نتائجُ بطعم “الخيانة”
جريدة طنجة – عزيز گنوني (.العمود الرئيسي.)
الثلاثاء 06 أكتوبـر 2015 – 12:29:23
الخيانة حصلت، فعْلاً، وقد صَدحت بها أصوات مسؤولة من القيادات الحزبية، في الجانبين، بل وجعلها بعض من انهزم من أسباب هزيمته، ون نجح، من صميم لعبة الديمقراطية، التي تبيح القفز على الحواجز والتنكر للمبادئ فالغايات تبرر الوسائل !
هذا ما ترَدّد في أكثر من مَحْفل سيـاسي بعد عملية الانتخـابـــات الأخيرة، التي حولتها بعض الأحزاب السياسية إلى “مهزلة” حقيقية، تدعو للإشفاق والسخرية من قيادات فاشلة، عاجزة، لا تجد أدنى حرج في التحلل من تحالفاتها ومواثيقها ولا من الاستخفاف والضحك على ذقون مناضليها…..بعد أن وضعت “خطوطا حمراء” للتعامل فيما بين “كتلة” المعارضة و “تحالف” الأغلبية التي اتضح، فيما بعد، أن الأمر لا يعدو، بالنسبة إليها، أن يكون “مسرحية” بخاتمة حزينة، مأساوية، وبدون ذوق وحس سياسي مسؤول!
إنه إغْراء الكعكة !
وليست رغبة في تمرير برامج سياسية تصب في مصلحة الشعب، كل الشعب…الخيانات وقعت ساعة الحسم في الرئاسات وفي المقاعد “الثمينة” التي رصدت لها الحكومة من أموال الشعب رواتب خيالية تضاهي رواتب الوزراء وكتاب الدولة…..من أموال دافعي الضرائب، طبعا، لتضاف إلى تقاعد النواب والمستشارين الذين لم يفلح الطالبي العلمي و الشيخ بيد الله في ضمان حضورهم وصدهم عن النوم أثناء “الحصص” البرلمانية ومن لعب “الكارطا” الاليكترونية خلال جلسات الأسئلة الشفوية ، أما تبادل السب والشتم و “البونية” فهذا أمر دخل في الممارسات البرلمانية العادية.
ومعَ أن “بوادر” انتخــاب مجلس المستشارين لا تبشر بخير، فإننا نرجو أن تأتي تشريعات السنة القادمة بأناس في مستوى طموحات المغرب وطنيا ودوليا، ولكنه رجاء سعان ما يبدده واقع انتخابات 4 و 14 يوليوز الماضي، مع الأسف الشديد ! .
المفارقة الأولى والعجيبة التي سجلها أكثر من ملاحظ ومتتبع سياسي، هي أن من “أفسد اللعبة” الانتخابية، هذه المرة، ليست وزارة الداخلية، التي حصنت العملية الانتخابية بترسانة من القوانين والانظمة، اعتبرت رائدة في هذا المجال، بل “الحيوانات الانتخابية” الوطنية من مجموعة أحزاب عرت الانتخابات واقعها المزري، فلا هي من اليمين ولا من اليسار ولا من الوسط، ولا من الأجنحة المتطرفة، وكشفت عن توجهاتها الحقيقية نحو مغانم تغنمها من “صندوق العجب”، الذي أفرز نتائج عاكست انتظارات المصوتين من أحزاب المعارضة والأغلبية على حد سواء، لأن من يدبر خيوط اللعبة يوجد خارج الملعب ومن يقرر، لا يحيط به إنس ولا جان….
لعبة الخيـانـــات مارَسَها معظم الأحزاب الكبرى، أغلبية ومعارضة، باستثناء حزب صغير، متحالف مع أغلبية متناقضة مع توجهاته وبرامجه السياسية، إنه “التقدم والاشتراكية” الذي ظل وفيا للميثاق، ورفض “تصويت الخيانة” حتى مقابل أنواع من الترغيب والإغراء. وبالتالي فقد تفادى الانخراط في لعبة الخيانة، التي أفقدت أصحابها ثقة مناضليهم وانتقصت من مكانتهم لدى مناضليهم ولدى الشعب بوجه عام.
إن سياسة “اعطني نعطيك” التي مارستها الأحزاب السياسية الكبرى، ــ تجاوزا ــ فاجأت الناخبين بفوز بعض من لم يرغبوا فيه وبإبعاد من صوتوا لفائدته، ضدا على إرادتهم، مقابل “مكاسب” متفق عليها مسبقا، بين الأطراف “المتصارعة” على المصالح والمغانم.
هذه السياسة بَرْهَنت على أن أحزاب الأغلبية بوجْه خــاص، لا تحترم نفسها ولا مناضليها ولا الشعب المغربي بصفة عامة، حين أنقضت مواثيقها وتحالفاتها وحولت الانتخابات إلى عملية تجارية تتم عبر “وسطاء” معتمدين مكلفين بتوفير “الياجور”، وكل ياجورة بمليون، وحين ضحت ببعض الفائزين من مرشحيها في إطار عملية “بيع وشراء” دفعت ثمنها من مصداقيتها وشعبيتها ومستقبلها السياسي…..
تصرفات هذه الأحزاب أحدثت صدمة لدى المواطنين، وتركت لديهم انطباعا بفشل التنظيمات الحزبية بالمغرب وبتخلفها وعجزها عن الالتزام ببرامجها وتحالفاتها واحترام مبادئها التي تخلت عنها تحت إغراء المراكز وليس خدمة لمصالح الشعب الذي كان يعول على نتائج الانتخابات الأخيرة للقطع مع ممارسات الماضي في تدبير الشأن المحلي.
أما المفارقة الثانية، فهي أن المغرب، كما يبدو، يتجه بالتدريج نحو قطبية ثنائية يتزعمها كل من حزب العدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة، تدور الأحزاب الأخرى في فلكهما ، خاصة بعد أن اتخذت الدولة موقفا الحياد الإيجابي من العملية الانتخابية وضمنت القوانين الجديدة لها الشفافية والوضوح.
وإذا كان الأصالة والمعاصرة لا يحمل الكثير من الأسرار لأنه حزب حديث، ومحظوظ، ولم يُثر نَجاحه أي استغراب في المَحـافـــل السياسية، بل إنه كان نَجـاحـًا مُتوقَعــًا، للآسباب التي يعلمها الجميع فإن حزب العدالة والتنمية، على العكس، حزب انبثق من بين جموع الشعب، وواجه مَتـاعِب “الفترة الذهبية” أيام “سد فمك“، و زَجَّ بزَعـامـــاته في السجن، ولكنه صمدَ وتَقوّى، كَحِــزب سيـــاسي، عبر وضع آليات عملية ونظام داخلي صارم وديمقراطية داخلية متقدمة، وقيادة حازمة ومناضلين ملتزمين.الأمر الذي مكنه من أن يصبح القوة السياسية الأولى بالمغرب.
فهل سيسير الحزبان في اتجاه القطبية الثنائية، بعد أن تم “تقزيم” الأحزاب الأخرى التي خابت آمالها في التموقع بقوة داخل الرقعة السياسية الوطنية، خاصة الاتحاد الاشتراكي والاستقلال، والتجمع، بعد أن أكد المغرب وطنيا ودوليا أن الاختيار الديمقراطي اختيار ثابت لا رجعة فيه. ..
غضب و إستياء من الخِدمة الصّحية في المناطق النـائية….
_____________
بقلم : عزيز كنوني
azizguennouni@hotmail.com