الشأن الثقافي المغربي – طنجة نموذجا-
جريدة طنجة – عزالدين الوافي (*)
الأربعاء 08 يوليو 2015 – 12:37:31
نقول أيضا الدخول الثقافي والبرنامج الثقافي والمحور الثّقـافي لكن بالنسبة لنا الأهم هو مدى حضور تجليات نفضل أن نسميها بالفعل الثقافي لما لذلك من إنجاز مادي على أرض الواقع كممارسة مرتبطة بالإنتاج الفني والفكري للإنسان .ولكن أيضا في معناه الواسع كمفهوم أنتروبولوجي .
أي حضور الثقافي بهذا المعنى المحدد ضمن خريطة سياسية المدينة كسلوك واع على اعتبار أن الفعل الثقافي جزء هام بل ضروري لهاته الدينامية التي تسمي نفسها بالمجتمع الحداثي الديمقراطي.
كمنطلق أولي بالنسبة لنا هو كل الأنشطة والبرامج التي تنشط في إطار التفكير والتحسيس بالقضايا المرتبطة بالفنون والآداب وكل الأفعال التي تروم نشر قيم الجمال والمعرفة والتي من المفروض أن تكون ضمن أولويات السياسة الثقافية ليس فقط للقائمين على الشأن الثقافي من مثقفين ولكن من إطارات وجمعيات وجماعات وأسر وهيئات مدنية وحقوقية تساهم فيما قد نسميه بالصناعة أو المقاولة الثقافية .
إن الحديث عن الشأن الثقافي يفترض بالأساس من الناحية المبدئية والمنهجية تشخيصا أوليا لهذا الأمر والرجوع للغة الأرقام والبيانات ونوعية الأنشطة وتوزيعها ومجالات إشتغالها لتحديد مدى إتساعها ونجاعتها وتغطيتها للحقول والمجالات المفترض فيها أن تنشط فيها مجاليا وعمريا وإعلاميا.
ومن ضمن هاته الميكانيزمات إدراك العلاقة الملتبسة بين الثقافة والتنمية ،والثقافة والوعي السياسي والمدني ثم الثقافي والإعلامي على اعتبار أن هناك قضايا جديدة تفرضها وسائل التواصل الاجتماعي تستلزم استراتيجية في الترويج للمنتوج الثقافي وتوظيفه لخلق أفق تواصلي يخرج الثقافة من محيطها البئيس والمحافظ والممل إلى نوع من الدينامية التي تحبب النشاط الثقافي وتصبغ عليه صبغة التفاعلية.
الحديث عن الفعل الثقافي يجرنا لمناطق مرتبطة بها نطرحها للتفكير من قبيل الوسائطية الثقافية والسياسة الثقافية والحق في الثقافة والصناعة الثقافية والمقاولة الثقافية على إعتبار أن الشأن الثقافي وبحكم أن المغرب له قاعدة شبابية مهمة وطنجة أيضا فإهمال الثقافة في كل تجلياتها كإحتفاء بالفرح والحياة وبالإبداع هو فعل تنويري لأنه قادر على أن يضمن عدم سقوط العديد من الشباب في فخاخ الفكر الظلامي وقوى اليأس.
في تقديرنا لا يمكن الحديث عن الفعل الثقافي بمعزل عن باقي المكونات السياسية والإقتصادية لمدينة طنجة بالإضافة لحاجتنا لمنظور فكري وجمالي تساهم في تشكيله كل هيئات ومؤسسات المجتمع المدني يستند لبرنامج قابل للفعل فنحن بحاجة لبنيات تحتية وفضاءات وتجهيزات ومؤسسات يشتغل فيها أشخاص يفكرون يبدعون يتواصلون فيما بينهم غير منعزلين ولا إقصائيين .
إن قليلا من النقد الذاتي قد يوضح ويجلي أمامنا الكثير المثبطات والعراقيل التي قد توقف الفعل الثقافي لكنها تصيبه بفقر الدم وبالوهن لذلك يجد بعد المنتقدين للشأن الثقافي مبررا لإنتقاده إو للإنقضاض عليه لكونه معزولا عن المجتمع أو نخبوي أو بئيس.
وبالتالي فالرهان الأكبر هو حلقة دائرة لا يمكن أن يؤمن فيها المجتمع بجدوى الفعل الثقافي ثم يغيب عن المساندة والحضور .
إن الفعل الثقافي بطنجة فعل متجدر في التاريخ وفي المظاهر الإجتماعية لما شهدته مدينة طنجة من تنوع ثقافي ساهمت فيه الجاليات والوافدون والعاشقون لطنجة كمدينة ساحرة وهو ما جعل منها نموذجا للتنوع الثقافي المشكل لهوية ثقافية منفتحة.وهاته العلامة يمكن أن تكون خصوصية محلية رعاها التاريخ والبشر ومن شأنها أن تجعل من مدينة طنجة نموذجا ثقافيا ومحطة إشعاع ثقافي وطني غني بموارده وطاقاته لكنه قادر على التفاعل والتعامل مع مختلف الثقافات واللغات والإثنيات.
إن الهدف الأسمى هو جعل الثقافة شأنا عاما شأنه شأن كل الممارسات المدنية المرتبطة بسياسة المدينة والسلوك المدني حيث تكون الكلمة للمثل البرلماني والحضري والأستاذ والتلميذ والأسرة للتداول والتربية على الذوق الفني معتبرين أن الفعل الثقافي في صميم التربية على المواطنة، وبالتالي فهو عمل تشاركي تعاضدي وتعاوني لا مجال فيه للإرتجال أو للعشوائية لأن العمل الثقافي الجاد والمسؤول يراهن على الأفق التخييلي الذي من سماته التجديد والإبداع والابتعاد عن كل أشكال الابتذال والنمطية .
_____________
بقلم : عزالدين الوافي