من يَضحكُ علينا ؟ الحكومة، أمانديس، أم هما معا؟ !!!
جريدة طنجة – ع.كنوني ( الحكومة، أمانديس )
الخميس 26 نوفمبر 2015 – 10:43:55
هذا ما يستشف من تدخلات رئيس الحكومة خلال جلسة المحاسبة تحت قبة البرلمان، الثلاثاء الماضي، حين أقر، للمرة الألف، بوقوفه على “اختلالات” ومشاكل في تدبير الشركة الفرنسية لقطاع الماء والكهرباء بسبب “عدم وفاء الشركة بالتزاماتها”، وصرح بأنه ووزير داخليته اجتمعا في طنجة، مع ممثلي هذه الشركة، وألزماها بمراجعة الفواتير ، “وهو ما حصل فعلا” يؤكد بنكيران الذي صرح أن الحكومة “لا تريد أن يظلم المواطن، أو أن تظلم الشركة” !…بالرغم من أنه حمل أمانديس تبعات “العدادات المشتركة” التي أفرزت فواتير في الشطر الرابع أو الخامس، الخاص بالأسر الميسورة، والتي طلب من السكان “الغير ميسورين” تأديتها، فتمت “القومة” الطنجاوية التي أثنى بنكيران على الطريقة الحضارية والسلمية التي تمت بها، دون أن يترك الفرصة تمر ليثير الانتباه إلى “الصورة السلبية للاحتجاجات وتأثيرها على المستثمرين وعلى العلاقات من الشركات الأجنبية !!!…
يعني أنه بمنطق بنكيران، كان يجب على المتظلمين من فواتير أمانديس أن يتحملوا الظلم والفقر والجوع والذل من أجل خاطر المستثمرين والشركات الأجنبية وحتى يحظى بنكيران وحكومته اللاشعبية، بثناء “عطر” من مادام لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي، ومن معها !…
وقدم بنكيران لنواب الأمة درسا في باب التدبير المفوض الذي قال عنه إنه من “أكثر طرق تسيير المرافق العمومية شيوعا” وأن المغرب لم يخرج عن القاعدة ، على أن هذا التدبير المفوض يعرف “بعض المشاكل” في المغرب، ”بسبب عدم التزام الطرفين المتعاقدين ببعض الشروط التعاقدية، و “قلة خبرة الجماعات المفوضة في مجال المراقبة”
على أي، فإن “تبوريدة” رئيس الحكومة بالبرلمان ، خلال الجلسة الشهرية للسياسة العامة للحكومة، تحتاج إلى “مجلدات” للرد على ما جاء فيها من “كلام موزون ومقفى” لابد وأن يكون قد خرج من محبرة تعودت على مقولة “العام زين” ، ومنها أن “الدولة ليست “نائمة” كما قد يتصور البعض ولا تقوم بواجبها، وحين تقع اختلالات أو تجاوزات، يتكلم المواطنون وتتحرك الدولة …. بالطريقة المعلومة، طبعا ! …
إلا أن الشركة الفرنسية “المدبرة على رأسها “، سارعت إلى نفض تهم الاختلالات والتجاوزات والزيادات عنها، بمجرد ما عاد بنكيران إلى الرباط، ليتفصح على النواب فيما بعد، وقبلهم على رجال الإعلام الذين اتهمهم، كعادته، بتحريف كلامه واستغلاله الاستغلال السيء !
مدير الزبناء بالشركة واسمه الحسن العمراني، نقلت عنه جريدة “أخبار اليوم” ، ما معناه أن غلاء الفواتير راجع إلى احتساب الأشطر الاجتماعية حيث أن ما يجب احتسابه في الشطرين الأول والثاني ينقل إلى الشطرين الرابع أو الخامس فينتقل ثمن الأشطر الاجتماعية من درهمين و 73 سنتيما إلى ما فوق 11 درهما و 32 سنتيما ، الأمر الذي تتضرر منه الفئات الاجتماعية الضعيفة، بطبيعة الحال. أما ارتفاع فاتورة غشت وشتنبر فهو راجع حسب المسؤول الأمانديسي” إلى الاستهلاد المرتفع في فصل الصيف !…
وما أن هدأت احتجاجات أهل طنجة ضد أمانديس في انتظار “الفرج”، حتى طلع علينا المدير العام لشركة “فيوليا ـ المغرب” برونو كولارد، بتصريحات مثيرة، اتهم فيها سياسيين ومنتخبين محليين ب” تسييسهم المتعمد” لارتفاع فواتير أمانديس، واستغلالهم لقضية هذه الفواتير لتأجيج الزبناء ومحاولة إقناعهم بحمل صورة سيئة عن الشركة الفرنسية.
