“مشروعية الزكاة في الإسلام”
جريدة طنجة – أم دلال (.الزكاة في الإسلام.)
الأربعـاء 22 يوليوز 2015 – 16:38:12
جعل الله الزكاة فريضة لازمة على الأغنياء و حقا معلوما للمحتاجين يطهر الله بها النفوس من الشح و البخل، و هي سبب من أسباب إشاعة الألفة والمحبة و التعاون و التكافل بين أفراد المجتمع المسلم، و هي نماء و حصن المال من التلف و الهلاك، و يحفظ بها المجتمع من الانهيار و هي ركن ثالث من أركان الإسلام الخمسة، و فرض عين على كل من توفرت فيه شروط الزكاة، كما تجب على المسلم الحر المالك للنصاب و مضى عليه حول و هو مالكه (سنة).
و دليل فرضيتها الكتاب و السنة و إجماع الأمة، و كانت فريضة الزكاة في أول الإسلام بمكة مطلقة لم يحدد فيها مقدار المال الذي تجب فيه، و إنما ترك ذلك الإحساس المسلم و كرمه و سخاوة نفسه.
و في السنة الثانية من الهجرة على المشهور فرض مقدارها.
لقد اعتنى الإسلام بالزكاة اكثر من الأديان الأخرى، فلا تجد الأمر بالصلاة إلا إلا و بجانبه أمر بالزكاة، بدليل أنه قرنها بالصلاة في 82 آية من القرآن كما قال عز و جل “فإن ثابوا و أقاموا الصلاة و آتوا الزكاة فإخوانكم في الدين”، و من الملاحظ نرى هذه العبادة حتى في الأمم السابقة، حيث قال تعالى “و إذا أخذنا ميثاق بني إسرائيل ألا تعبدوا إلا الله و بالوالدين إحسانا و ذي القربى و اليتامى و المساكين و قولوا للناس حسنا و أقيموا الصلاة و آتوا الزكاة” و قال أيضا عن ابراهيم الخليل و إسحاق و يعقوب:” و جعلناهم أئمة يهدون بأمرنا و أوحينا إليهم فعل الخيرات و إقامة الصلاة و إيتاء الزكاة و كانوا لنا عابدين”.
و قال عيسى عليه السلام بن في مهده: ” و أوصاني بالصلاة و الزكاة ما دمت حيا”.
تنقسم الزكاة قسمان: زكاة الفطر و زكاة المال.
1)زكاة الفطر: و تسمى زكاة الأبدان، و هي التي تتعلق بالبدن، يخرجه المسلم من ماله للمحتاجين طهرة لصيامه و جبرا من خلل قد يقع من لغو القول و فحشه، يقول ابن عباس (ض): “فوض رسول الله صلّ الله عليه و سلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو و الرفث وطعمة للمساكين” رواه أبو داود.
و في الأحاديث الصحيحة ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: “فرض رسول الله صلّ الله عليه و سلم زكاة الفطر من رمضان صاعا من ثمر أو صاعا من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين “متقف عليه.
و مقدارها: يجب على كل مسلم صاع من غالب ما يأكله أهل البلد و يقدر الصاع بأربعة أمداد و المد 2.40 كلغ من القمح أو الشعير أو الأرز أو الدقيق و يجوز إخراجه نقدا.
وقت إخراجها: وقتان، وقت الوجوب و هو غروب شمس اليوم الأخير من رمضان ووقت الإخراج هو يوم العيد قبل الصلاة.
وقت الجواز: يجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين لفعل ابن عمر و غيره من الصحابة ما رواه عن مالك، عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي يجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة. أخرجه الشيخان.
و يُكرهُ تــأخيرها عن صــَلاة العيد لقول النَّبي صلّ الله عليه و سلم: “من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة و من أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات” رواه أبو داود و ابن ماجة، و من المستحسن استعجال خروجها، حتى يستعين الفقير بها على ما يحتاجه في رمضان و ليحقق معنى الزكاة. كما يخرجها الإنسان عن نفسه و عن كل من تلزمه نفقتهم من الزوجة الوالدان و الأولاد الذين لا مالهم، و كذلك الإناث إلى غاية زواجهن، ثم الخدم، الذين التزم المخدوم بنفقتهم.
2)زكاة الأموال: أوجب الإسلام الزكاة في الذهب، و الفضة، و الأموال و عروض التجارة الذي بلغ نصابا و مر الحول عليه، ثم زكاة الزروع، و الثمار، و السوائم (الأنعام)، و المعدن و الركاز (الكنز) ؛ يقول الله تعالى في سورة الأنعام: (و هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات و النخل و الزرع مختلفا أكله و الزيتون و الرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر و أتوا حقه يوم حصاده”. وقال أيضا:” يا أيها الذين آمنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم و مما أخرجنا لكم من الأرض و لا تيمموا الخبيث منه تنفقون” البقرة.
حيث حدد الله سبحانه و تعالى مصارف الزكاة في قوله: ” إنما الصدقات للفقراء و المساكين و العاملين عليها و المؤلفة قلوبهم و في الرقاب والغارمين و في سبيل الله و ابن السبيل فريضة من الله و الله عليم حكيم” التوبة. العاملين: المشرفين الرعاة لها، المؤلفة: الداخلون في الإسلام، الرقاب: فك رقابهم من الرق. و الغارمين: تعذر عليهم أداء الدين، و ابن السبيل: المسافر الذي نفد ماله.
كما أن الضريبة لا تغني عن الزكاة و لا يمكن أن نقارن بين تشريح يسنه بشر، و تشريح وضعه الحق تبارك و تعالى الذي هو ركن من أركان الإسلام.
كذلك الفوائد الربوية البنكية المترتبة على الأصل، فالحكم الشرعي أنها لا تزكي لأنه مال حرام.
حيث جعل تعالى فوز المسلم في القيام بها: “قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون و الذين هم عن اللغو معرضون، و الذين هم للزكاة فاعلون”. كما أن المال المزكي يضاعف أضعافا تحقيقا لقوله تعالى: “و ما أنفقتم من شيء فهو يخلفه و هو خير الرازقين”. فهو نظام اقتصادي يعالج مشكلة الفقر التي هي من أكثر المشاكل الاجتماعية، فلو أن الأغنياء استجابوا لهذه العبادة لما وجدنا فقيرا على وجه الأرض كما وقع في عصر عمر عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) و بن عبد العزيز كما أن الحق سبحانه و تعالى توعد مانــع الزكاة بالـويــل و بالعذاب في قوله: “و الذين يكنزون الذهب و الفضة و لا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم، يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم و جنوبهم و ظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكتنزون”.
عن مـالك عن عبد الله دينار عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة، أنه كان يقول : من كان عنده مال لم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطلبه حتى يمكنه يقول له: أنا كنزك (اخرجه البخاري) شجاع: الحية.
الرسول عليه الصلاة و السلام ﷺ ربط نفسه بالمساكين حيث قال: “اللهم أحيني مسكينا و أمتني مسكينا و احشرني في زمرة المساكين”، بل هي نداء رباني: “خذ من أموالهم صدقة تطهرهم و تزكيهم بها وصلي عليهم إن صلاتك سكن لهم”، صدق الله العظيم حين قال: “و أقيموا الصلاة و آتوا الزكاة و أطيعوا الرسول لعلكم ترحمون” النور.



















