ذاكرة :طنجة و إقليمها في قلب الاهتمامات الملكية
جريدة طنجة – محمد الأمين الخصاصي (. الإهتّمامات الملكيّة.)
الثلاثاء 11 غشت 2015 – 10:49:04
• في ثاني ماي 1994 حظي وفد من مدينة طنجة باستقبال ملكي من طرف جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه بالقصر الملكي ببوزنيقة لبسط الخطوط العريضة لبرنامج استعجالي واستثنائي للنهوض بمدينة طنجة وتأهيلها للقرن الجديد كقطب تنموي فريد ومدينة «لتوزيع الخير».. وقد وافى الجريدة الأستاذ محمد الأمين الخصاصي (الذي كان وقتئذ رئيسا للمجلس الإقليمي لطنجة) بمحضر وقائع ذلك الاستقبال الملكي الذي شكل منطلقا لمشروع عظيم يعرف راهنا تقدما كبيرا بفضل الرعاية والتوجيه والحرص الدؤوب لجلالة الملك محمد السادس نصره الله .
المكان : القصر الملكي ببوزنيقة.
الساعة : الواحدة زوالا.
قبل الاجتماع استقبل صاحب الجلالة أعضاء الوفد الذين حظوا بالسلام على جلالته وكان قد شرفهم بحفل شاي في قصره العامر. بعد ذلك تم الدخول الى قاعة الاجتماع الذي ترأسه صاحب الجلالة بنفسه في مجلس وزاري انعقد خصيصا لدراسة الوضع في مدينة طنجة وتقديم المقترحات من أجل النهوض بالاقليم والمدينة بصفة عامة.
الاجتماع:
في البداية رحب صاحب الجلالة بأعضاء الوفد الطنجي في هذا الاجتماع الذي يهدف إلى وضع برنامج استعجالي واستثنائي للنهوض بمدينــة طنجة والتخلص من كل السلبيات التي تحط من كرامتها ومن جماليتها وتهيئتها لولوج القرن الواحد والعشرين كمدينة كبرى تتوفر على جميع الظروف لتصبح قطبا يجذب إليه كل مقومات التطور والازدهار ..
وهذه هي الأهداف التي طرحها جلالته في مقدمة الاجتماع . وكان قد أعطى ـ رحمه الله ـ نبذة تاريخية عن الظروق الاقتصادية التي مرت بها المدينة بسبب خروج الرساميل الأجنبية التي كان يعتمد عليها في المعاملات الخارجية، وبفقدانها حلت بالمدينة أزمات اقتصادية، وما ترتب عن ذلك من خلل اجتماعي وبيئي ؛ الأمر الذي جعل الاهتمام ينصب أساسا على إعادة الروح للمدينة عبر مشاريع تنموية ابتداء من ستينيات القرن كالامتيازات الضريبية للتشجيع على البناء واحداث منطقة صناعية وتوسيع الميناء وغير ذلك من المشاريع التنموية..
وأضافَ جَلالتهُ في كَلمتهِ التَّوْجيهية هذه على ضَرورة إقــامة عَقْد بين الإدارة والمنتخبين لتحديد الأولويــات و مـواعيد انْجـازهــا..وفـي معرض كلمته التَّوْجيهية ركّـزَ على أن طنجة تَحْتـاج الى مصانع غير ملوثة، وانها يمكن أن تصبح أحسشن مدرسة للتكوين المهني بحكم موقعها القريب من أوربا، وبهذا ستصبح مدينة “لتوزيع الخير” والبضائع خاصة بعد اتمام الطريق الآتي من لاغوس لينتهي بطنجة. وأما كلمة الوفد الطنجي فـألقـاهــا النقيب محمد مصطفى الريسوني، ونصها:
«بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين .
مولاي صاحب الجلالة أمير المؤمنين وسبط النبي الأمين الملك الحسن الثاني المحفوظ بالسبع المثاني،السلام على مقامكم العالي بالله ورحمة الله تعالى وبركاته.
