ذكرى “الأعياد الثلاثة المجيدة”
جريدة طنجة – ع.كنوني (“الأعياد الثلاثة المجيدة” )
الأربعاء 25 نوفمبر 2015 – 18:51:00
حتى أن أعيادنا المجيدة، باغثتنا ونحن أقل ما نكون استعدادا لاستقبالها بما يليق بها من تعظيم واحترام وقدسية وإجلال… داهمتنا ونحن في “شبه غفلة” من أمرنا ، إلا ما كان من بلاغ للمقامة وجيش التحرير، تتكرر جمله ومعانيه عند كل عام، ثم يلقح في خاتمته بما يضفى عليه نوعا من الأناة، تأتي على نقله ونشره ، للمناسبة، بعض الصحف والمواقع…..
وتمر الذكرى وكأنها لا تختزل نضال عرش وأمة استمر على امتداد أربعة عقود من أجل الإنعتاق من ربقة الاستعمار ولا ترمز إلى أغلى أمنية تناضل من أجل تحقيقها الشعوب الحرة الكريمة: الاستقلال والحرية ! …..
حلت إذا أيام 17 و 18 و19 نونبر الجاري الذكرى الستون لعودة محمد الخامس، وعيد عرش محمد الخامس وإعلان محمد الخامس لنهاية عهد الحجر والحماية وبزوغ عهد الحرية والاستقلال….يالها من لحظات رهيبة عاشتها الملايين من أفراد الشعب المغربي ممن كتبت لهم السعادة بحضور حفل الإعلان عن الاستقلال أو من تلقف هذا “النبأ العظيم” من فم صاحب معجزة الاستقلال، محمد الخامس طيب الله ثراه، لينصهر الجميع في الأعياد الثلاثة المجيدة التي كانت وستظل قمة أعياد الأمة، بالنسبة لجيل الاستقلال وللجيل الذي يليه، حيث كانت تلك الأعياد تتميز بتنظيم احتفالات شعبية متواصلة بالليل والنهار، في كل حي ومدينة وقرية ، تلقى خلالها كلمات حماسية للتذكير بأمجاد المغرب التي لا يعرف عنها الجيل الصاعد إلا النزر القليل، ولا مسؤولية له في ذلك، بل المسؤولية لأنظمة التعليم التي لا تزال “تتخَبَّط” في “مستنقع” الإصلاح والإصلاح المضاد……كما كانت تتلى خلالها الأناشيد الوطنية التي كانت تُحَفَّظ في المَدارس، والتي لم يَبْـقَ لَهــا من أثـرِ اليوم، إلا النَـزَر القليل، لقلّـة العنــــاية بها، وصيانتها من التلف والضياع.. وكانت أيضا مناسبة لتَمْجيد قــــادة الحركة الوطنية الذين أطروا الشعب ووجهوه وقادوه إلى النصر المبين ، وعلى رأسهم زعيم حزب الاستقلال، علال الفاسي، وزعيم حزب الشورى والاستقلال محمد حسن الوزاني، وزعيم حزب الوحدة والاستقلال الشيخ محمد المكي الناصري وزعيم حزب الإصلاح الوطني، عبد الخالق الطريس، وقد التحقوا كلهم بالرفيق الأعلى… فمن يذكرهم اليوم من أجيال ما بعد الاستقلال . اسألوا طلبة الجامعات !…..
هؤلاء الزعماء أصروا على أن يكونوا دوما في مقدمة الصفوف، كما كانوا في مقدمة من تعرضوا للتعذيب والتنكيل والنفي من طرف أعوان الاستعمار ، فلم يهونوا ولم يضعفوا، بل تصدروا المعركة في الداخل والخارج، منتقلين بين أروقة المنظمات العربية والدولية، مسلحين بإيمانهم في عدالة قضية بلادهم، مصرين على عودة الشرعية بعد أن امتدت يد الاستعمار والخيانة إلى رمز السيادة الوطنية، في 20 غشت 1953، وكان زعماء الحركة الوطنية قد شكلوا، هنا في طنجة” الكتلة الوطنية، لمواجهة المناورات الاستعمارية التي كانت تحاك ضد المغرب وملكه الشرعي، محمد الخامس.
ولعل أول شرارة وطنية في حرب التحرير كانت قد انطلقت من طنجة، سنة 1947، حين أعلن جلالة الملك محمد الخامس، في وجه العالم، من منبر هذه المدينة “الدولية” وأمام عدد من سفراء الدول الأجنبية، مطالبة المغرب بحقه في الاستقلال والحرية والوحدة ، وحنينه إلى الانضمام إلى الجامعة العربية وإلى المنظمات الاسلامية، وأمن على هذا المطلب بمقولته التاريخية : “ما ضاع حق من ورائه طالب” “إن حق المغرب لا يضيع ولن يضيع” !…..
وكان ما تنبأ به الملك المحرر، وعاد إلى عرشه مظفرا منتصرا، بعد سنتين من النفي والاغتراب، وأعلن بزوغ فجر الحرية والاستقلال وانتقال المغرب من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، وهو بناء الاستقلال…..الذي تولاه من بعده خلفه الراحل الحسن الثاني، ثم بعده جلالة الملك محمد السادس الذي يقود شعبه بخطى حثيثة على طريق التقدم والتطور والحداثة وترسيخ قيم الديمقراطية وصيانة الوحدة الترابية وإذكاء إشعاع المغرب على العالم ، منارة للاستقرار والتعايش والتسامح بين كافة شعوب العالم، في إطار الاحترام المتبادل وتعزيز القيم الانسانية المثلى.