من أجلِ رُخصة سِيـاقة “مبترتة”
جريدة طنجة – سُميّة أمغار (.أقلام.)
الثلاثاء 29 شتنبر 2015 – 12:29:33
ولهذا تشهد مقرات وزارة الرباح، هذه الأيّــام، ازدِحـامــات بسبب تسابق العديد من المواطنين إلى “بيمترتة” الرخص التي يتوفرون عليها حتى لا يتعرضون للعواقب، وأقلها ضَررًا، حتمية الخُضـوع لتــدابير الحصول على رخصة جديدة، بَعْدَ إجراء امْتِحــان السياقة النَّظــري والتَّطبيقي وأداء مبالغ مالية مرتفعة قد تصل إلى 4000 درهم !
والحال أن عملية تجديد رخص السياقة بدأت منذ مطلع سنة 2012 بعد أن أعلنت الوزارة المعنية عدد ونوع الوثائق والتكاليف الضرورية، وعهدت بالعملية إلى شركة خاصة.
إلا أن نهاية مُهلة التجديد، التي قالت عَنْهــا وزارة الربــاح إنها نهائية وغير قابلة للتَمْديد، تزامنت مع فترة “عيد الحولي” والدخول المدرسي، وهي فترة صعبة على المواطن الذي وجد نفسه أمام بديلين كلاهما في غير مصلحته !….وانتهى به الحال إلى القبول بالقضاء والقدر وتدبير مبلغ “محترم” مقابل تجديد رخصة سبق وأن تطلب منه أمر الحصول عليها فوق الثلاثة آلاف درهم بالتمام والكمال دون احتساب الوقت و “سير واجي” وأمور أخرى، قد يتطلبها الحصول على خدمة خاصة من وسطاء “الوسط “، من أجل تفادي طول الانتظار، والوقوف في طوابير لا نهاية لها ، ومواجهة سوء تعامل بعض “أعوان” الإدارة مع المواطنين …… إلى أن تتعدى مصاريف “التجديد” الخمسمائة درهم بالتمام والكمال.
ويتساءل الكثيرون لماذا يُلزم المواطن بدفع مبلغ 400 درهم “في حده الأدنى” للحصول على الرُخصة البيومترية للسياقة، بعد أن يكون قد تعب من إجراءات إدارية مصاحبة، والحال أن بطاقة التعريف البيومترية لا تكلف أكثر من 75 درهم ؟ !..
لكن المشكل الحقيقي المسبب لتذمر المواطنين هي المعاملة الفظّة التي يتلقاها بعضهم داخل “أقبية” وزارة اللوجستيك التي تفتقر في بعض الأحيان والمواقع إلى “لوجيستيك” السلوك الحسن والتصرف المهذب….
لوجيستيك …قال ?!…..
وهذا نموذج من هذا اللوجيستيك: بعد ظهر الجمعة ما قبل الأخيرة، وخلافا للمعتاد، ظلت باب بناية نيابة الوزارة مقفلة إلى حدود الثانية والنصف، بالرغم من تجمهر العشرات من المواطنين بالشارع المقابل لولاية الأمن، بطنجة. وبين الفينة والفينة يفتح العون الباب ليسمح لزائر بالخروج أو لوافد VIP بالدخول…
ولنتصور الهرولة نحو الداخل ساعة فتح الباب. عَشرات المواطنين “يتصارَعــون” من أجلِ ان يكـونـــوا في مقدمة “الفيلا” من أجل أن تلتقط لَهُم صـــورة “بيوميترية”.
على الباب الدَّاخلية عونان يُحــاولان “حصر” التسونـــامي” البشري الزاحف كالطـوفـــان، وسط صياح النساء اللائي وجدن أنفسهن داخل مَعْجن آلي بين كـوع وبـــوع وكرسوع عشرات من “الفتـــوات” في مباراة حامية الوطيس للفوز بموقع متقدم بباب “المصور” البوميتري. ووسط الفَنــاء يقف خلف مكتب فارغ، عون وخم، سمج، مزعج ، خشن في مُخــاطبته للمواطنين، تشعرك نظرة إلى محياه “الوسيم” أنه من مخلفات عهد “لا ريكونكيستا” الاسبانية ومحاكم التفتيش الرَّهيبة !!!.
والمفاجأة أن “تكدس” المواطنين داخل فناء البناية سببه أن القاعة الكبرى كانت “مشغولة” بامتحانات السياقة….. يعني أنه اجتمعَ في آن واحد، وفي مكان واحد، راغبون في الحصول على رخصة السياقة و مسارعون إلى تجديد تلك الرخصة.
وحين جَاء وقْت الحسم، نَثرَ مُوظف ملَفــات ” الُمجدّدين” بما تشتمل عليه من وثائق، ومن بينها الرخصة القديمة، وطلب من أصحابها البحث بأنفسهم عن ملفاتهم. ومرة أخرى يحدث التدافع والجلبة، ويعاد “ضرب الصف” في باب “المصور”….كل متأبط ملفه الأحمر، ومشرئب العنق نحو داخل “الصالة” الكبرى.
ورغم فتور المصور ونرفزته المستمرة أمام كاميرا “ضربها” العياء من كثرة التصوير والمصورين، فأضربت أكثر من مرة عن العمل ، لتظهر على وجوه المصطفين بالباب، علامات القلق والتذمر، خصوصا وساعات العمل محدودة، وإذا حلت ساعة التوقف عن العمل أفرغت القاعة ممن فيها واضطر الناس إلى العودة مرة أخرة ومكابدة مشاق “الفيلة” بالباب وبالفناء وبمدخل قاعة التصوير إذا حصل التوفيق واستجابت الكاميرا لأوامر المصور !…
وهكذا تطلب أخذ صورة “بيوميترية” من أجل الرخصة “البيوميترية” في بناية نيابة الوزارة اللوجيستيكية، سبع ساعات في المعدل. وسعيد من ظَفرَ بما جاء من أجله، في نفس اليوم !أوردت هذه القصة التي أعتذر عن طولها ، فقط لأثير الانتباه إلى أنه ليس صعبا على الإدارة أن تضع سياسات، الصعوبة تكمن في التوفر على وسائل تنفيذ تلك السياسات، على “اللوجيستيك” ، يا وزارة اللوجيستيك !
وما ضر لو أن وزارة الرباح، وأمام الأعداد الكبيرة للمسارعين إلى تجديد رخص السياقة، داخل المهلة المحددة، أن توفر ظروفا مريحة للمواطنين وتجند موارد بشرية كافية ، وتوصي موظفيها بحسن معاملة المواطنين الذين سيضخون ملايين الدراهم في ميزانية الدولة مقابل حصولهم على رخص سياقة مبترتة!..

















