من درجة ضابط للمعلم عبد الله الكورد ووسام الكفاءة الفكرية للملحن وعازف بيانو الجاز الأمريكي راندي ويستون ، و في تصريح له اعتبر عبد الله الكورد “رائدا تمكّن من المزج بين موسيقى كناوة المغربية والجاز الأمريكي”، و أنه “بفضل جهود راندي ويستون وجهود المعلم ، أضحت تقاليد موسيقى كناوة معروفة وتحظى بالإعجاب خارج المغرب.
مي يا مي الحبيبة مي يا مي
علي غايبة وبعيدة الحبيبة مي
فراقك نار صعيبة وأنا في بلاد بعيدة
وحشك فاق يالحبيبة
مي يا مي الحبيبة…..
رائعة الفنان الأصيل سيدي محمد العربي العوامي، فهو من مواليد مدينة طنجة سنة 1941، أحب الموسيقى منذ صغره، وكان شغوفا بالاستماع لأروع الأغاني الشرقية، و يتردد على قاعات السينما التي كانت تقدم الأفلام الغنائية لكبار المطربين، محمد عبد الوهاب، أم كلثوم، فريد الأطرش، وكان يغني بعض القطع الموسيقية الطربية، وفي مستهل الخمسينيات أتيحت له فرصة الغناء أمام جوق موسيقي في إحدى المناسبات ببيت خاله الذي طلب منه أن يغني صحبة ذلك الجوق، لأنه كان يعرف أنه يحسن الغناء، وأطرب الحاضرين وأصبح الجوق يدعوه للمشاركة في الحفلات، لتنطلق بذلك مسيرته الفنية التي أغناها، ونجح في مشواره ليؤدي العديد من الأغاني نذكر منها :
بابا يا ألف حجاب،
عيد ميلادك يا أختي،
الربيب غريب،
مبروك ياعريس،
طنجة يا مولات التاج،
كما أدّى أغـــاني وطنية ودينية، ونَظَــرًا مُعــالجته للموضـوعـــات الاجتماعية من خلالِ أغانيه فقد سمّاه الملك الـرّاحل الحسن الثـــاني “مطرب الأسرة”.
عن واقع الأغنية المغربية، قال العوامي خلال إحدى البرامج الإذاعية، الأغنية المغربية نشأت في الخمسينيات: ترتب في عزها في الستينيات، وتآمروا عليها في السبعينيات وقتلوها في الثمانينيات.
لم يقتصر العربي العوامي على الغناء, بل كان أيضا عازفا على آلتي الناي والنترباس مع الجوق الوطني, كما كان ضمن كورال نفس الجوق إلى جانب كل من الراحل محمد بن طاهر والفنان محمود الادريسي. ورغم التزامه مع الجوق الوطني, لم يتوقف العربي العوامي عن الإبداع الذي راوح فيه بين العاطفي والاجتماعي والوطني.
في الثمانينات, اختار العربي العوامي التقاعد النسبي ليعود بعد ذلك إلى مسقط رأسه مدينة طنجة ويؤسس جوقا بغية دعم الأغنية بهذه المدينة الشمالية التي يعشقها إلى حد الجنون, لكن هذا المشروع واجهته العديد من العراقيل التي أدت إلى فشله, ليقرر بعد ذلك الانسحاب من الساحة في هدوء.، فكل ما كان يطلبه و لا يزال ، هو مقر للفرقة الموسيقية، و جوق طنجة الكبرى كما حلم به دائما.
التكريم كان محط اعجاب كل الحضور، اعجاب بهذه المبادرة الانسانية الفنية، التي من خلالها تتأثث مدينة طنجة و تتزين بفنانيها و تاريخها الحضاري الثقافي الفني.


















