مَخرج فقهيّ عجيب لمسألة المُساواة في الإرث
جريدة طنجة – سُميّة أمغار ( فضاء الانث. )
الخميس 26 نوفمبر 2015 – 10:27:12
أطراف الصراع، تقف على خط تناقض قوي وواضح بين تياري المحافظين المناهض للتوصية، والمتشبث بمصادر التشريع الإسلامي الأساسية ، وتيار الحداثيين الذي يدفع في اتجاه الاجتهاد والالتزام بالمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب فيما يخص حقوق الانسان. وبين هذين التيارين، يغوص عدد من “المنظرين” كل “وما وصل إليه لوحه” من “العلم” !…
ورغم حدة الموضوع وجديته، فإن معظم المتدخلين يسعون إلى تفادي “الإثارة” في النقاش حول الإرث، انطلاقا من فكرة أن لكل من طرفي الصراع، حججه وقوته في الشارع، ولكل منهما تطلع مشروع للإصلاح في نطاق الثوابت التي أقرها الشعب.
تقرير المجلس الوطني لحقوق الانسان دفع البعض إلى الريبة في أهدافه “الخفية” وتوقيته “المفاجئ”، خاصة والمجلس “يودع” وملامح “تغييرات جوهرية تلوح في أفقهأفقه ، وأن هذا التقرير لم يحرك التيارات النسائية بالقوة المنتظرة، كما حدث حين أثيرت قضية الإجهاض ومسألة المطالبة بمراجعة مدونة الأسرة التي ثبتت محدودية فعاليتها عند التنفيذ، بالرغم من بعض “الإضاءات ” التي جاءت بها، وبالتالي فإن الجدل بشأن المساواة في الإرث ظل محصورا في التيارات السياسية المتصارعة من أجل الوصول إلى أكبر عدد من “الكراسي” بعد استحقاقات 2016.
هذا، ولا يمكن أن يستهان، قطعا، بالانتفاضات المستمرة للمرأة المغربية ، من الشمال إلى الجنوب، للمطالبة بــ “المساواة الشاملة” و “المواطنة الكاملة”، و”حماية حق المرأة في الحياة الكريمة”، و”إعمال مبدأ المناصفة في التمثيل البرلماني” و “توفير الظروف لتعميم حرية المواطنات والمواطنين و المساواة بينهم ، في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية”، ورفع كل أشكال التمييز ضد المرأة “، و”احترام مبدإ كونية حقوق الانسان التي هي كل لا يتجزأ” و ” القضاء على الثقافة المناهضة لصورة ووضع المرأة في المجتمع والتي تكرس النظرة الدونية للمرأة في المجتمع والإعلام والمؤسسات”، و “محاربة العنف ضد النساء بسن ضمانات قانونية ومؤسساتية كفيلة بحماية المرأة وصون كرامتها في البيت والعمل” و “عدم التساهل في التحايل على السن القانوني للزواج بغاية تزويج القاصرات” اللائي بلغ عددهن، هذه السنة حوالي 35 ألف ، منهن من لم يتممن الرابعة عشرة، إلى غير ذلك من المطالب الأساسية التي رفعتها المنظمات النسائية، ، ومن بينها “التنسيقية الوطنية لنساء المغرب”، و”الحركة من أجل ديمقراطية المناصفة”، و “شبكة نساء من أجل النساء”، و”منتدى النساء البرلمانيات”، وغيرها من المنظمات النسائية المناضلة من أجل حقوق المرأة بالمغرب.
وبالعودة إلى مسألة توزيع الإرث بالتساوي بين الرجل والمرأة، نسجل فتوى عجيبة طلع بها علينا الفقيه المثير للجدل بسبب فتاويه الجنسية العجيبة، عبد الباري الزمزمي، وهو، للعلم، رئيس جمعية فقه النوازل ، الذي شدد على أن قضية المناصفة في الإرث لا يصح فيها اجتهاد شرعي لوجود نص قاطع في القرآن يحسم في الموضوع، في حين أثار قضية توريث ابن الابن الذي كان محروما من الإرث في الفقه الاسلامي، إلا أن الاجتهاد الفقهي مكن ابن الابن من أخذ نصيب أبيه إذا مات أبوه قبل جده.
على أن الفقيه الزمزمي أظهر براعة غير مسبوقة في إيجاد مخرج فقهي يمازج بين الشرع والقانون، حين اقترح أن يمنح الأب في حياته ، بحريته ورضاه، عطاء واحدا مما يملك، بالتساوي بين بناته وأبنائه، ولا يترك تركة بعد وفاته لآنها تأخذ مسار التركة التي ورد ت بشأنها ” آيات حُكم الفرائض في سورة “النساء” الآية 11، قال تعالى “يوصيكم الله في أولادكم” (صدق الله العظيم).
الغريب في الأمر، أنه لم يفطن أحد قبل الشيخ الزمزمي لهذا المخرج الشرعي البارع، أو إن الذين “فطنوا” ، “سكتوا” عنه حماية للمال من أن يذهب مذهبا لا يرضي الذكور المتشبثين ب “حظيهما”، حتى أنهم لا يأخذون من حدود الله سوى النص الشرعي المتعلق بالميرات، فلا يقبلون فيه نقاشا أو جدلا أو اجتهادا !…
أما وقد اهتدى الفقيه الزمزمي إلى المخرج الشرعي لهذه “النازلة”، فقد يسر لــ “المتحايلين ” على النص القرآني، مشاق تكوين شركات مجهولة الاسم ومحدودة المسؤولية، يكون للإناث والذكور فيها أسهم متساوية يستفيدون منها بعد أن يحل قضاء الله. ولا يجد الأخوة والأخوات ما يدفعهم، بعد ذلك، إلى الخصومة والعداوة، والبغضاء.
من أجل “وسخ الدنيا” الفانية. !!! …..