المُتشعبطون..
جريدة طنجة – عزيز گنوني (.العمود الرئيسي.)
الخميس 17 شتنبر 2015 – 13:09:47
إنه “الكرسي” الملعون ! ….
الأمر لا ينطبق على شباط فاس وحده، الذي دفعته صناديق الاقتراع إلى خارج اللعبة، وأفقدته قلاعه وحصونه ، بل وجردته من “فاسيته” حين أغرمته على تسليم مفاتيح مدينة ادريس الثاني إلى ادريس الثالث، “المحرر”، بل ودفعته إلى أن ينقض يمينه “المغلظة” بــ “الاستقالة” ثلاثا، إذا لم يحصل حزبه على الصف الأول في اختبار “حسن السيرة” ، يوم رابع شتنبر، بعد أن فشل في بنـاء صومعة إيفيل “فاسية”، “فاعلة تاركة”، وسط “رحبة التبن”، وجر البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي معا، إلى فاس، ما بين “عقبة الفيران” و “القلقليين” و “درب سيدي بوجيدة”، ليجعل من فاس مدينة شاطئية بامتياز، تضاهي في روعتها شواطئ الريفييرا الفرنسية أو شواطئ الشمس الاسبانية !
الأمر يخص العديد من “المتشعبطين”، على امتداد الخارطة الوطنية، سواء في صفوف المعارضة أو ائتلاف “المنافقة”، حيث تنشب معارك “التهافت” على “التزكيات السخية” بين “الداخلين والخارجين” ، بين الذين قدفت بهم صناديق الاقتراع إلى داخل “القلعة” والذين رمت بهم خارج “الحلبة”، ولكنهم تفادوا الضربة القاضية، و “تشعبطوا” في الحبال الواقية، عسى أن يجدوا لهم موقع “ملعقة” في “طارطة” الديمقراطية، ما دامت “الغفلة” قائمة والضمائر نائمة، وأبواب المزايدة مفتوحة…
آلا أونا، آلا دُوي، آلا طريس. !!!….
ائتلاف المنافقة، رغم قوته وصلابته “الظاهرة” ورغم نتائجه المبهرة، في واحدة من الاستشارات الشعبية التي أجمعت الآراء على أنها كانت “نزيهة” بمقاييس الدول المتخلفة، أو، تلطفا، السائرة في طريق النمو والديمقراطية، هذا الائتلاف، سرعان ما تفجر و “تفرقع” بين أصابع أهله، بفعل الإبتزاز الممارس من هذا الجانب أو ذاك، والتهديد الشديد اللهجة باللجوء إلى تحالفات مع المعارضة، ضدا على “ميثاق” الائتلاف، الذي أبان بكامل الوضوح، أنه “لعب عيال” !!!…..
فما أن أعلن عن “انفراج” في أزمة مزوار وبنكيران حول طريقة الاستحواذ على “الرئاسات”، وذلك بالتزام الأحرار، بعدم ترشح الطالب العلمي لرئاسة مجلس مدينة تطوان، دعما للبيجيدي محمد إدعمار، الذي يطمع في ولاية ثانية، ولربما ثالثة ورابعة، كأن المغرب أصابه عقم في انتاج الكفاءات، ما أن اطمأنت أحزاب الحكم إلى أن قطار الائتلاف عاد لسكته، حتى سارع رشيد الطالبي العلمي، وبدقائق معدودة قبل فوات الأوان، إلى وضع ترشحه لمجلس بلدية تطوان، محدثا شرخا عميقا داخل الائتلاف، وعين هذا الحزب على جهة درعة تافيلالت، ضدا على حزب الكتاب الذي كان ضمن تنازل المصباح له عن رئاسة تلك الجهة، ولو أنه خرج شبه خالي الوفاض مما يمكنه من رئاسة جهة من الجهات الاثنتي عشرة.
ونفس الشيء حصل مع الحركة الشعبية في طموحها إلى الاستحواذ على رئاسة مجالس لم يحصل فيها على أغلبيات مريحة أو مطلقة، ووجب الاعتماد على التحالفات من داخل الائتلاف، وفقا للميثاق….أو لم يكن ذلك مبدآ ثابتا من مبادئ الائتلاف، وإلا فكيف نفهم أن الطالب العلمي “يربك أوراق بنكيران” وأن هذا الأخير يهدي البام، وهو الخصم الأكبر للمصباح، بلدية الناظور ضدا على حليفه العنصر ؟ !!!….أمور قد تستعصي على الفهم، ولكنه المنطق المعكوس لسياسيي آخر الزمان ! …
وما حصل مع أحزاب الائتلاف من تشنج وتناحر حصل أيضا مع المعارضة بشأن “الرئاسيات” حيث التحالفات “الهجينة” والضربات تحت الحزام، بين الاستقلال والاتحاد والأصالة والدستوري مستمرة إلى أن تضع حرب الجماعات والجهات أوزارها، ويرمي الفرقاء من الجانبين بسلاحهم ، ويخلد كل حزب إلى “تدبير” علاقاته السياسية مع الحكومة ومع الأحزاب الأخرى بما يخدم مصالح “مناضليه”، وفق مبدأ “اعطيني نعطيك” في انتظار محطة 2020، بارك الله في عمر الجميع !…..
الغائب في هذا الصراع الخفي الظاهر هو الشعب الذي شارك بنسبة الربع من العدد الإجمالي للمغاربة، ــ والعهدة على إحصائيات مندوبية الحليمي ــ، في هذه الانتخابات، (7,5 ملايين من أصل 30 مليون)، الشعب صوت إما لمن أقنعه بصواب برامجه أو لمن “دفع أكثر”، فكل الاحتمالات واردة أمام ما كتب و ما نشر، هذا الشعب يقف اليوم مشدوها أمام تهافت قادته السياسيين على المناصب والكراسي ، بينما العبرة ليست دائما بالكراسي، بل بالمنجزات الكبيرة الذي ينتظرها الشعب في المدن والقرى، وفي حالة حزب المصباح، بالذات، فإن أي خلل في الأداء، وقد اكتسح جل المدن الكبرى بالمغرب، إما بأغلبية مطلقة أو بأغلبية مريحة، وأصبح يتصرف في 80 بالمائة من ميزانية الجماعات، ستكون له عواقب وخيمة على شعبية ومستقبل هذا الحزب الذي شكل ظاهرة في المشهد السياسي المغربي منذ الاستقلال !…
والمؤسف أن حزب المصباح ساير هو الآخر لعبة “المتشعبطين” فرشح لــ “الرئاسيات” طامعين في ولاية جديدة، والحال أن ولايتهم القديمة إما كانت بيضاء، أو شابها بعض “المنغصات” و “المتابعات”، ولربما ضدا على رأي المعنيين مباشرة بالموضوع !
الصحافة الوطنية أشارت، في هذا الصدد، إلى مدينة سلا، وإلى مدن أخرى عاد إلى رئاسة مجالسها “محاربون قدماء” يتساءل الناس عما يمكن أن يقدموه خلال السنوات الست المقبلة مما عجزوا عن تحقيقه في السنوات الست الماضية……إلا أن تحدث المعجزة ، ولو أن زمن المعجزات انتهي وإلى يوم النشور! …
* هذه الكلمة من الدارجة المغربية، توجد في لهجات شرقية، بالأردن والسعودية ودول خليجية أخرى، وفي اللغة الحسانية، بمعناها المغربي: تمسك، تعلق، تسلق
الغشّ ..
_____________
بقلم : عزيز كنوني
azizguennouni@hotmail.com