اكتساح 4 شتنبر.. محاولة للفهم
جريدة طنجة – محمد العمراني ( 4 شتنبر)
الإثنين 14 شتنبر 2015 – 18:04:19
طبيعة النتيجة، والكم الهائل من الأصوات التي أحرزها حزب بنكيران، شكلت رسائل متعددة أصرت ساكنة المدينة إرسالها لمن يهمه الأمر..
قد يقول قائل أن “التسونامي الانتخابي“، ليوم 4 شتنبر المنصرم، بوأ حزب المصباح مواقع متقدمة بمعظم مدن المملكة، ولم يقتصر الأمر على مدينة طنجة وحدها..
هذا صحيح..
الناخبون بمختلف مدن الممكلة توجهوا يوم الجمعة المنصرم للحسم في نموذج لتدبير الشأن المحلي عمَّر على امتداد العقود السابقة…
نموذج تضخم فيه أخطبوط الفساد برعاية سلطات الوصاية، التي كانت تغض الطرف على كائنات انتخابية، استغلت مواقعها للاغتناء، لقطع الطريق على كل من كان يجسد قيم النزاهة والشفافية…
هل صوت الناخبون اقتناعا منهم بحزب العدالة والتنمية، وبمشروعه لتدبير شؤون مدينة طنجة؟
بالقطع ليس الأمر كذلك…
هناك من صوت لفائدة الحزب ما في ذلك شك، لكن آلاف الناخبين توجهوا إلى صناديق الانتخابات لإشهار البطاقة الحمراء في وجه نموذج من المنتخبين، لم يعد المواطنون يطيقون رؤيتهم في مواقع المسؤولية…
ينبغي الإقرار بكون المغاربة تغيرت عقليتهم، وتغيرت رؤيتهم لتدبير الشأن العام ببلادهم منذ الربيع العربي..
لقد صارت لهم حساسية مفرطة تجاه ناهبي المال العام، وتجاه المفسدين، وباتوا متحمسين لدعم أي حزب يدافع عن النزاهة والشفافية، ويحارب مظاهر الفساد والمفسدين…
لم يعد المواطن يقبل أن يمنح صوته لكائنات انتخابية، تستغل مواقعها لمراكمة الثروات، واستعراض مظاهر الاغتناء الفاحش، وكأنه ورث الأطيان عن أجداده..
المواطنون سئموا الابتزاز من طرف من يمنحونهم أصواتهم، ويتحملون مسؤولية تدبير شؤونهم، وعوض أن يكونوا خير مدافع عنهم، يتحولون إلى مصاصي دماء بلا رحمة ولا شفقة…
انتخابات 4 شتنبر خرج فيها الناخبون ليعلنوا بكامل الوضوح أن عهد ارتباطات بعض الهيآت السياسية بجهات نافذة في دواليب الدولة قد انتهى إلى غير رجعة، وأن صناديق الاقتراع صارت هي الفيصل بين القوى السياسية، والبقاء لمن منحته صناديق الاقتراع الأغلبية…
من كان يحلم بالترشح لاتخاذ مواقع المسؤولية مطية للاغتناء، فإن رسالة 4 شتنبر كانت واضحة:
انتهى زمن استغفال المواطنين، واستغلال أصواتهم…
4 شتنبر رسالة واضحة لجميع الأحزاب، باستثناء حزب العدالة والتنمية بالطبع، مفادها أن نمط تدبير شؤونها قد عفى عنه الزمن، وأن الرهان على الأعيان والكائنات الانتخابية، ذات السمعة السيئة، لم يعد خيارا مجديا…
لقد بات مطلوبا من هاته الأحزاب، إن هي أرادت الاستمرار في لعب دور داخل المشهد السياسي، القطع مع التدبير السابق، وأن لا خيار لها إلا استقطاب كفاءات مشهود لها بالعفة والنزاهة ونظافة اليد…
المواطنون اليوم بإمكانهم أن يسامحوا من لم يقدم لهم شيئا، لكن يسحيل أن يغضوا الطرف عمن يمد يده للمال العام، ولمن يغتني على حساب مسؤوليته بالمؤسسات المنتخبة…
4 شتنبر ستبقى محطة مفصلية بين مرحلتين، مرحلة الفساد والتحكم، ومرحلة الانتصار لقيم النزاهة ونظافة اليد، وتأهيل الأحزاب السياسية…
وحزب العدالة والتنمية اليوم أمام محك حقيقي…
فبعد أن منحه ساكنة المدينة تفويضا شاملا لتدبير شؤونها، لم يعد أما مناضلي بنكيران من مبرر لعدم تنزيل ما يرونه صائبا من قرارات، وعليهم أن يعلموا جيدا أن المواطنين لن يتسامحوا معهم قيد أنملة، قد يغفرون لمن سبقوهم لأنهم يعرفون مراميهم وأهدافهم، لكنهم لن يغفروا لحزب المصباح…
وليتأكد الجميع أن مسلسل التخليق قد انطلق، وإذا عصف اقتراع الجمعة 4 شتنبر بنماذج أساءت تدبير شؤون المواطنين، فإن المحطات القادمة ستكون محطة لمحاسبة كل من قدم وعودا بالإصلاح وأخلفها…