مشروع قانون المالية2016 و رهان تقليص العجز بالميزانية الى 3.5 بالمائة
جريدة طنجة (مشروع قانون المالية 2016 )
الثلاثاء 03 نوفمبر 2015 – 11:32:18
و بهذا الخصوص اتصلنا بالباحث في الشؤون الاقتصادية أحمد برادة الذي وافانا بالمزيد من التوضيحات.
-مبدئيًا ما المقصودُ بمُعــالجَة خَلل النّمــوذج الاقتصادي المُعتَمد خلال سنوات في المغرب؟
كما هو في علم الجميع ، النموذج الاقتصادي كان يعتمد على دعم الاستهلاك و على الاستيراد ، و بالتالي عندما جاءت الأزمة العالمية في 2009 ثم عندما جاء ما يسمى بالربيع العربي ثم عندما ما وقع ما وقع بالأسواق العالمية ، وجد المغرب نفسه في أزمة حادة ، فكان لمعالجة هذا الوضع راء ما يسمى بالعمليات الجراحية الصعبة و من هنا جاء صندوق امقاصة ، اذن هذا النموذج الذي كان يعتمد على الخارج في الطاقة و المواد الغدائية و الاستهلاكية ن بات اليوم مستنفذا لأهدافه، وبالتالي بات التفكير في نموذج جديد يراعي الطابع الداخلي الاستهلاكي ، و بنفس الوقت يوفر مواد صناعية حتى يستطيع المغرب أن يصدر الى الخارج و يخلق نوعا من التوازن بين وارداته و صادراته.
-هل يمكن اعتبار هذا النموذج التنموي سببا مباشرا أو غير مباشر في عجز الحسابات المكرو-اقتصادية خلال السنوات الأخيرة ؟
كنا دائما نقول أن الأسعار ستظل دائما منخفضة ، و ان دعمها ليس ثقيلا على الميزانية و بالتالي عشنا لعقود طويلة نصدر مواد فلاحية و نسيجية و لم تكن هنالك قيمة فائض كبيرة و بالتالي جاء العجز ، لكن هذا العجز لم يكن كبيرا في ذاك الزمن ، لكن اليوم عندما تطور الاقتصاد العالمي و أيضا المغربي ، بدأ العجز يكبر الى درجة أنه في 2013 كان العجز في الميزان التجاري 200 مليار درهم ، و بالتالي كان مبلغا ضخما و هائلا ، مما اضطر الحكومة الى الذهاب الى صندوق النقد الدولي.
-يعود الحديث أيضا عن صيغة النمو المدمج لتقليص الفوارق بين الأفراد و الجهات ، فهل يمكن للموازنةالمقبلة أن تعالج هذه الفوارق؟
لا اعتقد أن الموازنة من شأنها أن تعالج الفوارق في سنة أو سنتين ، فيجب أن يكون هنالك مخطط على المدى المتوسط ، و الميزانية الحالية فيها نوع من الاشارة الى هذا الجانب ، وجاء هذا تنفيذا لتعليمات الملك،محمد السادس، في خطابه في عيد العرش ، و الذي أكد من خلاله أنه لا يمكن أن تكون فئة من المواطنين خارج النمو المحصّل، فالمغرب حقق تطورا اقتصاديا و اجتماعيا كبيرا على مدى 15 سنة الأخيرة، و لكن لم تستفد فئات عريضة من المجتمع من هذا النمو ، فلا زال هنالك شباب عاطل و مناطق معزولة و فئات لا زالت تعاني من التهميش و الهشاشة و الفقر المدقع، لذا يجب أن نخلق نوعا من التوازن بين التنمية الاقتصادية و التنمية الاجتماعية .
-ما هي أهمية الجهات في تحقيق التنمية الاجتماعية و الاقتصادية؟
نعم، الجهات لها رهان كبير بالنسبة للمغرب و القانون المالي رصد حوالي 4 مليار درهم في أفق أن يتم رصد 10 ملايير درهم للجهات ، هناك الآن بداية تجربة جديدة ، تجمع بين صندوق للتأهيل الاجتماعي للجهات و هو للتأهيل في المجال البشري و مجال البنى التحتية سيسند الى رئيس الحكومة ، و صندوق آخر سيسند الى وزير الداخلية المتعلق بالتضامن بين الجهات، اذن تجربة الجهات تجربة مهمة ، و الهدف منها على المدى المتوسط هو تنمية اقتصادية متوازنة بين كل أطراف المملكة .
-الحديث عن الخلاف بين أعضاء الحكومة حول من يعود له صلاحية تسيير صندوق التنمية القروية الذي رصد له مبلغ 50 مليار درهم على مدى 7 سنوات، كيف تقرؤون لنا هذا الخلاف.؟
هذا فقط تعديل على المادة 44 من القانون المالي 1994 ، و بالتالي كانت دائما وزارة الفلاحة هي الأقرب لأنها هي التي تشتغل في العالم القروي و في الجبال و الواحات ن و أضيف اليها اليوم الصندوق الذي وصلت قيمته الى 50 مليار درهم و الذي أعلن عنه الملك ، محمد السادسن ، و ربما هذا يندرج أكثر في اطار التنمية البشرية و ربما لأن القطاع الفلاحي يعتبر متواجدا في جميع مناطق المملكة ، و هو أجدر و أنفع لتنفيذ هذا المشروع ، و كان من الواجب أن تكون بين أعضاء الحكومة ثقة متبادلة ، خصوصا أن هذا القانون مرّ على الجميع ، و الجميع يعرف أن المادة 30 أسند فيها التسيير و الأمر بالصرف لوزير الفلاحة.
-طيب، هل يمكن القول الآن وفقا للمعطيات التي تقدمتم بها ن أن الاقتصاد المغربي يسير في الاتجاه السليم ؟
عندما نقارن الاقتصاد المغربي بما كان عليه قبل 10 و 20 سنة ، و عندما نرى ما يجري في المحيط و عندما نرى حجم النمو في أوربا و الذي يعد بالضعيف ، و حجم النمو في الكثير من الدول النامية ، نقول أن الوضع في المغرب أفضل ، لكن شروط النمو في المغرب تبقى واضحة ، تحسين مناخ العمل و تحسين الادارة و تطوير التعليم، لان كل ما قلناه رهين بالتعليم ، فاذا كان هذا الأخير جيدا فسننجح، و اذا فشلنا في التعليم سيكون الوضع صعبا.
و تبقى كل المتمنيات لهذه الجهود القيمة أن تعطي نتائج مثمرة و تعود بالخير على المغرب و المغاربة ، شكرا للدكتور أحمد برادة ، الباحث المغربي في الشؤون الاقتصادية.