عن أمانديس مرّة أخرى.. أو الحاجة إلى الوضوح
جريدة طنجة – محمد العمراني (أمانديس )
الأربعاء 27 أكتوبر 2015 – 10:46:04
لم يعد مقبولا بعد اليوم أن يتم التعاطي مع احتجاجات المواطنين كموجة غضب عابرة، فالأوضاع تغيرت، والعقليات أيضا…
ما يدفعنا إلى هذا التنبيه، هو ما تم تسجيله من تحركات وتدابير منذ انفجار هذا الغضب العارم…
مجلس المدينة يسابق الزمن لاتخاذ ما يمكن اتخاذه من قرارات وإجراءات، هي ذات طابع تقني في العمق…
البعض منها تم تجريبها إبان الحراك الشعبي مع حركة 20 فبراير 2015، وبعضها الآخر ينفذ لأول مرة، له علاقة بالتدابير المصاحبة للزيادة التي أقرتها الحكومة في تسعيرة استهلاك الماء والكهرباء، خصوصا ما يتعلق بتسهيل مسطرة الحصول على العدادات الفردية…
هي إجراءات قد تساهم ولاشك في تخفيض كلفة الفواتير، لكن تنزيلها على أرض الواقع، أخذا بعين الاعتبار تعقد المساطر الإدارية، ستعترضه العديد من الصعوبات، وسيبقى أثره محدودا…
فليس كل من خرج للاحتجاج على اشتعال الفواتير يمتلك عدادات مشتركة!…
لنترك جانبا الإجراءات التقنية التي لا يجب على مجلس مدينة طنجة أن ينساق إليها، فأمانديس تحاول حصر الحلول في تدابير إجرائية ذات طبيعة تقنية، والحال أن الإشكال في العمق مرتبط برفض الشركة الفرنسية الانصياع لدفتر التحملات، على عِلاته، علما انه فٌصِّل على مقاس الشركة الفرنسية إبان التحضير لدخولها للمغرب، لأسباب يعلمها الجميع…
طغيان وغطرسة أمانديس سببه غياب المراقبة…
ينبغي أن نقولها بصراحة، ليست هناك آليات ناجعة لمتابعة مدى التزام أمانديس بدفتر التحملات، رغم نواقصه الكثيرة…
ما يسمى باللجنة الدائمة للمراقبة، هي في حقيقة الأمر اللجنة النائمة دائما عن فضائح الشركة الفرنسية…
ظاهريا يبدو أن اللجنة الدائمة للمراقبة هي آلية لمراقبة أمانديس، لكن في حقيقة الأمر هي مؤسسة خاضعة لسلطة ورغبات الشركة الفرنسية، ودورها هو تبرير قراراتها، عوض أن تكون أداة ووسيلة في يد مجلس المدينة، باعتباره السلطة المانحة لامتياز التدبير المفوض…
وبالبحث عن الأسباب التي تجعل المصلحة الدائمة للمراقبة، أو بالأحرى النائمة عن المراقبة، نجدها ينطبق عليها المثل القائل “من الخيْمة خْرجْ عْوجْ”…
هل يعقل أن يٌسند لمسؤول هو في الأصل إطار بشركة أمانديس مهام مراقبة ذات الشركة؟…
هل يعقل أن يتقاضى المسؤول عن المراقبة أجره من ميزانية اللجنة الدائمة، لكن على أساس وضعيته الإدارية بالشركة الفرنسية؟…
لنوضح أكثر:
موظفو اللجنة الدائمة للمراقبة هم في الاصل أطر بأمانديس، تم إلحاقهم بمصلحة المراقبة، بقرار من وزارة الداخلية، على أساس أن يحتسب أجرهم وفق وضعيتهم الإدارية بالشركة الفرنسية، وهنا بيت القصيد…
ما الذي حدث مع المسؤولة الحالية عن اللجنة الدائمة للمراقبة؟…
السيدة استفادت من ترقية استثنائية في ظرف سنوات قليلة، حتى صارت وضعيتها الإدارية تعادل منصب مدير عام بالشركة، الذي يتجاوز أجره ثمانون ألف درهم الشهر، وحيث أن أجور أطر اللجنة الدائمة للمراقبة يجب أن تراعي وضعيتهم الإدارية بشركة أمانديس، فإنها تتقاضى أجر مدير عام!..
هاته التفصيلة تفضح كل شيء..
فالمسؤول عن مراقبة أمانديس يجب عليه أن يبقى خاضعا لنزوات وسلطة الشركة الفرنسية، حتى يتسنى له الاستفادة من ترقياتها، وامتيازاتها، وكرمها الحاتمي!!…
أكثر من ذلك فميزانية اللجنة الدائمة تقدر بملايين السنتيمات سنويا، وهي ممولة من مساهمات الشركة الفرنسية، وموضوعة رهن إشارة المسؤولة عن المراقبة، وغالبا ما تصرف في تمويل الدراسات التي تنجز للتحقق من تقديرات أمانديس، التي تقترحها لتنفيذ استثمارات البنيات التحتية، وهنا يجب التدقيق في مساطر منح الصفقات لهاته المكاتب، وتقويم نتائجها، ومقارنتها مع ما تقترحه أمانديس…
إنها غابة من العلاقات المتشابكة، ترخي بظلال كثيفة من الشكوك حول طبيعة العلاقة بين مؤسسة موكول لها أمر المراقبة والتتبع، وشركة يفترض أنها ملزمة بتنفيذ عقد ينظم مجال تدبيرها لقطاع الماء والكهرباء وتطهير السائل…
هذا هو الملف الذي ينبغي على المنتخبين والإدارة الترابية الانكباب على معالجته، ويبدو اليوم أن الظرف مناسب أكثر من أي وقت مضى لإعادة النظر في تركيبة اللجنة الدائمة للمراقبة، وفك الارتباط بشكل تام مع الشركة الفرنسية درءا لكل الشبهات…
طبعا هذا يبقى المدخل الذي لا غنى عنه إن تقرر التمديد لأمانديس، في حالة إذا ما تعذر فسخ العقد معها وإنقاذ الساكنة من بطشها…
على المؤسسات المتدخلة في أمانديس: مجالس حضرية، مجلس الجهة وسلطات ترابية الجلوس على طاولة واحدة لإعادة النظر في ملف التدبير المفوض لهذا القطاع الحيوي، بعد أن اتضح بالملموس أن الشركة المفوض لها همها الأساس هو الاغتناء على حساب جيوب المواطنين، وإن احتاجوا للدليل ما عليهم إلا الرجوع لتقرير المجلس الأعلى للحسابات عن سنة 2009، وفيه سيجدون تشخيصا شاملا لفضائح أمانديس…
نريد منكم فقط الاطلاع عليه، وبعد ذلك اتخذوا ما ترونه مناسبا من قرارات…
فقط تذكروا أن الساكنة خرجت للاحتجاج، وفي ذلك رسالة لمن يهمه الأمر…
فهل تعتبرون؟…