احتِلال المُلك العـام بطنجة .. من المَسؤولُ و الى مَتـى .. !؟
جريدة طنجة – لمياء السلاوي ( .احتلال الملك العام.)
الثلاثاء 18 غشت 2015 – 15:50:20
• مدينة طنجة أصبحت مَضْرب الأمْثـال في احتلال الملك العمومي، ولا وجود لشيء اسمه الرصيف إلا في كراسات التلاميذ ونشرات اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير ،حتى أصبحت مقولة شائعة التصق مضمونها بالساكنة والتي مفادها “إن رأيتَ مواطنـًا يسيرُ على الطَريــقِ المُخَصَّص للسيّـارات فـاعلم أنّـهُ مِنْ طَنْجـة ” وهو في ذلك له العذر لأنه نشأ في مدينة كل شيء فيها مُبـاح لأصْحـاب المَقــاهي والمحَــلات التّجـاريـة ومـا تبقى من الرصيف فهو ملك للبـاعــة المتجــولين وأصحاب الدراجات النـّارية والهَـوائية ، وأيْضـًا للسَيّـارات ليتم إجْبـار هــذا المواطن المغلوب على أمره على المرور بمحاذاة السيّـارات والشاحنات ولا ينقصه إلى ارتـداء الخـوذة الـــواقية واستعمال حزام السلامة واستعمال منبه أو صفارة……….ولسان حاله يقول لا حول ولا قوة الا بالله العظيم.
في مناسبات عدة ،و على امتداد مدن ومناطق الوطن، تـابــع المـــواطنون حملات ضِدّ احتـلال المُلْك العُمـومـي، قادتها السلطات الادارية و الجماعية والأمنية، بيد أن الوقائع أكدت أن هذه الحملات لم تخرج عن كونها موسمية ووسيلة لدر الرماد في عيون المحتجين والمستائين من تفشي ظاهرة الاحتلال… وفي كل مرة يتكرّر طَـرْح السُؤال التـّالـي: لمصلحة من يَدُوسُون على منظومة القوانين المتعلقة بحماية الملك العام؟ وما الجدوى من وضع قوانين لا تحترم؟…
القانون الواقعي والمكتوب يعتبر أن الاستعمال الجماعي هو الأصل في الاستعمالات التي يكون الملك العمومي موضوعا لها، وترى الدراسات القانونية «أن طبيعة الملك العمومي لا تتوافق من الناحية المبدئية إلا مع وضعه رهن تصرف العموم، فـالمُلك العُمـومي ضـَـروري للحَيــاة داخلَ المجتمع، بحيث لا يمكننا تصور هذا الأخير بدون طرق عمومية وشواطئ عمومية، ومساحات عُمومية و حدائـق عمـومية وأنهـــار عمومية الخ…».
بخصوص ضَمــان الاستعمال الجماعي، تؤكد القوانين، التي من المُفترض أن تكَون ساريـة المفعـول ومُفعّلة، على أن الإدارة مطالبة بحماية الملك العمومي من كل التجاوزات، وفي حالة التقاعس، فإن لكل مواطن الحق في متابعتها قضائيا بسبب المسؤولية التقصيرية…
وفي مواد قانون الميثاق الجماعي، نقرأ أن رئيس المجلس الجماعي يمارس اختصاصات الشرطة الإدارية في ميادين الوقاية الصحية والنظافة والسكينة العمومية وتدبير الملك العمومي، عن طريق اتخاذ قرارات تنظيمية، وبواسطة تدابير شرطة فردية، هي الإذن أو الأمر أو المنع.
وحسب ما تنص عليه مقرّرات المجالس، يسمح لكل من يستغل الملك العام، وفي إطار قانوني، ألا يتعدى الثلث من المساحة التي تفصل كل محل معني بالشارع العام، ضمانا لحق الراجلين.
ترى، هل هذه القَوانين هي ما يطبق على الأرض، أم أن الكلمة، فيما نعيش و نُعـايـن من فَوْضـى واحتـلال للملك العمومي، تبقى لقوة النّفـوذ والرَّشْوة و لنَزَوات الحَملات الانتخابية؟.
