طنْجَة تنزفُ ….فـاسعِفوها أو دَعوهـا تَحْتضر بسلام
جريدة طنجة – لمياء السلاوي (.طنجة تنزف. )
الثلاثاء 21 يوليوز 2015 – 12:55:13 ًّ
و تُـؤكّـد الوَقـائــع أن أغلبَ هذه الجرائم تتم لأسباب تافهة وتكتسي وحشية غير معهودة في المجتمع الطنجي، كما أصبحت عمليات السلب التي تتم في مختلف الأحياء، والتي يقوم بها شبان مفتولي العضلات، تثير الرعب داخل أوساط العائلات ، وأصبحت لفظة “كريساج” وهي كلمة فرنسية متداولة.
و”الكريساج” لفظة تعني قطع الطريق على مستعمله، وسلب ما يملك تحت التهديد والعنف المسلح، وتحدث أغلب هذه الأفعال ضدّ النساء، وتتم في أماكن عمومية وسط الكل في قلب المدينة.
لكن الأخطر من ذلك كما يروي شهود عيان، ما ينجرّ عن تلك العمليات من عنف، إذ يستعمل هؤلاء الشبان أسلحة ذات فاعلية، مثل الغاز المخدر، وشفرات الحلاقة، والسكاكين والسيوف. وقد لقي كثير من ضحايا عمليات السلب حتفهم، لأنهم حاولوا الاستماتة في الدفاع عن أموالهم.
وتتناقل القصص العديدة لفتيات بعمر الورد، خبر تشويه وجوه و فتح بطون و كسر ضلوع إثر كل عملية سلب ونهب يقعن فريسة في شباكها.
تعدد عمليات السلب وتكاثرها من أجل الحصول على مبلغ مالي، أو سلسلة ذهبية، أو هاتف جوال، دفعتني إلى تشبيه عصابات الشباب بقطعان الكلاب، التي تصول وتجول في الشوارع “كلبان يهاجمان امرأة في الشارع المعمور؟ ما الغريب..!! فالكلاب تهاجم وهذا من طبيعة الأمور، بل هذا منذ أن خلق الكون وخلقت الكلاب.. وبدأت تنبح وتكشّر عن الأنياب، أما الغريب فهو أن نوعا جديدا من كلاب الشارع قد صار يصول فيها ويجول، فتراه يهاجم الناس، بل ويقتلهم من أجل محفظة نقود أو هاتف محمول!”.
و في اتّصـال معَ الأستاذ عبد اللطيف كيداي، أستاذ علم الاجتماع في جامعة محمد الخامس السويسي في الرباط، أكد أنه رغم غياب المؤشرات الإحصائية، فإن هناك عدّة مؤشرات أخرى يطمئنّ إليها الباحث، من شأنها أن ترسخ لديه يقينا، مفاده أن الجريمة في المغرب هي بصدد الارتفاع إلى حدّ ينذر بالخطر.
ومن بين هذه المؤشرات الدالة كما يقول أستاذ علم الاجتماع “الملاحظات العفوية لسلوكيات الناس في الشارع، وما تكتبه الصحافة يوميا، وما يتداوله الناس في مجالسهم من وقائع بشعة حدثت في محيطهم القريب”.
وتنقل الصحف اليومية وقائع لجرائم بشعة، تتراوح بين السلب والقتل وتشويه الوجه، لم تعد تدع مجالا للشك بأن الظاهرة اتسعت وأخذت طابعا مرضيا، فخلال شهري يونيو و يوليوز ،ارتفعت معدلات الجريمة بشكل ملحوظ بأغلب المدن المغربية ، خصومات من أجل علبة سجائر، تنتهي بطعنة، معركة في حفل زفاف تنتهي بقتيل، خلاف حول قطعة أرض يخلّف قتيلا، رفضت ربط علاقة معه فحاول تحويل وجهتها، رشوه بالغاز المشل للحركة وسلبوه ماله و هاتفه ، و أمثلة عديدة أخرى تقشعر لها الابدان .