يتَشرّف أهــالي مدينة طنجة وإقليمها المتشبعين بـالمحَبَّة الخـاصة للعرش العلوي المجيد والمؤمنين بعظمة الدولة العلوية الشريفة بتقديم فروض الطاعة والــولاء والمودة والاخلاص بين أيدي جلالتكم وهم يتذكرون بكل إجلال وعرفان بالجميل تحرير هذه المدينة وأهاليها على يد جدكم العظيم المولى إسماعيل، لقد حظيت هذه المدينة يامولاي بأسمى العطف المولوي الكريم منذ أن احتفلت بمقدم والدكم الملك المجاهد محمد الخامس قدس الله روحه ونور ضريحه في التاسع من أبريل من سنة 1947و القائه خِطـابه التّ”ـاريخي الذي كان مفتاح الخير العميم وأساس النهضة المغربية الحديثة. إن الجيل الذي حظي بمعايشة هذا الحدث العظيم لا زال يذكر باعجاب أصداء الخطاب السامي الذي ألقاه جلالتكم يوم الخميس 10أبر يل 1947، وأنتم ولي، ويعيش تلك الأحداث، وكيف أن أميرا شابا سطر في خطاب مقتضب الخطوط العريضة للسياسة التي نهج على هديها المغرب المستقل حيث لخصتموها جلالتكم في ست كلمات : إسلام وعروبة وعلم ووحدة وحرية وتعاضد .
وها نحْنُ اليوم، وبعد خطابكم المـَوْلــَوي الكريم يوم 10فبراير 1993 بمدينة فاس الذي أعطى الانطلاقة المباركة لتنمية أقاليم الشمال نعيش يا مولاي على صدى هذا الخطاب الذي ترجم إلى الواقع بعد زيارات عمل قام بها أعضاء حكومة جلالتكم تنفيذا لتوجيهاتكم السامية والرامية إلى النهوض بهذا الجزء من مملكتكم السعيدة في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.لقد سعد رعاياكم بهذا الثغر الكريم المتعلقون بأهداب عرشكم المجيد برؤيا محياكم، وأنتم يا مولاي في طريق رحلاتكم الموفقة نحو تشييد وبناء المغرب العربي الكبير، وهم اليوم يتطلعون في أشد الشوق للتملي بطلعة جلالتكم وأنتم تشرفونهم بزيارة مولوية يجددون خلالها الطاعة والولاء لجنابكم الشريف.أطال الله عمر سيدنا المنصور بالله وحقق على يديه الكريمتين ما يصبو إليه من علو ورفعة لبلده العظيم، وأقر عينه بسمو ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير الجليل سيدي محمد وصنوه المولى رشيد وسائر الأمراء الأجلاء،إنه سميع مجيب، والسلام على المقام العلي بالله».
وأما المشاريع التي اقترحها جلالته فهي :
أولا:
1 ـ توسيع المنطقة الصناعية .
2ـ التركيز على أن يصبح الفحص منطقة للفلاحة الصغيرة لتغذية المدينة وموردا للصناعة الفلاحية.
3 ـ خلق منطقة صناعية في كزناية .
4 ـ خلق منطقة حرة بجوار المطار.
5 ـ بناء ميناء على المحيط الأطلسي وتحويل ميناء طنجة المدينة إلى ميناء سياحي.

ثانيا:
وبخصوص الأمن والأمان :
1 ـ إحداث ولاية طنجة
2 ـ الاهتمام بجنوب طنجة ( بني مكادة ) وبانسان طنجة
3 ـ إدخال بني مكادة في مشروع 200.000 سكن، واعطائها الأولوية والحظ الأوفر .
وتبقى هذه المشاريع كما قال جلالته رحمه الله كلوحة من كل لا للحصر.
وأما عروض السادة الوزراء فجاءت كالآتي :
• وزير الصناعة :
1 ـ تجهيز المنطقة الصناعية لكزناية ، وتبلغ مساحتها 90 هكتارا صافية، تضم ما بين 450 و500 مقاولة في شطرها الأول مع إمكانية تشغيل 40.000 عامل، ويمكن رفع ذلك إلى 80.000 عامل .
2 ـ إحداث المنطقة الحرة للتصدير بجانب المطار، تشمل بدورها ـ بعد إتمامها ـ ما بين 450 و500 وحدة تشغل حوالي 40.000 منصب.
ومجموع الاستثمارات في هذا الصدد تصل إلى 50 مليار سنتيم.
• وزير الفلاحة :
1 ـ وضع برنامج للتنمية الفلاحية يتلاءم وخصوصيات المنطقة الطبيعية يخصص 100 هكتار منها للصناعة الفلاحية و40 هكتار لطلبات أخرى.
2 ـ تخصيص المنطقة الخضروات المسقية في مساحة 3000 هكتار من حوض واد المهرهر.
3 ـ الاهتمام بترية الماشية لإنتاج الحليب ومشتقاته.
4 ـ التشجيع على غرس الأشجار المثمرة.
5 ـ تحديد الملك الغابوي.

• وزير الاستثمار الخارجي:
1 ـ مشروع كزناية سيحل مشكل الأراضي المخصصة للصناعة، وسيعمل على استقطاب المستثمرين الأجانب
2 ـ تسهيل مساطر انشاء الأبناك الحرة بعد فتح مقرين لها.
