لقاءات مفتوحة بطنجة… ومعارض وكتب حول أعمال الفنان العالمي أحمد بن يسف
جريدة طنجة – م.إمغران (أعمال الفنّـان العــالمي أحمد بن يسف )
الثلاثاء 01 دجنبر 2015 – 17:03:47
وفي اليوم الموالي، الجمعة 11 دجنبر2015، سيتم افتتاح معرض للأعمال الأخيرة لـ: بن يسف، وذلك بفضاء “رواق المدينة” بطنجة الذي يديره الأستاذ عمر الصالحي،إذ أن أغلب هذه الأعمال لم تشاهد إلا في مرسم الفنان، ليكون عرضها، لأول مرة، بالنسبة إلى جمهور طنجة.
وفي اليوم الثالث، أي السبت 12 دجنبر، سيكون رواق “دار آر”، لصاحبه الأستاذ شكيب بن تاويت على موعد مع “سيرة ذاتية” للفنان العالمي، وذلك بتشخيصها، انطلاقا من أعماله الموقعة، خلال ستينيات القرن الماضي.بمعنى أن هذا المعرض سيكون معرضا “استعاديا” لهذا الفنان وتاريخه، فهوسبق له أن أنجزتصميما للأوراق المالية والقطع النقدية، تزامنا مع بعض الأحداث الوطنية، كذكرى مرور 25 سنة على جلوس الملك الراحل الحسن الثاني على عرش أسلافه، وحدث المسيرة الخضراء التي خلّدها في عمل لوحة، تبلغ مساحتها، تقريبا أربعة أمتار على أربعة، حيث تم نشرها كذلك على القطع النقدية والأوراق المالية الوطنية، آنذاك.
هذا اللقاء المفتوح، من المنتظرأن يعرف ـ كذلك ـ حضور فعاليات من الضفة الشمالية، بالإضافة إلى أصدقاء الفنان ومهتمين، وذلك لمتابعة أعماله ولوحاته التي تعكس الشخصيات التي لها حضور في الوسط الثقافي والسياسي، ذلك أنه وكما يعرف الجميع أن “البورطريهات” لها أبعاد ورسالة، لاتقتصرـ فقط ـ على الأشخاص المرسومين، بل تصبح وثيقة لوضعيتهم الاجتماعية والثقافية والسياسية، فالدور الذي يلعبه “البورطري” في المجتمع هو التوثيق ليس للشخصفي حد ذاته، بل لعطائه وسيرورته في المجالات المذكورة، بمعنى أن اللوحة زيادة على عملها الفني، تصبح وثيقة لما نحن عليه.ثمإن اللوحة لها قراءتان، قراءة أدبية وقراءة تقنية، فالقراءة الأدبية تكون حسب المتلقي. وفي هذه النقطة، أشار المفكر المصري الراحل أحمد حسن الزيات إلى أنه ” قد تكون الأشياء في حقيقتها قبيحة، ولكن حسن التعبيرودقة التصوير يرفعانها إلى مقام الجمال.” بينما يقول الكاتب المسرحي الإسباني الراحل “سرفانطيس” في هذا الصدد:” لكي تنظر إلى أي عمل فني، ليس من الكفاية أن تنظر إلى محتوياته، بل أن تعرف ما بداخلك..”
أما وجهة نظر الفنان “بن يسف” حول اللوحة، “فإن هذه الأخيرة لاتمثل سوى 50 في المائة، بينما نصف المائة الثاني، فيبقى من نصيب المتلقّي.ذلك أن اللوحة لا تكتمل إلا بالمتلقّي، عموما.واللوحة الجيّدة هي التي تصل إلى أعماق المشاهد، فيتفاعل معها بإحساسه وشعوره وخلفياته الثقافية، ثم إن اللوحة في الدول الغربية باتت شيئا معروفا وعاديا، بينما في بلادنا، فنحن لازلنا نعتبرجددا في هذا المجال، لأن دخول الفن التشكيلي إلى العالم العربي والاسلامي جاء متأخرا عن طريق حملة “نابليون” على مصر، والذي كان ـ آنذاك ـمرفوقا بمجموعة من الرسامين، قاموا بتشخيص انتصاراته وأحداثه ومواقفه.لكن، على الرغم من أن المغرب كان آخر دولة دخلها الفن التشكيلي، إلاأنه أصبح رائدا في هذا الميدان، وذلك على مستوى العالم العربي والاسلامي.”
