الصدور العارية ممنوعة
جريدة طنجة – سُميّة أمغار (.أقلام.)
الإثنين 12 أكتوبر 2015 – 12:01:00
ليس بسبب كل ذلك، بل لم يحصل هذا الأمر أصلا في بلد يتخذ المرأة “جارية” أو ملك اليمين، يقرر في شأنها بما يريد، فهي “قاصر” من المهد إلى اللحد، وهي ناقصة عقل ودين، بينما هو صاحب قوامة بطول وعرض الكون، وبحوزته “تفويض” أزلي محتوم، ويد طولى مطلقة في كل ما يخصها دينا ودنيا ! وعليها أن تخوض حربا ضد الجميع وفي كل الاتجاهات، لتفرض إنسيتها وتمارس مساواتها “النوعية” التي لا تجد “قبولا” ولا تفهما عند بعض أصحاب العقليات البالية المتحجرة.
“المنع” الصادر في حق “النهود” العارية، والصدور المكشوفة، جاء من بلدية نيويورك الأمريكية، وهي، ليست، بالتأكيد، من التجمعات البشرية “المتزمتة”، الأرثوذكسية، بل هي نتاج لعقليات خليط من البشر، غامروا بالوصول إلى “العالم الجديد”، هروبا من “ويلات” القارة الأوروبية، التي كانت ، “تطحنها” الحروب و الإقطاعية وتحكّم الكنيسة المسيحية، وبحثا عن المغامرة والحرية والرفاه و أحلام “الدورادو” !….
ولكن البلد الذي أعلن استقلاله عن الاستعمار الاوروبي المتعدد الجنسيات في الرابع من يوليوز عام 1776 بدأ حياته بوضع دستور يحدد حقوق وواجبات المواطن، ويضع الفواصل القانونية بين مختلف السلط، وينطلق في عالم المغامرة التي جعلت منه، بعد قرنين من الزمان أغنى وأقوى دول العالم، وأكثرها تمدنا وحضارة. فأين بأمريكا من دول سبقتها إلى الوجود “الشرعي” بأكثر من ألف عام ولا تزال “تائهة” على طريق النمو والتقدم ، في صراع مستمر مع قضايا الهوية، والدين واللغة، وأنماط العيش، والحكم، والديمقراطية، وأحلام الحرية .. والاستقرار والاستمرار !….
سلطات نيويورك استبقت الأحداث، إذ لاحظت أن ساحة “تايمز سكوير” قد تستغل استغلالا مسيئا لصورة المدينة وأهلها، حيث يمكن أن يسعى بعض الناس، بدواعي الحاجة، إلى الإقدام على أعمال لا تليق بالمرأة، كما لا تليق بالباحثين عن موارد للعيش، حين تشح الموارد، فاتخذت قرارا بالحيلولة دون أن تكشف المرأة عن بعض مفاتنها في الساحات العمومية، تلك المفاتن التي لا يقوى الرجل على مقاومة النظر إليها والافتتان بها، خاصة والساحة المذكورة، كانت في الزمن البعيد، ملاذا لفتيات “الهوى” “لغلاب”، وللمتسكعين والمشاغبين وتجار المخدرات…..رغبة سلطات نيويورك هي، أكيدا، القطع مع صورة ساحة “تايمز سكوير” الماضية، وإعطاء هذه الساحة بريقا جديدا بتحويلها إلى فضاء تجاري وترفيهي منظم، تحت مراقبة المجلس البلدي للمدينة وفي انسجام تام مع المنظور العام بشأن القيم المجتمعية الشائعة.
غيرة أعضاء بلدية نيويورك على مدينتهم وأهلها وعلى المرأة بوجه خاص، إكراما وحماية لها، وصيانة لشخصها وكرامتها، جديرة بالاحترام. !!! …..