الاحتجـاجــات المُتواصِلة الّتـي يقـوم بهـا التُجـار ضدّ الفــراشة والباعة المتجولون، جعلت الناس يطرحون السؤال التالي : لماذا السكوت على هذه الوضعية الشاذة، التيتعرقل حركة السير والجولان، وتساهم في تفشي السرقات والاعتداءات، وتضر بمصالح السكان ؟
لقد بات احتلال الملك العام عامة، من طرف الفراشة والباعة المتجولين و اصحاب المقاهي و المطاعم و المحلات التجارية على الخصوص، يأخذ أبعاداً خطيرة يوماً بعد يوم، وأخذت هذه الظاهرة تقلق راحة المواطنين وأصحاب السيارات .
فمن المسؤول إذن عن حمــاية الملك العام، هل الجماعة الحضرية والقروية، أم السلطة المحلية، أم الأمن المحلي، أم الوزارات الوصية .. ؟ فالمجلس البلدي يرمي بالكرة في مرمى السلطات المحلية والأمنية، لأنه يعتقد أنه يقوم بدور السلطة التشريعية فقط، وأن السلطة التنفيذية هي التي لها سلطة الردع والزجر، غير أن السلطات ترى بأنها أصبحت متجاوزة، لغياب الامكانات اللوجيستيكية والمادية والبشرية، لمكافحة هذه الظاهرة، التي تتفشى يوماً بعد يوم.
فـالمَجـالس المُنْتخَبة تُعول على أصوات الفراشة والباعة المتجولين، بل منهم من يشجعهم على احتلال الملك العام، ويرفضون أي احتكاك مع هذه الطبقة من المواطنين التي تشكل قوة انتخابية قوية، من جهة، وعدم الانصات للأطراف الاخرى الذين لا تشكل أصواتهم الانتخابية الشيء الكثير بالنسبة إليهم .
أما السلطات فهي أولاً صارت مكبلة بالحقوق المدنية والسياسية، وفي مقدمتها حقوق الانسان، التي جاء بها الدستور الجديد من جديد، بالرغم من سلطة الزجر التي يمنحها لهم القانون، غير أن تطبيق الديمقراطية زاد من تكبيل السلطات المحلية والأمنية، جراء العديد من المناشير والتعليمات الوزارية التي تحثهم على التعامل مع المواطنين بالليونة والحذر، وعدم الاحتكاك معهم، خصوصاً أن الهيئات الحقوقية غير الحكومية من جهتها زادت الطين بلة، وساهمت بشكل كبير في تفشي ظاهرة احتلال الملك العام.
إنها الفوضى بكل تجلياتها والتي يتحمل فيها الجميع مسؤوليته منتخبون وسلطات محلية وفعاليات المجتمع المدني وحتما نتائجها تنعكس سلبا على الجميع وربما يكون ضحيتها أحد هؤلاء المتدخلين إما بطريقة مباشرة أو غير مباشرة .
إنها المسؤولية الملقاة على عاتق المواطن الذي لا يجد غضاضة أو حرجا في الجلوس على كرسي مقهى موضوع على حافة الرصيف ،يتتبع من خلاله المارة ويتفحص ما يمكن أن تميل عينه نحوه وينجذب إليه بصره بدون حياء.
إنها مسؤولية المنتخبين الذين لا يريدون المغامرة بأصوات انتخابية والدخول في غمار صراع قد يكون سببا في فقدان أصوات كتلة انتخابية، إنها مسؤولية السلطات المحلية الذين لم يريدوا بعد إحياء حملات تحرير الرصيف العمومي من المحتلين الغير الشرعيين “الغاشمين” ،مع العلم أن هنالك آلاف الشكاوى تقدم بطرق مباشرة و غير مباشرة للقياد و المقدمين دون تجاوب صريح و شريف ، و كل هذا لغرض في نفس يعقوب.
شوارع رئيسية تعج بالبائعين الغير مرخّصين ، و المرخّصين منهم الذين يمتلكون مَحلات تجارية ، يستبيحون ما يُجـاور مَحلاتهم بكل وقاحة و في غياب تام للمراقبة ، ضاربين عرض الحائط القوانين و المساطر ، ربما لانهم نالوا رضى بعض المسؤولين بطرق مخزية و لا أخلاقية،إنها مسؤولية المجتمع المدني أيضا الذي يعنى بالسلامة الطرقية والتربية على المواطنة والذين ألفوا الاشتغال لفترات موسمية لا تسمن ولا تغني من جوع، انها مسؤولية الجميع لأننا افتقدنا الرصيف لمدة طويلة ونريد استرجاعه في أقرب وقت ممكن.