أمام عجز الحكومة على الحسم في قضية التدبير المفوض ملف “أمانديس بيد القضاء”
جريدة طنجة – عزيز كنوني ( أمانديس )
الإثنين 30 نوفمبر 2015 – 15:00:20
القضية انتقلت الآن إلى القضاء، كتعبير عن عدم رضا المتضررين من أهالي طنجة، على الحلول التي تشكل منتهى ما بلغ إليه “لوح” رئيس الحكومة وهو مراجعة الفواتير لشهرين اثنين، وإعادة النظر في مسألة العداد المشترك، و فتح مكاتب الشكايات في مقرات الشركة والمقاطعات، والتأكيد على أن للدولة “منطقها” الذي “لا يخفى على أحد” !!!…
ثم هناك قضية الأشطر التي اختل توازنها بعد الزيادات التي أقرتها حكومة بنكيران، من أجل امتصاص عجز في خزينة ”مكتب الضو والما”، بملايير الدراهيم (45 ملياردرهم)، علينا نحن “الزبناء”ــ رغما عنا ــ أن “نساهم” بتوفير جزء هام منها،(30 بالمائة) دون أن يكون لنا الحق في المطالبة بمحاسبة المسؤولين عن هذا العجز وأسبابه، ولا عن إسقاطاته على فواتير أمانديس التي أضحت لا تحتمل غلاء وفداحة، وإلا ووجهنا بـ “منطق الدولة”ــ الذي هو “منطق الأقوى” كما جاء في إحدى القصص الشعرية الرائعة للكاتب الفرنسي “لافونطين” “الذئب والحمل”، (1668)، وألصقت بنا تهمة “الفتنة” العزيزة على الإخوان ! …
بنكيران تحدث عن “اختلالات” وقفت عليها اللجنة الوزارية التي سبقته ووزيره في الداخلية إلى طنجة، لتقصي الحقائق ــ التي لم تعد خافية على أحد هنا في طنجة ــ “بسبب المخالطة والمعاشرة والاطلاع الكاشف على غالب الأحوال ” كما يقول فقهاء الإثبات في باب الشهادات”….ولكن رئيس الحكومة توقف عند “ويل للمصلين”…دون أن يواصل الغور في أسباب تلك الاختلالات، ما ظهر منها وما بطن، المهم أن تتوقف الاحتجاجات ويتوقف تدفق الناس في الشوارع والساحات العمومية للتنديد بشركة أمانديس التي عاب بنكيران على المواطنين المغاربة نعتها بــ “الاستعمارية” والحال أنها لم تكن موجودة أيام الاستعمار بالمغرب، بل إنها شركة فرنسية وظفت لتأدية مجموعه خدمات لصالح المواطنين.
إلا أن المواطنين ليسوا راضين عن خدمات تلك الشركة ويرفضون أن تفرض عليهم غصبا وقهرا، ولذا فكر بعضهم في التوجه إلى القضاء، لأن “العدالة وطن الإنسان” (جان – شارل لوغران).

صاحبة مبادرة التوجه للقضاء ضد أمانديس هي الجمعية المغربية لحقوق الانسان – التي لا تتمتع بعطف خاص من طرف بعض الجهات النافذة ــ حيث راج في بعض المنابر الإعلامية، أن محاميين عن الجمعية تقدما بملتمس إلى النيابة العامة بابتدائية طنجة بفتح تحقيق حول “الاختلالات” التي أقر رئيس الحكومة بوجودها وكذا وزير الداخلية ، في أداء شركة أمانديس المفوض لها تدبير قطاع الماء والكهرباء والتطهير، وبتكليف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بإنجاز بحث وتحقيق في مجمل تلك الاختلالات التي يؤطرها القانون الجنائي، اعتمادا على التصريحات الضمنية التي صدرت عن كل من عمدة طنجة، ورئيس الحكومة ووزير الداخلية بشأن ارتكاب شركة التدبير المفوض لأخطاء شابت عملية التدبير وقراءة العدادات والفوترة ، واعتمادا أيضا على التأكيدات الثبوتية التي صدرت عن اللجنة المكلفة من طرف وزارة الداخلية حول ارتكاب الشركة لأخطاء اعتبرتها الجمعية المغربية لحقوق الانسان بمثابة “جرائم” والمتعلقة أساسا بعدم قراءة العدادات بصفة شهرية مما أدى إلى دمج الأشطر وتطبيق الشطر الأكثر غلاء ، وكذلك على بيان المجلس الأعلى للحسابات الذي رصد في تقريره سنة 2009، مجموعة من الاختلالات المرتبطة، بشكل عام، بعدم احترام شركة أمانديس لبنود دفتر التحملات في مختلف جوانبه.
محاميا الجمعية طالبا كذلك بالاستماع إلى كل من رئيس الحكومة ووزير الداخلية وعمدة طنجة بخصوص الاختلالات التي يبدو أن شركة أمانديس متورطة فيها.
ومعلوم أن رئيس المجلس الأعلى للحسابات، ادريس جطو، كشف في عرضه، الأربعاء الماضي، أمام لجنة مراقبة المالية العامة بمجلس النواب، أن عقود عدد من شركات التدبير المفوض بالمغرب قد تجاوزت تواريخ مراجعتها، موضحا أن مراجعة العقود المتعلقة بشركتي “ريضال” في بلاد ما وراء عرباوة وأمانديس في طنجة ومدن الشمال، لم تتم مراجعتها رغم مرور ثماني سنوات على الوقت المحدد للمراجعة,
واعتبر جطو أن أهم الاختلالات المسجلة، والتي لها تأثير سلبي على فصول التعاقد والتوازن المالي للعقد، عدم احترام المواعيد الدورية لمراجعة العقود المتعقلة بالتدبير المفوض، ودعا، بالمناسبة، إلى التعجيل بمراجعة العقود، ضمانا لاستمرارية المرفق العمومي.
كما طالب السلطات المفوضة بمراقبة استعمال أموال صندوق تدبير الأشغال، والذي ترصد أمواله للاستثمارات، والسهر على احترام مبدأ المنافسة في إبرام الصفقات.

وفي هذه الأثناء تتردد في طنجة أنباء عن وجود حالات تخبط داخل الشركة الفرنسية ، حيث تم طرد سبعة من “قراء العدادات”، قيل لهم بسبب تعليمات “فوقية”، وفهم الخاصة والعامة أنهم “أكباش فداء” قبل أن تثمر تدخلات من “الداخل” لإرجاعهم لعملهم، بسبعتهم. في حين لوحظ أن الشركة تجتاز مرحلة “اضطرابات” صعبة، بالرغم من أنها شرعت، فعلا، في تنفيذ ثلاثة من التدابير الثمانية الموصى بها لفض النزاع بين الشركة وزبنائها.
أخبار أخرى من داخل “حصن” أمانديس تتحدث عن اجتماعات متتالية بين كبار رؤوس الشركة التي أصابها نوع من التيه حول من أين يبدأ الإصلاح وأين ينتهي ،ومن تعود له ، إداريا، أهلية القيام بالفوترة إلى غير ذلك من التجاذبات التي سببها اندلاع الغضبة الشعبية من أداء الشركة.
وحيث أن الحكومة أبانت عن عدم قدرتها على الحسم في قضية “التدبير المفوض” فقد انتقل ملف النزاع إلى القضاء ليقول كلمته الفاصلة في موضوعه.















