الملك يختار لغة الحقيقة، والحكومة مصرة على خطاب الشعبوية…
جريدة طنجة – م.العمراني (.الخطاب الملكي و لغة الحقيقة.)
الإثنين 03 غشت 2015 – 13:10:27
الملك وضعَ يده بكُل شَجاعة على الأعْطـابِ التي تُفَرْمِل تَقدُّم وتطور المجتمع المغربي:
العطب الأول مرتبط بالخصاص الاجتماعي، والنقص الكبير في الخدمات الاجتماعية والبنيات التحتية على جميع المستويات سواء في مجال التعليم والصحة أو الماء والكهرباء والطرق القروية وغيرها…
وحتَّى لا يبقى الخطاب مقتصرا على التشخيص، فقد وضع الحُلـول المنَاسِبة، كشف الملك عن تكليف وزير الداخلية، بصفته الوصي على الجماعات الترابية، للقيام بدراسة ميدانية شاملة، لتحديد حاجيات كل دوار، وكل منطقة، من البنيات التحتية، والخدمات الاجتماعية الأساسية، شملت كل جهات المملكة، حيث تم تحديد أزيد من 29 ألف دوار، في 1272 جماعة، تعاني من الخصاص، مع وضع المناطق والمجالات حسب الأسبقية، والتحضير لتنفيذ 20 مشروع، تستهدف أزيد من 12 مليون مواطن يقطنون بأكثر من 24 ألف دوار، وبميزانية إجمالية، تبلغ حوالي 50 مليار درهم.
داعيًا إلى وقفة للتوصل إلى حلول جديدة، كفيلة بجعل هذه الفئة تلحق بالركب، وتندمج في الحياة الوطنية”، مبيّنــًا أنه جعل من صيانة كرامة المواطن، الهدف من كل الإصلاحات السياسية والاجتماعية،والمبادرات التنموية..
مُضيفًـا أن:” إقـــامة المؤسسات، على أهميتها، ليست غاية في حد ذاتها. كما أن النمو الاقتصادي، لن يكون له أي معنى، إذا لم يؤثر في تحسين ظروف عيش المواطنين” ، مشددا على أنه رغم التطور الذي حققته بلادنا، “فإن ما يحز في نفسي، تلك الأوضاع الصعبة ، التي يعيشها بعض المواطنين، في المناطق البعيدة والمعزولة وخاصة بقمم الأطلس والريف، والمناطق الصحراوية والجافة والواحات، وببعض القرى في السهول والسواحل”.
بينما يكمن العطب الثاني، الذي يفرمل تقدم البلد، في عدم القدرة إلى تجاوز اختلالات المنظومة التعليمية، حيث أضحت الضرورة ماسة لإصلاح جوهري لقطاع التعليم، يعيد الاعتبار للمدرسة المغربية ويجعلها تقوم بدورها التربوي والتنموي المطلوب..
مشددا على أن إصلاح التعليم، هذا القطاع المصيري، يظل عماد تحقيق التنمية، ومفتاح الانفتاح والارتقاء الاجتماعي، وضمانة لتحصين الفرد والمجتمع من آفة الجهل والفقر، ومن نزوعات التطرف والانغلاق..
داعيا إلى التحلي بالجدية والواقعية، والتوجه للمغاربة بكل صراحة: لماذا يتسابق العديد منهم لتسجيل أبنائهم بمؤسسات البعثات الأجنبية والمدارس الخاصة، رغم تكاليفها الباهضة؟ .. الجواب واضح؛ لأنهم يبحثون عن تعليم جيد ومنفتح، يقوم على الحس النقدي، وتعلم اللغات، ويوفر لأبنائهم فرص الشغل والانخراط في الحياة العملية “.
وكشف الملك أحد مكامن الخلل في المنظومة التعليمة،و المتعلقة بالنظرة الدونية التي يختزنها المواطنون عن التكوين المهني، لأنه في نظرهم ينقص من قيمتهم، وأنه لا يصلح إلا للمهن الصغيرة، بل يعتبرونه ملجأ لمن لم ينجحوا في دراستهم”
أما ثالث الأعطاب فيتعلق بالاختلالات التي تعرفها قنصليات المملكة بالخارج، داعيا إلى ضرورة العمل بكل حزم لوضع حد للاختلالات، والمشاكل، التي تعرفها بعض قنصليات المملكة، مجددا حرصه على حماية مصالح أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج..
هذا التّشْخيص الموضوعي والعميق، بقدر ما يؤكد الحرص الملكي الثابت على وضع اليد مباشرة من دون لف أو دوران على مكامن الخلل، والبحث عن الحلول الناجعة للمشاكل الحقيقية التي يعانيها الشعب المغربي، بقدر ما تفضح تهافت خطاب رئيس الحكومة، المبني على الشعبوية، و تبخيس المشاكل العويصة التي تنخر الاقتصاد الوطني، وتعيق التنمية الاجتماعية…
رئيسُ الحكومة ومنذ تحمله مسؤولية تدبير الشأن العام، مصر على اختزال مطالب الشعب المغربي في الإحساس بالأمن وبالاستقرار، وبأن المغاربة مستعدون للعيش بالخبز والشاي، وأنهم مستعدون لتحمل القرارات المؤلمة للخروج من الأزمة…
لقْد جاءَ الخِطـاب المَلكي واضِحـًا لا لُبْسَ فيهِ، المَغــاربة في أمس الحاجة إلى الكرامة، ولا كرامة من دون توفير شروط العيش الكريم، من بنيات تحتية، وتعليم جيد، وتعزيز القدرات الاجتماعية للفئات الهَشة…
هي رسالة واضحة للحكومة بضرورة الانصراف إلى وضح المخططات الناجعة لتجاوز هاته الأعطاب، وأنه لا مكان للمزايدات السياسوية، وافتعال المعارك الهامشية للتهرب من مواجهة المتطلبات الحقيقية للشعب المغربي…