وللإشارة، فإن الفنان أحمد بن يسف يقيم حاليا بطنجة وله مرسمه الخاص بها، مع إبقائه على مرسمه الدائم بمدينة “إشبيلية”. وبهذه العودة، ينفضالرجل الغبارعن أيامه الخوالي بطنجة، مسترجعا ذكريات، عاشها بهذه المدينة التي ليست جديدة عليه أو يجد نفسه غريبا عنها، لاسيما وأن وجود أصدقائه الكثر بها كان دافعا لعودتهو” حمامه” المميّز، فرغم تناول موضوع “الحمام” في أعمال العديد من الفنانين، فإن “حمام” “بن يسف” يبقى له طابعه، الخاص والمتفرّد، بشهادة النقاد الإسبان أنفسهم.
وإذا كانت مدينة طنجة، عبر تاريخها العَـريـــق، قد اختيرت من قبل كبار المفكرين والكتاب والفنانين ورجال الساسة ومشاهير العالم، لكي تكون موقعا لإقامتهم واستقرارهم، فإن الفنان أحمد بن يسف الذي اختار بدوره مدينة طنجة،لايقل شأنا عن هؤلاء، باعتباره فنانا وصل إلى العالمية، حيث أن أعماله تصدرت أغلفة أكثر من 500 كتاب، وعبرت القارات الخمس.كما أن أكبر جائزة عالمية، تعطى لشخصيات، برعت في مجالات اشتغالها، وسبق أن فاز بها كل من “كوفي عنان” الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة،والممثلة العالمية “ماريافيرّو” والوزير الأول لدولة البرازيل وغيرهم، كان الفنان “بن يسف” حاضرا فيها ( الجائزة) من خلال تصاميمه ومنحوتاته التي قدمت باسمه لهذا الغرض.ولازال إلى حد كتابة هذه السطور، يعتبرأول طالب، أواخرالستينيات، حصل على ثلاث جوائز في الدراسات العليا بكلية العلوم الجميلة بإسبانيا، هي جائزة “الصباغة الزيتية”، وجائزة “الرسم الكلاسيكي القديم”، وجائزة ” المَنـاظر الطبيعيــة “، وكان أنهى دراسته في التخصص في فن الحفر، بجميع تخصصاته.
خلاصة القول، يبدو أن الفنان التطواني المغربي، أحمد بن يسف، ليس مرتاح البال، بالتمام والكمال، رغم أنه صنع لنفسه اسما عالميا، نتيجة إبداعاته المتميزة والعابرة للقارات، شأنه في ذلك شأن العديد من كبار الشعراء والكتاب والفنانينوالمشاهيرالذينكانوا واجهوا في حياتهم مواقف معينة، أحسوا خلالها بنوع من المعاناة أو الضيق أو التشويش عليهم، مواقف ليست في نهايتها سوى ضريبة النجاح، كما يقال.وفي هذا الاتجاه، نورد مقولة للفنان “بن يسف” كان صرّح بها في حوارات أجريت معه ـ سابقا ـ ويكرّرها أثناء لقائنا به، مؤخرا، بمقر جريدة طنجة: “بعض الأشخاص لما تكون في حالة اجتماعية أقل منهم، ينظرون إليك بالتقدير والعطف.وفي حالة المساواة معهم، تصبح أقل تقديرا واحتراما. وفي حالة تجاوزهم، تصبح متّهما بكل أنواع الرذيلة، لأنهم من أهلها.”



















