العربية امتداد كوني في التاريخ والجغرافية
جريدة طنجة – عبد العزيز الحليمي (العربية )
الخميس29 أكتوبر 2015 – 16:01:47
اللغة بالنسبة لكل الشعوب، هي الإحساس بالذات، هي الوطن، هي الحضور، هي الجذور، هي العقيدة.
لا يمكن للفرد أن ينسلخ من ذاته، ويفكر، ويبدع بلغة الآخر، وهنا للاستدلال…
إن الترجمة التي قام بها الأستاذ عبد الله العروي لكتابه “الإيديولوجية العربية المعاصرة” والتي صدرت سنة 1996 كما يقول هو نفسه تصحيحا لترجمة سابقة ظهرت في بيروت إثر صدور الكتاب في طبعته بالفرنسية/الترجمة الذاتية : عندما يترجم الكاتب مؤلفاته للدكتور عبد السلام بنعبد العالي ص:183، مجلة ثقافات البحرينية سنة 2008. أي أن الكاتب أبدع الإبداع الثاني بمنتوجه اللغوي كقناعة منه شخصيا.
إن بعض الكتبة بلغة الآخر عن تراث بلدهم، ينقلون الصور مرتجة، بما يجعل هذا الآخر يطعن في منتوجهم، كما حصل للكاتب الفرنكوفوني الطاهر بنجلون مع الروائية الفرنسية في تأليفه “ليلة القدر”.
اللغة العربية استوعبت الفلسفة اليونانية، وأنتجت في الفلسفة، والطب، والأدب، والجغرافية، وعلم النبات، وعلم البحار، والفلك، والموسيقى، فالعربية مطواعة، قابلة للمرونة والتطور، فضفاضة، ذات اشتقاقات وغنى في المرادفات، ولها من الجماليات في الكتابة، حتى اختارتها شعوب للكتابة بإبداعاتها، دون النطق بها كأفغانستان، والباكستان وإيران، كما تتواجد اللغة العربية كلغة حية لتدريسها في الجامعات العالمية، ما يقع في الغرب الإسلامي هو مؤامرة استيلاب فكري في إطار الفرانكوفونية فهل نرضى نحن أصحاب لغة الضاد أن ترتب في الدرجة الثانية بالنسبة للفرانكوفونية، لأن الجوائز الأدبية ترتب وتخصص للشعوب الناطقة بالفرنسية أو كما يعبرون للشعوب ما وراء البحار، ولغتنا العربية متجذرة تاريخا، وأدبا، وعلما، وفنا.
قد نُجبر على ملامسة مقارنة في جانبها الفكري بين الوهابية في هدم المعالم واجتثاث التراث وبين الفرانكوفونية وأدواتها في الداخل لهدم الشخصية وتغريبها والعمل من أجل استيلاب الفكر العربي مغاربيا.
إن التأمل في تطور اللّغة العربية عبر آلاف السنين يجعلها آنيا تفرض تواجدها ككارسي في أرقى الجامعات من اليابان والصين إلى أوروبا فالولايات المتحدة الأمريكية.
بما أن عصرنا يواكب الحداثة بالتواصل، فالفضائيات العالمية اعتمدت اللغة العربية كجزء مكمل لبرامجها باللغات الحَيّة الأخرى، وكذا جميع الآلات الإلكترونية وفي أحدث إنتاج تتعامل سواسية مع باقي اللغات الحية في العالم.
وامتدادا لتراثنا الفَني بتنوعه المسموع والمكتوب والتشكيلي، وتذوق أبناء الغرب به، فقد غنت كوكب الشرق السيدة أم كلثوم في المسرح الأولمبي بباريس، فكاد الجمهور الأجنبي أن يعادل حضور الجمهور العربي بل ذهب مدير المسرح للتعاقد معها لإحياء حفلاتها كل شهر بمسرحه لكنها أبت.
حسب الباحثة اللبنانية الدكتورة زينات بيطار : كان الفنــّان وجيه نحلة يقسم بناء اللوحة إلى جزأين، علوي وسفلي تتداخل فيه الحروف العربية بالجسد الإنساني (مجلة العربي عدد 242 مارس 1996).
وللتذكير فإن اللغة العربية أخذت أصول النَّحْو عن سيبويه. وعن جهابذة الفكر وصائغي العقول الإنسانية كتب أحمد لطفي السيد : “…واللغة العربية هي التي أدخلت في الغرب طريقة التعبير العلمي.. والعربية من أنقى اللغات، فقد تفردت بتفردها في طرق التعبير العلمي والفني والصوفي.. وعن علماء الغرب : لويسر ماسينيون :
“…لقد برهن جبروت التراث العربي الخالد على أنه أقوى من كل محاولة يقصد بها زحزحة العربية الفصحى عن مقدمها المسيطر”.
يوهان فاك ألماني :
“…إن أقوى القوى التي قاومت الاستعمار الفرنسي في المغرب هي اللغة العربية بل ا للغة العربية الكلاسيكية الفصحى بالذات”.
جاك بيرك –فرنسي- عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة :
“…الوحدة العربية هي لغوية أخلاقية دينية، مؤسسة على وحدة تاريخ اللغة.. هذه الوحدة في اللغة الفرنسية لا تتضح لنا إلا بالبحث والمقارنة في حين أن وحدة اللغة العربية تتضح للقارئ.. ولو كان أجنبيا –لأول وهلة-، لغة القرآن لا تزال هي لغة اليوم، وهذا ما تتميز به العربية عن اللغات الأخرى”.
بلاشير فرنسي :
“…إن من أغرب ما وقع في تاريخ البشر وصعب حل سره، انتشار اللغة العربية، فقد كانت هذه اللغة غير معروفة بادئ بدء، فبدأت فجأة في غاية الكمال سَلسلة أي سلاسة، غنية أي غنى، كاملة بحيث لم يدخل عليها منذ يومها هذا أي تعديل مهم، فليس لها طفولة ولا شيخوخة”.
فلماذا إذن تقزم اللغة العربية ويراد محوها في مغربنا ؟
معناه.. إفراغ الأنسية المغربية من محتواها، مع العلم أن الكفاح من أجل الاستقلال في مغربنا كانت بواعثه الحفاظ على الدين واللغة.
ما لحظناه منذ مدة هو تعميم اللافتات التجارية بالفرنسية، وأن بعض العائلات تجعل خطابها اليومي، وحتى مع أبنائها باللغة الفرنسية بدعوى التمدن والحضارة.
إذن أصبحت الهَبَّة الوطنية لإنقاذ اللغة آنيا لا محالة لإنقاذ لغة الدين والقرآن.


















