«الصاية » التي تعدّت «الحُدود»
جريدة طنجة – سُميّة أمغار ( آراء )
السبت 11 يوليوز 2015 – 13:17:07
والحكاية وما فيها، كما تداولتها بعض الصحف أن ضابط أمن بإحدى دوائر إنزكان، أبلغ نائب وكيل الملك بابتدائية هذه المدينة أن فتاتين «عاريتين » أحدثتا «ضجة كبيرة » بسوق الثلاثاء ما أثار غضب تجار ورواد السوق . الضابط أخبر كذلك أن الفتاتين يرتديان تنورة «فوق الركبة » و «ديباردور » كاشف . الفتاتان تم توقيفهما والاستماع إليهما بمحضر رسمي وتقديمهما إلى النيابة العامة التي أمرت بمحاكمتهما في حالة سراح.
هنا تنتهي المرحلة الأولى من حكاية الفتاتين اللتين جلبت عليهما «تنورتهما » القصيرة، غضب أصاحب السوق ورواده ، برأي البوليسي الذي صار موضوع تحقيق أمني بسبب الرواية التي نقلها إلى النيابة العامة من «مسرح الجريمة !!! »
تنتهي هذه المرحلة لتبدأ أخرى، في فاس، هذه المرة، حيث عمدت جموع من التقاة الزهاد الخاشعين، إلى «مرمدة » شاب ذي «ميولات »جنسية خاصة، كان يوجد داخل سيارة أجرة، ليشبعوه سبا وقذفا وضربا، عقابا له على «شذوذه » وسلوكه الغير السوي.
وقبل هذين الحادثين، شهدت باحة الضريح بالرباط، «تظاهرة « « فيمينية » وأخرى مثلية، في إطار الضغط على المغرب من طرف منظمات وطنية وأجنبية، للقبول بما لن يقبل به أبدا، لأنه بلد مبادئ وقيم وأخلاق عريقة أصيلة. هذان الحدثان جاءا في أعقاب «فضيحة »فيلم عيوش الذي أجمع المغاربة ، إلا من فقدوا حس المواطنة المغربية الحقة، على إدانته وإدانة أصحابه و «صاحباته ….!!!»
حادثة الفتاتين تسببت في ردود فعل غاضبة من جانب من اعتبروا أن توقيفهما كان ظالما وبه الكثير من التحدي لمبادئ الحرية الفردية والجماعية ، وبه تراجع كبير عن المكاسب الوطنية في ما يخص الحريات العامة، بل إنه وجد من أرجع هذا الوضع إلى زمن حكم الرصاص، أو إلى تحكم الفكر الظلامي الرجعي القائم على الاستبداد والتحكم باسم «الوصاية » المطلقة على حق الناس في طريقة عيشهم، بناء على «تفويض » سماوي لفرض نمط من السلوك العام، بالحديد والنار !!!….
والحال أنه لا هذا ولا ذاك. المسألة ليست في إرادة التحكم السياسي أو المعتقدي . المسألة في «فشل » الدولة المغربية في المحافظة على قيم وأخلاق المجتمع، وفي تخلي الأسرة المغربية عن دورها في التربية والتهذيب ، على الطريقة المغربية الأصيلة.
المسألة في فشل التعليم المغربي الذي أصبح ينتج «روبوات « من جماد، بدل أن ينتج إنسانا مغربيا يحمل بداخله خصوصيات مغربيته، دينا وثقافة وأخلاقا، ويحافظ بذلك على تماسك المجتمع وصيانته من «الأعشاب الطفيلية الضارة » التي لا ينفع معها لا زجر ولا عقاب ولا عنف ولا قساوة ولا قوة…. لو أن الفتاتين تربيتا في بيئة مغربية سليمة، وتلقيا تعليما يرتكز على التربية الخلقية، والتعامل المجتمعي السليم، لترفعتا عن «إذاية » غيرهما بما أقدمتا عليه من لباس ، وإن لم يكن من حقنا الحكم عليه، فإنه لا يجمل لباسه في رمضان،احتراما لهذا الشهر الفضيل ولأخلاق المغرب والمغاربة واحتراما لأسرتهما ولشخصيتهما كفتاتين مسلمتين مغربيتين.
ليس علينا اليوم أن «نندب » حظنا السيء مع أولادنا وبناتنا الذين «خرجوا عن السيطرة » وأصبحوا يأتون بأفعال نخجل لها أمام أنفسنا وأمام غيرنا، بل يجب أن نلوم أنفسنا على أن فرطنا في حقوق النشء علينا ، أن نوفر لهم بيئة أسرية سليمة، وتربية مستقيمة وتعليما نافعا يقيهم عثرات الدهر ومحنه وتكاليفه. ويقوي بداخلهم الشعور الوطني بـانتمائهم لهذا المغرب الذي حافظ لمئات السنين عن خصوصيته الدينية والوطنية والأخلاقية والثقافية والمجتمعية.
إن فشلنا في تدبير أسس الإنسية المغربية ، تربية، وتكوينا، وثقافة، وأخلاقا ، وبيئة، وفي مد جسور التواصل معهم، هو الذي أفضى بأولادنا إلى ما هم عليه من «انفصام الشخصية » ومن فقدان لمقومات الانسية المغربية….ومن ارتباك، وتيه، وحيرة، وضياع !! …..
أما ما حدث في باحة الضريح وما يحدث في غيرها من ساحات الحواضر الكبرى، فإنها «مؤامرة » تغذيها جهات لم تعد مجهولة، بل إنها تتأكد يوما بعد يوم، ضد المغرب، الذي لن يستقيم إلا بتماسكه واستقراره وتصميمه وانخراط شبابه، إناثا وذكورا، في تشييد مستقبل المغرب وازدهاره. فهل نحن في مستوى تطلعات النشء الجديد ؟