Crisis silenciosa entre Marruecos y España
جريدة طنجة – عزيز كنوني ( العمود الرئيسي )
الأربعاء 16 شتنبر 2015 – 11:20:24
وبينما كانت جهات رسمية بالخارجية الاسبانية تشيد بـ “متانة العلاقات الاسبانية المغربية”، بل وتطلب ود المغرب في “التعاون المخابراتي” من أجل مواجهة الإرهاب والتطرف الديني، على غرار دول أوروبية أخرى، لم يجد الوزير الأول الاسباني، مانويل راخوي، اليميني، أدنى حرج في القيام بزيارة لمدينة مليلية، تزامنا مع انطلاق الحملة الانتخابية ، بهدف “كسب” أصوات أسبان هذه المدينة الذين يشعرون “بالأمن” كلما جاء من “البينينسولا” من يبشرهم بأنهم باقون في “مدينتهم” التي تتساوى في الأسبنة مع أي مدينة إسبانية أخرى، لا فرق.
الرأي العام المغربي الذي اعتبر هذه الزيارة عملا “استفزازيا” ضد المغرب، وتحديا سافرا لمستقبل العلاقات بين البلدين، فطن إلى “اللعبة” الانتخابية، وفهم أن الحزب الشعبي إنما أراد حصد أصوات سكان مليلية وسبتة الأسبان، في عملية استباقية، ضد غريمه التاريخي، الحزب الاشتراكي العمالي الاسباني، خاصة وأن الحزب الشعبي اليميني الفرنكاوي، المتطرف، مهدد في مركزه السياسي وفي بقائه كحزب قيادي، خاصة بعد ظهور حزبين شابين حققا صعودا باهرا على الساحة : “بوديموس” (نستطيع)، الذي يتزعمه “بابلو إيكليسياس طوريون” و”سيودادانوس” (مواطنون)، الذي يقوده كاتبه العام “أنطونيو روبليس”.
وفي غياب رد فعل رسمي، كما كان الشأن خلال زيارة ملك اسبانيا السابق، خوان كارلوس الأول لمدينتي سبتة ومليلية سنة 2007، سارعت بعض المنظمات الأهلية، ومنها جمعية الريف الكبير، إلى التنديد بزيارة ماريانو راخوي لمدينة مليلية واعتبار هذه الزيارة محاولة لاستفزاز المغرب من طرف الحزب الشعبي الذي يوجد في “وضع صعب” ، وبالتالي فإنه يحاول التمسك بكل الفرص لتحسين “صورته”وحظوظه في الانتخابات التشريعية للعشرين من دجنبر الجاري.
ولم يأت راخوي بجديد ولا فاجأنا حين أكد في خطابه أمام مواطنيه الذين يعيشون بمدينة مليلية، ”إسبانية” هذه المدينة بالرغم من أنها توجد في قارة أخرى غير القارة الأوروبية، داخل التراب الوطني للمغرب، وهو بلد عريق تعرفه شبه الجزيرة الإيبيرية من الجزيرة الخضراء إلى جبال البرانس، وما بعدها، وعلى مسافة كبيرة من الشواطئ الجنوبية لإسبانيا، وتنتمي تاريخا وجغرافيا إلى منطقة الريف الشرقي المغربي…ومع ذلك يتحدث راخوي عن إسبانية مليلية، دون أن ينتبه إلى أنه بذلك يثير سخرية ، بل وشفقة العالم الحر الذي يعيش الألفية الثالثة، والذي لم يعد فيه مكان لا لـ “الممتلكات الاستعمارية” ولا لـ “أراضي ما وراء البحار”، ولا لـ “القلاع” و “الحصون” الاستعمارية….. ولكنه منطق اسبانيا “الفرنكية” التي لا منطق لها !!….والتي تصر على السباحة ضد تيار التاريخ الإنساني والحضاري، وتكيل بمكيالين حين تطالب بسيادتها على صخرة جبل طارق التي تخلت عنها لبريكانيا العطمى، بموجب معاهدتي “أولتريخت” 1713، بينما تنكر على المغرب سيادته الجغرافية والتاريخية والبشرية والثقافية والحضارية على سبتة ومليلية والجزر والصخور المتوسطية التي تحتلها اغتباطا !!!…
مصادر مغربية عبرت عن “امتعاض” المغرب من زيارة الوزير الأول الإسباني الاستفزازية، لمدينة مليلية ، تلك الزيارة التي اعتبرتها محافل دبلوماسية مغربية “غير معزولة” خاصة وأن الخطاب الذي ألقاه راخوي، بتلك المدينة يحمل الكثير من الرسائل الاستفزازية بالنسبة للمغرب.
ونحن نعلم أن الحزب الشعبي اليميني المتطرف، يحظى بـ “تعاطف” كبير مع السكان الأسبان للمدينتين، لآنه يعزف على وتر “إسبانية” المدينتين، ولأنه يتعهد، بمناسبة أو بدونها، بتحقيق الحماية الكاملة للمدينتين وسكانهما الأسبان، ضد “الأطماع المغربية” !!!…..ولأنه، في الختام، يريد أن يؤكد لمن يريد أن يصغي إلى ترهاته، أن لا تفاوض بشأن المدينتين “الإسبانيتين” !!!…
طريقة تعامل إسبانيا مع القضايا التي تخص المغرب لا تسير، دائما، في اتجاه المحافظة على علاقات “مقبولة” بين البلدين، نقول مقبولة، وهو الحد الأدنى في صلات الدول بعضها ببعض، وتعاملها في نطاق مصالحها الخاصة، لأنه بين المغرب وإسبانيا لا يمكن القول بإمكانية حصول تقارب أبعد من ذلك، بسبب مشكل سبتة ومليلية الذي يمكن اعتباره بمثابة قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي وقت، وتحدث أضرارا ربما لا يمكن تصور آثارها المحتملة على إسبانيا ذاتها، وعلى استقرار منطقة البحر الأبيض المتوسط، وانطلاقا، على الأمن والسلم في هذه المنطقة من العالم.!!!….
_____________
بقلم : عزيز كنوني
azizguennouni@hotmail.com