منذُ متى أصبح جَسد المرأة شَرفـًا للرّجُل
جريدة طنجة – لمياء السلاوي (. .)
الثلاثاء 28 يوليوز 2015 – 17:50:23
• كيف ومتى تحوّل الشرف من علاقةِ الفردِ بالمجتمع من حولهِ ،إلى رأي المجتمع بأعضاء الفرد الجنسية ؟
ليس هذا فحسب بل ارتبط التعريف المُخزي للشرف هذا ارتباطًا وثيقًا بحياة المرأة الجنسية، حيث أصبح جسد المرأة ليس مُلكًا لها ،بل لكل الفحول في العائلة، حتى ذلك اليوم الذي يقومون فيه بتسليمها إلى فحلٍ آخرٍ من خارج العائلة ليتحمل هذا (الشرف) الثقيل، كيف أصبح هذا المفهوم العقيم للشرف صفةملازمة لجميع الشعوب العربية والإسلامية اليوم؟ بل أصبح يحمل عنوانا معروفا في المجتمعات التي ابتليت بمُهـاجرين من هذه الشعوب، لتتم الإشارة إلى هذه الجاليات بمجتمعات الشرف؟ عن أي شرف نتحدّث هنا؟
هل يــوجــَد تشويه أكبر من هذا لمفهوم الشرف بشكلٍ عام،،،وهل هناك أكبر من هذا الانحِطــاط لفعْل نبيل مثل مُمارسة ملذة من ملذات الحياة ؟ حين يتعلّق شرف عائلة أو عشيرة أو بلد كامل بممارسات أفراده الجنسية، فمن الصعب أن يفهم الإنسان في هذا المجتمع حجم العار الذي يلحق بهِ عندما يُطالب أو يأخذ أو يعرض رشوة على موظف في مكان عملهِ.
حــاولتُ كثيـــرًا معرفة سبب هذا الهبوط الأخلاقي لمفهوم الشرف لدينا، وما هي علاقة الشرف بممارسة الجنس؟ هل هو ظهور المجتمع الذكوري الذي جيل بعد جيل قام بتطوير هذا المفهوم على مدى آلاف السنين للارتقاء بمقام الرجل حتى أصبح الإله ذاته رجلاً؟ أم هل لأن جميع الأبطال في تاريخنا المُزوَّر يتناسب حجم بطولاتهم طرديا مع مغامراتهم الجنسية؟ ما هو سبب هذا التشنّج الغريب والتركيز الغير منطقي لمجتمعاتنا حول الجنس بالذات؟ لماذا كل تاريخنا ومُقدساتنا تدور حول الجنس ومدى استخدام أو عدم استخدامهم لأعضائهم الجنسية؟
كي لا نُعقـِّد المسائل أكثر مما هي معقدة، فلنتذكّر أولاً، بــأنّ الأنثى إنسانة كــاملة وناضجة ومسؤولة عن نفسها تماماً كما أنت أيها الرجل المسؤول عن نفسك ، تذكّر أن أمك أو أختك لسن أبقار مقدّسة تملكها العشيرة، بل هنَّ بشر مساويات لك بالقيمة، ولهن نفس الحقوق ، و يمتلكن نفس المشاعر والأحاسيس والأحلام بحياة يملأها الحب والسعادة، سيقول لك الكثير من الفحول حولك، هل ترضاه لأختك…. (نفس النغمة ونفس الأسطوانة القديمة)، إجابتك ستكون واضحة وحادة، أختي ليست دابة قاصرة العقل أقودها من الحظيرة إلى المعلف كل يوم، بل إنسانة واعية أثق بها وأحترم قراراتها و سـأكــون دائمــًا سعيداً لسعادتها وموجود جوارها لمساعدتها فقط وليس قيادتها.
يحتقرون المرأة في أعماقهم ولو استطاعوا لخنقوها خنقا، إنهم يشتبهون بكل حركاتها وسكناتها ، و يقولون ” المرأة شر كلها، وشر ما فيها أنه لا بد منها “، لكن ، ما على المرأة أن تعي ، أن المرأة للمرأة، معناها أن ترتد المرأة على الأصل فيها، أن تنظر إلى نفسها، باعتبارها منبعا للحياة، وليس مصبا لها، معناها أن تراجع فكرها وطريقة تعاطيها مع نفسها، ومع نظيرتها الأخريات، ومع الذكر ، معناها أن تتخلى عن الدوران في فلك الرجل، وتدور في فلك ذاتها، أن تتوقف عن أن تكون ما يريدها أن تكونه، لتكون نفسها، أن تقترب من آمالها، وأحلامها وطموحاتها، وتلامس قلبها ، معناها أن تكون حرة، قوية، مستقلة، طموحة، متطلعة، متفائلة، ومعناها أيضا أن تتصالح مع من أساء إليها، ومع صورتها القديمة التي وضعها فيها الموروث الأدبي والفلسفي والديني، على حد سواء، هذا الموروث الذي صنفها، في جوانب كثيرة منه، على أنها كائن هش، ضعيف، حقود، غيور، ومكائدي، صورها في شكل تنين، أو أفعى، أو ساحرة، أو طريدة. موروث ثقيل ظل يلاحقها، ويشكل لبنة لفكر ذكوري استبدادي سيطر لقرون، حان وقت التخلي عنه. فالدساتير الحديثة كلها، حتى في أكثر الدول تقدما، لم تجد إلى الآن صيغة منصفة للمرأة، وكافلة لحقوقها كاملة، بسبب هذا الموروث.
المرأة للمرأة معناها أن تحب المرأة نفسها، أن تتجمل لنفسها قبل الآخر، وتهب كل ما تفعله لها أولا ثم لمن تريد، أن تتخلى عن الصورة النمطية التي وُضعت، قهرا، فيها، والتي وسمتها بالغيرة والحقد على نظيراتها، الغيرة ليست من طبع النساء، كما أوهمونا وصدقنا، الرجل أكثر غيرة وحقدا وميلا للانتقام والمكيدة، وفق دراسة نفسية حديثة، نشرتها صحيفة هولندية معروفة، على المرأة أن تتماهى مع هويتها ككائن جميل وحساس وقوي ومعطاء في آن، و أن تكف عن الاستجابة للعبة الذكر، الذي يريدها ضعيفة ليقوى، وتابعة ليسيطر، وهشة ليحكم، ومعطاءة ليتخاذل، وحنونة ليقسو، وربة بيت ليعشق عليها.