3 ـ تحسين المواصلات والاتصال بين طنجة والعالم الخارجي
• وزير التجهيز:
1 ـ إصلاح وتوسيع مداخل طنجة الرئيسية من جهتي الرباط وتطوان.
2 ـ وضع برنامج لتوسيع الطرق بمساهمة المجموعة الحضرية وبغلاف مالي يقدر ب 100 مليون درهم كمرحلة أولى .
3 ـ ايصال الطريق السيار الى طنجة قبل سنة 2000.
4 ـ بناء ثلاثة سدود صغيرة
5 ـ الشروع في دراسة موقع الميناء الجديد في مدى لا يتجاوز سنتين

• وزير السياحة:
وعد بوضع برنامج سريع لتحسين السياحة في ارتباط مع المشاريع السالفة، والتأكيد على زيارته للمدينة للوقوف على الإمكانيات على أرض الواقع.
• وزير الداخلية:
1 ـ استحداث ولاية في مدينة طنجة
2 ـ التركيز الإداري والاهتمام بوضعية بني مكادة
3 ـ انشاء وكالة حضرية عمرانية
4 ـ اعطاء الأولوية للتجهيزات الأساسية

بعد مداخلات السادة الوزراء استفسر جلالة الملك رحمه الله السيع عامل مدينة طنجة عن قضايا تتعلق بالتمثيليات بالاقليم وعمل اللجنة التقنية.
كما أمر بذلك ثم أعطى توجيهاته السامية بخصوص طريقة العمل والتي حددها في :
أ ـ تكوين واستحداث لجن متخصصة قطاعية.
ب ـ تحديد يومية للعمل بدءا وانتهاء.
في ختام هذا الاجتماع طلب جلالته من أعضاء الوفد تبليغ عطفه وسلامه الى أحبائه سكان طنجة، ودعا ضيوفه إلى مأدبة غذاء بعد أخذ صورة جماعية للوفد أمام قاعة الاجتماعات في حديقة القصر الملكي. وفي المساء توجه الوفد الى مقر وزارة الداخلية لعقد جلسة عمل برئاسة وزير الداخلية مع المديرين المركزيين بهدف ضبط الأجندة وتحديد الوسائل تنفيذا للتعليمات الملكية السامية . وقد كان لي شرف القاء كلمة باسم أعضاء الوفد وسكان الإقليم هذا نصها:
“ بسم الله الرحمن الرحيم
السيد وزير الدولة، السادة المديرون العامون بالإدارة المركزية، السيد عامل صاحب الجلالة على إقليم طنجة، إخواني
يشرفني نيابة عن سكان إقليم طنجة، وباسم هذا الوفد الذي يضم الصفوة من أبناء الجهة من المملكة السعيدة أن أقدم إليكم هذه الكلمة البسيطة المتواضعة، والتي تعبر بكل صدق عما يخالج صدورنا من غبطة وسرور لما قمتم به حتى تسنى لنا أن نحظى بالشرف العظيم ؛ شرف استقبالنا من طرف عاهلنا المفدى وأب المغاربة الحنون العطوف في هذا اليوم المبارك السعيد.
السيد الوزير :
ان طنجة ستؤرخ بكل فخر واعتزاز هذه الالتفاتة المولوية لسيدنا المنصور بالله جلالة ملكنا الحسن الثاني نصره الله وأيده، الذي أبى حفظه الله إلا أن يهتم بنفسه لإيجاد الحلول من أجل ازدهار مدينة طنجة وتهيئتها لاستقبال القرن المقبل كبوابة لافريقيا على العالم الخارجي؛ وهكذا تفضل حفظه الله وعقد اجتماعا بنفسه بمعية وزراء حكومته لايجاد حلول جوهرية لإنماء طنجة المستقبل.
السيد الوزير :
لقد تدارسنا مع السادة المديرين في الوزارة التي تديرون شؤونها ووجدنا فيهم المتفهم والحريص على تتبع التعليمات الملكية السامية ونحن بدورنا ستجدوننا عاقدين العزم كل العزم على تتبعها لنكون عند حسن ظن مولانا المنصور باللله . وفقنا الله جميعا وحفظ مولانا أعزه الله ونصره بما حفظ به الذكر الحكيم وأبقاه ملاذا لشعبه الأمين وأقر عينه بولي عهده المحبوب الأمير الجليل سيدي محمد وصنوه السعيد المولى رشيد وسائر أفراد أسرته الكريمة. إنه سميع مجيب .