عيّوش، عزّيمان……والدّارجة مرة أخرى !
جريدة طنجة – عزيز گنوني (. العمود الرئيسي.)
الثلاثاء 04 غشت 2015 – 10:15:32
وقد كان عزيمان قد أدلى بتصريحات سابقة حول تصور المجلس الذي يرأسه، لإصلاح التعليم، وهو الهدف الأساسي الذي أنشيء المجلس من أجله، ورصدت له ميزانية مليونية بالدراهيم المغربية، تبين للعديد منا ، ـــ نحن الذين مللنا مشاريع الإصلاح وإصلاح الإصلاح، والطعن في الإصلاح “المكعب”، منذ المغربة والتعريب والتعميم إلى البرنامج الاستعجالي الذي ألغاه الوفا، بجرة قلم، رغم أنه كلف ملايين الملايين، من أموال دافعي الضرائب، ـــ أن مشروع الإصلاح بدأ يغرق في الشكليات و “الإرضاءات”!
قد يكون الوزير المشاغب، الوفا، على حق فيما رمى إليه من غايات قبل إلغاء “الاستعجالي” الذي أخذ نصيبه الوافر من انتقادات أولئك الذين لم يستفيدوا من “كعكته”، وقد كانت بطعم المسك والعنبر، إلا أن هذا الوضع أعادنا إلى نقطة الصفر، لنعيد تجاربنا مع مجالس إصلاح التعليم الذي يبدو أنه يستعصي على إرادة “الإصلاح” الوطنية”، ليس ذلك بسبب صعوبته أو تشعب مسالكه، أو لعجز “فقهائنا” عن الإحاطة بمكنونه ومكوناته، بل لأنه ثبت لدينا بالواضح والملموس أننا لا نعرف ما نريد ! أو أننا لا نملك سياسة واضحة للاصلاح، ولا وسائل تحقيق تلك السياسة،
وما رشح من التصريحات و من التسريبات الصحافية حول خلاصات أشغال مجلس عزيمان، يترك لدينا انطباعا غامضا أن هذا المجلس إنما توصل لوضع “خارطة طريق” بتوجهات عامة ، حول الأهداف الكبرى للمدرسة المغربية، دون التطرق للبرامج والمناهج التي هي أصل الداء في “التلف” الذي أصاب التعليم المغربي والفوضى “العقيمة” التي فرضت على تلميذ في السادسة من عمره ، أن يحمل على ظهره “شكارة” من الكتب المدرسة بضعف وزنه…..
ومع ذلك فإن الوزير بالمختار “طمأننا” مشكورا أن أولادنا في مستوى الشهادة الابتدائية لا يستطيعون تركيب كلمة من بضعة حروف ، ولا قراءة جملة من بضع كلمات ولا حتى جمع أو طرح أو ضرب عدد سليم من رقم أو رقمين !!!…..وإذا كان الوزير بلمختار قد أشهد الصحافة الفرنسية على أنه “لا يعرف العربية”..l’arabe, connais pas ”، فإن عزيمان، وهو ابن خبير في التعليم العمومي ووزير للتعليم في الحكومة الخليفية، يعلم أن تلاميذ القسم الرابع الابتدائي، قبل الاستقلال، يعني في التعليم العمومي الخليفي أو “الفرانكو آراب” يكونون قد مروا إلى “البلاغة” بعد أن يكونوا قد أنهوا دراسة أجزاء مقرر”النحو الواضح” في قواعد اللغة العربية لمدارس المرحلة الأولى، لمؤلفيه علي الجارم ومصطفى أمين، وشرعوا في دراسة علوم المعاني والبيان والبديع، قبل ولوج “السادسة” التي صارت الأولى إعدادي ويعلم الله أي تسمية ستعطى في “الإصلاح الجديد”.
غير أن الملفت في حديث عزيمان لـ “الصباح” أنه “حشر” الدارجة في منهج التلقين، معللا ذلك بضرورة اعتمادها “كلغة شرح” بهدف “تجنيب الطفل المغربي “صدمة لغوية” بانتقاله من عالم لا يتحدث سوى الدارجة إلى عالم يتحدث فقط العربية” مما قد يكون سببا في فشله الدراسي !!!!!……
عزيمان يكون بهذا “التصريح” إنما أراد تعزيز موقف نور الدين عيوش، الذي طالب، بعناد، باعتماد الدارجة كلغة تدريس بالتعليم الابتدائي واستمر في عناده بعد أن اعتمدوه، هو، عضوا خبيرا في المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي…….
مجلس عزيمان “أغرق” هذا الموضوع، في تعريفات فضفاضة، من قبيل أن “هذه النقطة شملها التفكير والنقاش داخل هيئات المجلس ” الذي انتهى إلى اقتراح ضرورة استثمار المكتسبات اللغوية والثقافية الأولية للطفل في التعليم الأولي من أجل تأقلم الطفل مع الأجواء التربوية والمدرسية الجديدة والمساعدة على التعلم “المتدرج”، (ولا علاقة لهذه الكلمة هنا بـ “دارجة عيوش” الذي ، ربما، يكون هو أو أحد مساعديه من قام بصياغة هذا التبرير لأنه لا يخرج عن منطوقه المعتاد و “المرفوض”، بخصوص الدارجة.
وأود أن أقول للسيد عزيمان، إن اعتماد الدارجة في الشرح، أمر يدخل في باب “تحصيل الحاصل”، فالمعلمون لن ينتظروا “توصيات” المجلس ليستعملوا الدارجة في شرح بعض الدروس…بل إن الأساتذة أيضا ، في المراحل الإعدادية والثانوية يلجؤون إلى الدارجة خاصة عندما لا تسعفهم ملكاتهم اللغوية في ربط أول الجملة بآخرها ، أيا كانت لغة التدريس !
ثانيا، عن أي “صدمة لغوية” يتحدث عزيمان، والحال أن الدارجة والعربية موجودتان، منذ الأزل، في البيت والشارع والمدرسة وأنه لا يوجد عالمان منفصلان، واحد للهجة الدارجة وآخر للغة العربية الفصحى، على ما هي عليه اليوم من “الهجر والإهمال”.
ثالثا، الفشل الدراسي الذي أثاره عمر عزيمان هو أساس “نظرية” عيوش الذي “نشفق” أن تكون له نظرية في التعليم” والحال أن الأمر لا يتعلق بلغتين مختلفتين أو من أصول متباعدة، فالطفل يجد في الكلمات الفصحى جذورا من الدارجة والعكس صحيح، إلا أن يكون الأمر ضربا من النَفج المقيت يحاول به بعض النُفج شغلنا به عما هو أهم، وما هو أهم، بناء مدرسة مغربية قادرة على تكوين نشء على نفس القيم التي تربى عليها المغاربة في مدارس التعليم العمومي قبيل الاستقلال والذي أعطى للمغرب رجالا فطاحل قادوا المغرب نحو الاستقلال وساهموا في بناء هذا الاستقلال بالعلم والوطنية والإخلاص، والتفاني…..
قبل أن “يلحق” ركب المفسدين !….
_____________
بقلم : عزيز كنوني
azizguennouni@hotmail.com