الشاعر السوداني الراحل الطيب صالح في أصيلة
جريدة طنجة – طارق شريف (أمانديس )
الثلاثاء 10 نوفمبر 2015 – 11:05:41
وقد نشر خلال الأسبوع الماضي الصحافي السوداني الأستاذ صالح الشريف، مقالة في جريدة الرأي العام السودانية، خصه لعشق الشاعر السوداني الراحل الطيب صالح، لمدينة أصيلة التي اكتشفها سنة 1980، بفضل الصداقة التي كانت تجمعه بالوزير والديبلوماسي وعمدة أصيلة وأمين عام منتدى أصيلة الأستاذ محمد بن عيسى الذي خلد ذكرى الطيب صالح في أصيلة بأن أهدى الشاعر السوداني الكبير، حديقة وسط أصيلة كما أهدى لروح الشاعر محمد درويش و الشاعر الكنغولي تشيكايا اوتامسي، حديقتين بنفس الفضاء تعبيرا عن تقدير مدينة أصيلة وأهلها لإبداعهم ووفائهم لموسمها الأصيل.
أجمل كلام قرأته عن الطيب صالح قاله الشاعر السورى أدونيس فى تكريم خاص أقيم للطيب صالح فى باريس العام 1994 ومن ذكاء مؤسسة منتدى الأصيلة بالمغرب أنها أعادت نشر المقال البديع ضمن مقالات رائعة فى كتاب تكريماً للطيب صالح وهكذا تكرم اصيلة الطيب صالح حياً وميتاً، وكانت قد كرمته فى حياته فى العام 1994. يقول أدونيس فى مقدمة مقاله الرائع : (اقرأوا شخص الطيب صالح ، أظن أن الفرق بين شخصه وابجديته ليس فرق هوية بل فرق في درجات الضوء . ابنوس يقود العين إلى جهة الليل والسر وهذا الخفر المغمور بنوع من الكآبة الهادئة دعوة للدخول فى طبقات محيطه القصوى).
بدأت علاقة الطيب صالح بأصيلة في العام 1980 عندما قدم إليها مع أسرته تلبية لدعوة امينها العام محمد بن عيسى وفي هذا الموسم تأسس المنتدى العربى الافريقى (منتدى اصيلة) وأصبح الطيب صالح عضوا مؤسسا للمنتدى.
كانت إقامة الطيب صالح فى أصيلة غير مريحة على الإطلاق وأقام مع زوجته وبناته الثلاث ضيفا على الموسم ببيت لإيصال الماء إلا ساعة واحدة ولم يكن بالبيت حتى الضرورى من المتطلبات المنزلية ولم يكتشف مسؤولو منتدى اصيلة إلا قبيل مغادرة الطيب صالح طنجة إلى لندن. ومرت سنوات ولم يعد الطيب صالح إلى اصيلة وكان محمد بن عيسى كلما التقى به فى الدوحة او باريس او لندن يعتذر ويطلب منه السماح على ما تكبده من معاناة مع أولاده فى تلك السفرة الأولى إلى اصيلة فكان الطيب يقول له فى كل مرة (كيف تعتذر لي يا رجل وقد استرجعت صباى فى اصيلة).
وكان الطيب صالح معجبا بأصيلة ويقول ان حوارى المدينة وصبيانها وهم يلعبون فى الأزقة ودكاكينها الصغيرة ووتيرة الحياة اليومية بها فى السوق والممشى والمقهى كل ذلك يذكره بصباه فى قريته بشمال السودان. وقد توطدت علاقة الطيب صالح بأصيلة وأصبح يزورها سنويا وتعرف فيها على العديد من الشعراء والمفكرين ويروى محمد بن عيسى قصته مع الشاعر والمسرحي الكنغولي الراحل تشيكايا اوتامسي الذي كان يحترم الطيب صالح وينشد له الاغنية العربية الوحيدة التى كان يرددها (اغدا الكاكا) ويضحك الطيب صالح ويصحح تشيكايا ألقاك وليس الكاكا.
كرم منتدى اصيلة الطيب صالح مع الرئيس سنغور والأمير الحسن بن طلال فى العام 1994 أما في العام 2002 فقد فاز الطيب صالح بجائزة الرواية العربية التى ينظمها المنتدى ،وقد بادلت اصيلة الطيب صالح الحب واحتفت به الاحتفاء الذي يليق به،وكان صديقه الوفي محمد بن عيسى هو حلقة الوصل بينه واصيلة وأجمل مشهد كان فى صلاة العيد يقول محمد بن عيسى (فى أصيلة صلى الطيب صالح مع سكان المدينة بالمصلى فى الهواء الطلق كان جميلا بعمامته البيضاء وجلابيته وقامته التى دخلت المصلى وخرجت منه فى حشمة وتواضع ملحوظيْن).