اتّحاد طنجة بين لعنة السياسة ولُعبة الابتـزاز…
جريدة طنجة – محمد العمراني (.السياسة والرياضة.)
الثلاثاء 29 شتنبر 2015 – 12:36:58
بغض النظر عن التوقيت الذي اختاره بعناية السي أبرشان لإثارة هذا الموضوع، وتزامنه مع أجندة انتخابية لا تخفى أهميتها بالنسبة إليه، فإن سؤال الأزمة المالية الخانقة يبقى مشروعا، ويستدعي البحث والتقصي عن مسبباته الحقيقية..
بعد تحقيق حلم الصعود إلى قسم الصفوة، تعالت أصوات تطالب بإبعاد الفريق عن حلبة التدافع السياسي، وطموحات السياسيين، وفسح المجال لشخصيات لها غيرة حقيقية على الفريق وعلى المدينة، وليست محكومة بهاجس حماية مصالحها السياسية والانتخابية..
وهذا العبد الضعيف لله كان قد طالب، في إبانه، بابتعاد كل من يتحمل صفة انتدابية في أي مؤسسة منتخبة عن دواليب تسيير الفريق…
طبعا السي أبرشان أقلقه الأمر، واعتبره استهدافا لشخصه، ومؤامرة تحاك ضدّه لانتزاع النادي منه، وكأنه المالك الحصري لأصله التجاري، ولم يجد أدنى حرج في اتهامنا بالتشويش على الفريق، مستغلا التعاطف الجماهيري الكبير مع مكونات الفريق التي صنعت ملحمة الصعود…
طبعا سعادة الرئيس عَمدَ إلى فرض سياسة الأمر الواقع، ونصَّب نفسه رئيسا بالإجماع لولاية ثانية، في جمع عام حضره 23 منخرط من أصل 25، (وهذا الموضوع قضية بحد ذاتها سنعود إليها في القادم من المناسبات..)، ثم شرع في إبرام التعاقدات مع لاعبين يستحقون فعلا أن يجاوروا الفريق، مثلما تعاقد مع مدرب من العيار الثقيل..
أبرشان كان شديد الحرص وهو يشرف على الانتدابات الجديدة على تسويق صورته في كل مناسبة أو من دونها..
لم لا يفعل ذلك والانتخابات الجماعية كانت على الأبواب؟..
لكنه بالمقابل أصر عن قصد على إخفاء حقيقة الوضع المالي للنادي، ولم يخبر الجماهير بأن المدرب واللاعبين الجدد توصلوا فقط بتسبيقات، فيما تم تسليمهم شيكات تتضمن ما تبقى من قيمة الصفقات على شكل أقساط…
حتى اللاعبين الذين صنعوا إنجاز الصعود لم يتوصلوا بمنحهم بعد، ينضاف إليها 160 مليون سنتيم التي قضت الجامعة بأدائها لفائدة المدرب السابق أمين بنهاشم…
عندما كان أبرشان يسابق الزمن لإبرام التعاقدات لم يكن يفكر في خزينة الفريق المعدمة، كان همه هو الظهور بمظهر الرئيس الذي يضحي من أجل الفريق!..
واليوم بدأ الحديث يجري عن الوضعية المالية المتأزمة للنادي، ورواية أبرشان حول الموضوع تتضمن اتهاما مباشرا للشركات والمؤسسات المالية الكبرى بالمدينة، محملا إيّاها مسؤولية ما يعيشه الفريق من خصاص مالي، بسبب رفضها احتضان الفريق، ومنحه عقود الاستشهار…
لكن الرئيس عوض أن يحمل المسؤولية لهؤلاء، كان عليه أن يطرح سؤالا على نفسه، لماذا فشلت إدارة النادي في إقناع هاته المؤسسات والشركات بفكرة الاحتضان، ومنح الرعاية للفريق، رغم أنه يتوفر على قاعدة جماهيرية تسيل لعاب كبار المستشهرين؟
يتجاهل الرئيس عن قصد أن عقود احتضان الفرق الرياضية لم يعد يتم بمنطق التعليمات مثلما كان عليه الأمر في عهد الراحل الحسن الثاني..
اليوم مع العهد الجديد، ومع دخول زمن الاحتراف، فإنه للحصول على عقود الاحتضان و الاستشهار، صار مطلوبا من الأندية توفير ملف متكامل عن وضعية الفريق، وبنيته الإدارية، ومخططه المستقبلي، مع برنامج أهداف واضح، وواقعي..
الشركات لن تغامر بمنح درهم واحد لناد يفتقد للشفافية في التدبير..
ناد لا يكشف عن حجم مداخيله من الجمهور، كف يعقل أن يستقبل النادي مبارتين بطنجة، حضرهما ما لا يقل عن 30 ألف متفرج في كل مباراة، ولم يصدر بلاغ عن النادي يكشف فيه عن المبالغ التي ضخها الجمهور في خزينة النادي؟..
كيف لمستشهرين أن يوقعوا عقودا مع نادي يتوفر على قاعدة جماهيرية كبيرة جدا، ورئيس الفريق يصرح أنه يصرف على الفريق من جيبه الخاص؟..
بالتأكيد الأمور ليست على ما يرام..
يستحيل بناء نادي قوي على أسس احترافية، وهو يفتقد للشفافية في التدبير المالي والإداري…
إن التلويح بقضية الأزمة المالية الخانقة التي يتخبط فيها النادي، دون أن تصاحبها جرأة في الكشف عن مسبباتها، ودون أن تتوفر لإدارة النادي الشجاعة لبسط جميع تفاصيل أوجه صرف مليار و 700 مليون سنتيم خلال السنة المنصرمة، ليس له إلا معنى واحد:
الابتزاز…
الرئيس يعتقد أن اتحاد طنجة صار رهينة بين يديه…
أسلوبه صار مكرورا ومكشوفا…
كلما أحس بالطوق يشتد عليه، يُخرج ورقة اتحاد طنجة، وكأنه المنقذ الوحيد…
أتساءل بكل تجرد:
أي رئيس لنادي له قاعدة جماهيرية من آلاف المحبين والمشجعين ويفشل في العثور على محتضنين و مستشهرين، هل يستحق أن يتحمل مسؤولية الرئاسة؟
أول خطوة في بناء فريق محترف تمر بالضرورة عبر إعمال قيم الشفافية، وأول قرار على الجهات المانحة وبصفة خاصة، المؤسسات المنتخبة، (مجلس المدينة، مجلس العمالة، مجلس الجهة)، أن تتخذه دون تردد، هو إحالة ملف الدعم على المجلس الجهوي للحسابات للتدقيق في أوجه صرف مئات الملايين من السنتيمات، التي تم ضخها في ميزانية النادي خلال الثلاث سنوات الأخيرة، ومدى تقيد إدارة الفريق بالأوجه التي رصدت لأجلها…
بهكذا قرار يمكن تعبيد الطريق نحو إقناع المحتضنين والمستشهرين لتوقيع عُقــود رعـاية فارس البوغاز، أما الإصرار على استغلال الفريق مَطية لأهداف أخرى، فَالمستقبل لن يبشر بالخير..
والزّمن كَشّاف…