طنجة ما بعد 4 شتنبر 2015.. استمرارية بتزكية بنكيرانية
جريدة طنجة – م.العمراني ( 4 شتنر 2015)
الخميس 10 غشت 2015 – 11:41:04
أمس الجمعة يكون قد أُسدلَ السِتار على فترة انتدابية أثــارت الكثير من القيل والقال، بسبب الأسلوب الذي تم به تنصيب سمير عبد المولى عمدة للمدينة، وبعده بسنة تم ترسيم فؤاد العماري خلفا له…
ولاية انتدابيـة انطلقـت على إيقــاع احتجـاجــات صــاخبة لحزب العدالة والتنمية، الذي اعتبر فوز البام بمنصب العمودية في نسختيه الأولى والثانية، عنوانا للتحكم في المشهد السياسي، وانتصارا للوبي الفساد والإفساد، وإبعادا قسريا لحزب المصباح…
وبعد ثلاث سنوات غير الإخوان من مواقفهم الرافضة، ليتحولوا من معارضين شرسين للعماري وأغلبيته، إلى مُساندين طَيّعين، لا يَتردّدون في تَمْرير القَرارات والتَّصْديــق على الميزانيــات، وعلى أوجه صَرفهــا، من دُونِ تَقْديم تبْريــر لهــذا الانقلاب، مما اعتبره العديد من المتتبعين ترجمة لصفقة جمعت الجرار بالمصباح، بقيت تفاصيلها طي الكتمان إلى يوم الناس هذا…
اقتراع أمس يُعْتبر أول استِحْقــاق انتـخابـي يَجْري في عهد حكومة السي عبد الإله بنكيران، وبعد دستور 2011، وما جاء به من صلاحيات جديدة للمجالس الترابية، والتي تم تضمينها في القوانين التنظيمية ذات الصلة…
وبمدينة طنجة، كان الرّهــان أن تسفر هـاته الاستحقاقات عن خَريطة سيــاسية جديــدة، تَنسفُ الهَنْدسة الســابقة، وتضعُ حَداً لأســاليب إفْساد العَملية الانتِخــابية، وتُفرز نُخبــًا جَديدة مُؤهّلـة لتـدْبير شُؤون مَدينة يُراهِن عليْهـا ملك البــلاد لتُصبحَ نَمُوذجــًا حَضريـًا غَيْر مَسْبُوق بالحـــوض الجَنــوبي للبحر الآبيض المتوسط…
أليْسَت أول انتخـابــات في المغرب تجري تَحْتَ الإشْراف المباشر لرئيس الحُكــومــة، بما له من صلاحِيــات دسْتــورية غير مسبوقة؟…
لكن…
ومن خلال استقراء اللّـوائح المُتَنـافسة، لا يَبْدو أن هَذا الاستِحْقـاق الانتِخــابي سيُفرز تَغييرًا كَبيرًا في الوُجــوه، التي اعْتـادت التـواجُــد بالمَجــالس المنتخبة لمدينة طنجة منذ سنوات، فأغلب التوقعات تفيد بعودة أبرز الأسماء التي اعتادت الفوز خلال المَحَطــات الانتِخــابية السابقة.
بل إن جميع المؤشرات تفيد بتحْضير طَبْخـة على مَقــاس اللاّعبين الكِبــار بـــالمدينة، وأعني بهم تحديدا: الأصالة والمعاصرة، العدالة والتنمية، وبدرجة ثــانية الاتّحاد الدستوري، ثم التجمع الوطني بدرجة أخيرة…
أكــاد أجزم أن صفقة بـــرائحة نتنة قد تم إبرامها في الدهاليز السرية بين البام و البيجيدي، وهي بالتأكيد امتداد لسابقتها من الصفقات التي أبرمت خلال الثلاث سنوات الأخيرة…
المعالم الكبرى لهـاته الصَفْقة انكشَفت خِلال انتخــاب مَكــاتب الغُرف المهنية بجهة طنجة – تطوان الحسيمة، حيث بَدا جليــًا أن البشير العبدلاوي، المكلف من طرف بنكيران، بتدبير الملف الانتخابي للعدالة والتنمية، وأحمد الدريسي القيادي النافذ بالبام، منسجمين آخر انسجام، لقد نجحا في اقتسام المناصب، وتوزيع المغانم بينهما، إذ لم يخل أي مكتب من مكاتب الغرف المهنية الأربع(الصيد البحرين الصناعة التقليدية، الفلاحة، والتجارة والصناعة والخدمات)، من تمثيلية الحزبين المتحاربَيْن إعلاميا، والمتحالفَيْن عمليا…
من مَعــالم الصفقة كذلك، كلمة بنكيران خلال مهرجانه الخطابي، يوم الأربعاء بمدينة طنجة، التي اعتبرها المتتبعون للشأن الانتخابي رسالة واضحة بكون البيجيدي راغب في التَحـالُف معَ البـــام، حيث جاءت عكس كل خطابات التصعيد التي سوقها بنكيران خلال جَولاته الانتِخـابية..
الجميع كان يتوقع أن يستغل بنكيران تـَواجُده بطَنْجة ليَنشر غَسيل الفساد الذي ينخر تدبير شؤون مدينة طنجة، حسب ما كان يروج له مناضلو المصباح، فلطالما صدح صوت المناضل الكبير محمد خيي بكونه يملك ملفات الفساد الذي تورط فيها العماري، وأنه سيتم كشفها حينما يأتي وقت المحاسبة الشعبية…
كلمة بنكيران كانت بردا وسلاما على فؤاد العماري، لدرجة أنه رفض الحديث عنه لولا ضغط الحضور، ليكتفي بجمل عابرة ويسد قوس الحديث عما يقع بطنجة..
لم يتحدث عن اغتصاب المدينة في 2009 و 2010…
لم يتحدث عن فساد التعمير…
لم يتحدث عن سوء التدبير المالي…
لم يتحدث عن أي من الملفات التي كان أخوات وإخوان خيي يلهجون بها صباح مساء…
حتى الحملة الانتخابية للعدالة والتنمية تحاشت أقصى ما يمكن الصدام والصراع مع فؤاد العماري، منقلبين بذلك على وعودهم والتزاماتهم بكشف الفساد والمفسدين…
إن كان لهاته الاستحقاقات من محاسن، فإنها أسقطت القناع عن الحزبين اللذوذين..
البام لم يعد يعتبر البيجيدي خطا أحمر يمنع الاقتراب منه…
المصباح لم يعد يعتبر الجرار رمزا للفساد والإفساد، والتحكم في الحياة السياسية…
الطبخة جاهزة…
والأجواء مواتية لإعلان تحالف يجمع حزب الفساد والإفساد مع حزب المصلحين وأولياء الله الصالحين..
كل سيجد مبرره لتمرير الصفقة بما يخدم أهدافه الحزبية والشخصية…
خلاصة الكلام
ما تم تنصيبه عقب انتخابات 2009 سيتم ترسيمه في 2015..
فقط مع فارق بسيط..
بالأمس كان ذلك بواسطة التحكم..
واليوم بتزكية من حزب بنكيران…
وعلى طنجة الصلاة والسلام…