وأكد في حوار مع جريدة “الصباح”، أن هناك “جهات” سعت إلى اقناع السكان بأن الشركة “أخطأت” في حقهم، ولم تف بالتزاماتها الاستثمارية في القطاع الموكول إليها أمر تدبيره، وهو ما دفع الرأي العام إلى الاعتقاد أن الشركة تعمدت رفع أسعار استهلاك الماء والكهرباء، وهذا عكس الحقيقة !!..
والحقيقة من وجهة نظر برونو كولارد، هي أن الأسعار المطبقة حاليا تستند إلى “قرار حكومي” يشمل كافة الجماعات المحلية بالمغرب وفق العقد البرنامج الموقع بين الدولة والمكتب الوطني للماء والكهرباء والذي يستمر تنفيذه خلال السنتين المقبلتين، عبر زيادتين في التعريفة ، الأولى في يناير 2016 والثانية في يناير 2017.
وأوضح، من جهة أخرى، أن معالجة حوالي 80 ألف فاتورة، بطنجة، لم تكن بسبب وجود أخطاء في تحديد قيمة الفواتير، وإنما بسبب مشكل مرتبط بالعدادات الجماعية التي ينعكس استخدامها سلبا على الزبناء،وبالتالي كان لازما معالجة هذا الأمر بوضع عدادات فردية.
وختم تصريحه بالإشارة إلى أن لشركة أمانديس مستحقات متأخرة على مجلس جماعة طنجة الحضرية بقيمة 100 مليون درهم.
للتذكير فإن الدولة تعهدت في إطار العقد البنامج بضخ 45 مليار درهم، في خزينة المكتب الوطني للماء والكهرباء لإنقاذه من الأفلاس “السريري” دون أن تشغل الحكومة بالها بمعرفة أسباب هذا الإفلاس أو بمساءلة مديره وهو، لعلمكم ، ينتسب إلى قبيلة الفاسيين الفهريين العتيدة . وبمقتضى هذا العقد تتحمل الدولة 70 بالمائة من مجمل الدعم الحكومي بينما يتحمل المشتركون في شبكتي الماء والكهرباء، النسبة الباقية، خلال مدة العقد (2014 – 2018)، عبر مراجعة تدريجية ( نقرأ: زيادات فلوسية) للأثمان ابتداء من فاتح غشت 2014.
ولا شك أن هذه “الزيادات التدريجية” هي التي آلمت أهل طنجة وأخرجتهم من ديارهم للاحتجاج على غلاء الفواتير !…
وهكذا تصر الحكومة على أن سبب ارتفاع فواتير الماء والكهرباء بطنجة ناتج عن “اختلالات” و “مشاكل” تلمسها رئيس الحكومة خلال زيارته “البرقية” لولاية طنجة، وإلى عدم وفاء الشركة المعنية والسلطة المفوضة، بالتزامتهما المنتصوص عليها في عقد التفوض، وتصر الشركة الفرنسية ــ التي تولى بنكيران الدفاع عنها حين عاب علي المستهلكين (بفتح اللام طبعا)، نعتها بالاستعمارية ــ، على رفض تحمل مسؤولية غلاء الفواتير وتؤكد أن السعر المطيق تم وفق قرار تتخذه الجماعات مع اعتبار ثمن الشراء من المكتب الوطني للماء والكهرباء كما تؤكد أن قراءة العدادات تتم بصورة عادية بل وتصل إلى 95 بالمائة منها فيما يتم اعتماد تقدير لتحديد الاستهلاك بالنسبة إلى باقي العدادات التي يصعب الوصول إليها. أما الزيادات التي تضرر منها المواطنون بالنسبة لشهري يوليوز وغشت، فإن أمرها راجع إلى قرارات حكومية في إطار العقد البرنامج المبرم بين الدولة ومكتب “الما والضو” وأن أمانديس لا يمكنها أن تزيد أو تنقص في سعر الاستهلاك إلا بقرار حكومي.
من يضحط علينا إذًا ؟
_____________
بقلم : عزيز كنوني
azizguennouni@hotmail.com