المسنون بالمغرب….. مصيرهم اما التشرد أو دور انتظار الموت
جريدة طنجة – لمياء السلاوي ( المسنّـون )
الثلاثاء 15 شتنبر 2015 – 18:20:51
• يَجـدون فيهـا الـرَّاحـَة والأمــان
في زمـن خـانهـم فيـه أقـرب النـــــاس لهــم
جحـود وإنكار لفضـل بـدأ من ميـــلادهم
فكـان المقـابـل عصيـان لـرب العبـاد قبـل عصيـانهـم
مكـان يستنكـره الجميـع .. لكنهـا واقـع وحقيقــــة
أوجـدهـا أنــاس مـاتت ضمـائـرهــم
أنكروا والديهــــم فكـانت هي مـأواهـــم
نشعـر بالـرهبــــة لـذكــرهـا ..
نتمنـاهـا خيـالا لاوجـود لـه .. بشعـة حيـن نفكــر بهـــا
ننسـى أن هنـاك من يـراهـا الجنـة عـلى الأرض!!
دارالعجزة هل هو نكران للجميل ؟؟
قــال الله تعالى في كتابه العزيز : {وَقَضَى رَبُّــكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً }.
فئة مـنّــا تـرى رعاية الـــوالدين عندما يكبرون بالسن جزء من طاعة الله ورسوله الكريم ﷺ وردا للجميل او بالأحرى واجبنا نحوهم!!، وجزء ثاني من المجتمع رأى أن مبدأ دار العجزة يُساعد كبار السن على مشكلة الهَرم التي لا يقدر الأولاد على تحملها سبحــانـك ربي ..!!
هــي فطـرة أوجـدتهـا في قلـوبهـم ، يحبـون أبنـاءهـم رغـم جحـودهــم وانكـارهـم لهــم ..يتـألمـون بـداخلهـم ويكتمـون .. لا يـريـدون لهـم الأذى ،يُسكتـون من يـرميهـم بكلمـة أو يَسْتَنْكـر فعْلهـم البَـذِيء ، كيْـف لا .. وهـم ابنــــاء كـرّسـُوا كـل حيـاتهـم لتـربيتهـم حتـى تبـوؤا أعـلى المنـاصب…ووجـدوا الـرخـــاء والسعـادة في حيـاتهــــــم ،انتظـروا منهـم شكـراً وعـرفـانـاً
فكــان ذلـك بعقـوق يمـزق قلـوبهـم.
يبكـون حـالهـم ويخـافـون مصيـر ابنـائهـم ،ينتظـرون لحظـة يرونهـم فيهـا أو يلمحـون فيهـا خيـالهــــم ، يـرجون سمـاع كلمـة من أفــواههـم….

ينتظـرون ….ويطـول بهـم الانتظــار .. فهــؤلاء يملكـون قلـوبا قاسيـةلا رحمـــة فيهـا ولا ضميـر ..
يعيشـــون حيـاتهــم متنـاسيـن من كـان السبب في وجـودهـم
بعـد الله سبحـانـه … أصبحـوا في نظـرهـم أمــــــواتا لا وجـود لهـم !!ذكـرى كـانت في طفـولتهـم..
بخصوص هذه الظاهرة المحزنة لجـأنـــا لأصحاب الاختصاص ليشرحوا لنا ابعادها سوسيولوجيا ، وبالتالي يرى عبد المطلب ناجح الباحث السوسيولوجي، أن واقع التخلي عن الآباء في مجتمعنا لا يمكن اعتباره أمرا عاديا، لأنه واقع متشكل خارج عن إرادة الأفراد، تتحكم فيه مجموعة من الحتميات الاجتماعية، منها ما يساعد في تأخير تنامي الظاهرة ومنها ما يساهم في حصول العكس.
ويؤكد الباحث السوسيولوجي أن المؤسسة الدينية في مجتمعنا، لازالت تلعب دوْرًا مُهمــًا، في إدانة هذه الظاهرة، لأن المفاهيم القيمية المؤطرة للعلاقة بين الآباء والأبناء، على الرغم من التغيّرات التي تعرفها منظومة القيم المغربية لازالت تضع (مرضي الوالدين) في أعلى هرم الناجحين اجتماعيا، نظرا لما يحمله هذا الوصف من اعتبارات دينية وثقافية.
وعن العوامل المساهمة في التخلي عن المسنين، فيرى عبد المطلب ناجح أنها تعود إلى ثلاثة عوامل أساسية، أولها التحوّلات الهيكلية التي عرفتها الأسرة المغربية، إثر الانتقال من نمط عيش تقليدي إلى نمط عيش حضري، أثرت على نمط الأسرة المغربية، التي انتقلت من أسرة ممتدة إلى أسرة نووية، مما ساهم بشكل تدريجي في انكماش دورها في عملية الإنتاج الاجتماعية وحصر وظائفها.
وتنضاف الوضعية الاقتصادية الصعبة للأسرة المغربية والعامل الديمغرافي كعناصر تحليلية لتفسير الظاهرة، فالأسرة التي تعيش في ظل غياب التغطية الصحية والضمان الاجتماعي، والتي يصبح المرض بالنسبة لها جزء من المعاناة اليومية. كل هذا يجعل الكيفية التي تبنى بها الشروط الاجتماعية والاقتصادية، موضحة للطرد الاجتماعي الذي تتعرض له هذه الفئة.
وتظل ظاهرة التخلي عن المسنين أو تشردهم في تزايد مهما كان طفيفا، ليبقى السؤال عن مآلهم ومآل الظاهرة التي تهددهم منوطا بالتساؤل عن كيفية الحد من هذا الواقع، فهل سيكون الخطاب العاطفي والأخلاقي والتحليلات السوسيولوجية كافية للحيلولة دون تفاقمها؟ وهل جهود الدولة والمجتمع المدني الحالية كافية لوقاية شريحة لم تعد تقوى على الاعتناء بنفسها؟
و هنا علينا أن نطالب الحكومة بقانون بشأن ضمان حقوق المسنين ،و عليها أن تتخذ جميع التدابير الإدارية الفعالة وتوفير التجهيزات اللازمة لضمان تمتع الاشخاص كبار السن بحقوقهم المدنية والسياسية، كما عليها توفير مكاتب لتقديم خدمات خاصة لكبار السن في جميع مؤسساتها ووجهاتها الحكومية، بما في ذلك مترجم لغة أو معين لخدمة كبار السن، لضمان تمتعهم بحقوقهم….و منحهم خدمات صحية و توفير مرافق اجتماعية و شجب كل أشكال العنف وسوء المعاملة اتجاه هذه الفئة الكريمة الجليلة ، و على مؤسسات المجتمع المدني أن تهتم بهم و ترعاهم و تسعى لتحسين أوضاعهم اسوة بدفاعها عن الطفل و المرأة ، فالمسنّ أحق الفئات بالرعاية و الدعم و الاهتمام.