الجريمة تشهد منذ عقدين على الأقل تحولات نوعية وكمية بطنجة ، فمن ناحية التطور الكمي فـإنَّ ارتِفــاع الجَريمة وتَنـاميهــا يُفيدُ بــالضَرُورة اتّساع رُقعتها أفقيًا وعَمُوديــًا، لتضم شرائح اجتماعية وفضاءات ومجالات كانت إلى سنوات قريبة مستثناة، و هنا نضرب المثل بـ “الأطفال والشيوخ، كفئتين عمريتين أصبحتا من ضمن من يقترفون جرائم بشعة، لا تتناسب مطلقا مع أعمارهم، مثل الجرائم الجنسية، وجرائم القتل والمخدرات، كما أن بعض الشرائح الاجتماعية، بالمعنى الطبقي للكلمة، أصبحت تقترف جرائم لم تكن واردة من قبل في سجلّ ممارساتها الإجرامية، فالطبقات الوسطى مثلا أو العليا، كانت جرائمها المألوفة عادة ما ترتبط بالجرائم الاقتصادية (الصك بدون رصيد، التهرب الضريبي، المتاجرة السوداء… الخ)، أما في العشريتين الأخيرتين فإن هذه الشرائح أضافت إلى ممارساتها الإجرامية جرائم أخرى هي من النوع الثقيل تتعلق بالعنف والقتل والاغتصاب”..
السمة البارزة للتحوّل النوعي في الجريمة يرى بعض الباحثين أنها تتعلق بالفضاء، فالجريمة وخاصة جريمة القتل والاغتصاب فإنها كانت تحدث سرّا، ويندر أن تحدث الجرائم أمام الملأ، أما الآن فإن الجرائم المرتكبة حتى الأكثر بشاعة، تحدث أمام مرأى الناس ومسمعهم، وكأن هناك نزوعا إلى مسرحة الجريمة أي إخراجها في قالب مشهد قابل للفرجة وعرضها على الجمهور، وقد كان أول إشعار بوقوع أول جريمة قتل خلال شهر رمضان بطنجة سقوط أول ضحية في حادث مأساوي عاشه حي الدرادب بتراب مقاطعة طنجة المدينة.
الحادث وقع مباشرة بعد موعد الإفطار لليوم الخامس من رمضان، بعدما كان بعض أبناء حي الدرادب القديم، يلعبون الكرة، قبل أن يحتج عليهم أحد السكان، الذي طالبهم بالابتعاد عن منزله، لكن سرعان ما تطور الأمر إلى تلقيه طعنة بالسلاح الأبيض، حسب ما كشفت عنه المعطيات الأولية للبحث حول ظروف وملابسات هذه الجريمة.
الضحية في الخمسينات من عمره، فارق الحياة بعد وصوله إلى قسم المستعجلات بمستشفى محمد الخامس، متأثرا بنزيف الجرح الذي أصابه على مستوى فخده نتيجة طعنة السكين، وقد أحدث خبر وفاته صدمة بين سكان الحي فور انتشاره، باعتبار أن هذه الواقعة بالنظر إلى دوافعها، لم يكن يتصور أي أحد من أهل المنطقة أن تنتهي بحريمة قتل.
جرائم كثيرة و مُتعَدّدة و حــالات متنوعة، لن تكفي صفحـــات الجريدة بأكملها لسردها ، فلربما أصبحت طنجة مسرحا مداوما لمختلف الجرائم و الاعتداءات ، من تعنيف و تشهير و سب و قذف و وو …..الا ان هنالك ظاهرة أخرى أصبحت تتفشى بشكل لافت ، الا و هي عدم تدخل الشرطة بالكثير من مظاهر السرقة و التعنيف فمن سيحمي المواطنين الصالحين من المجرمين الملتفين حولهم بكل زمان و مكان ، و كيف لهؤلاء المواطنين أن يمارسوا حياتهم و يعيشوها في ظل الاجرام الواضح و البائن الذي تشهده طنجة بالآونة الأخيرة ، و هنا تستحضرني حادثة وقعت لي شخصيا بليلة من ليالي رمضان على الساعة التاسعة و النصف مساء بحي بوسط المدينة ليس نائيا و لا خاليا ، تعرضت لمحاولة سرقة لهاتفي النقال ، و شرطي كان على بعد 10 أمتار من الواقعة و لم يحرك ساكنا و عندما سألته عن سبب عدم تدخله ، لم يعرني اهتماما و مضى الى حال سبيله ، لولا تدخل أبناء الجيران جزاهم الله خيرا ، لكان هاتفي الان بخبر كان أو لربما كنت أنا بخبر كان ، ربما كنت تعرضت لاعتداء جسدي أو أي اعتداء من أي نوع، فأن لم يحمنا الأمن الوطني من سيحمينا ، ان لم يتم ردع المجرمين و المنحرفين من طرف الشرطة ، فمن سيقوم ذلك ، أرواح تزهق كل يوم ، و حالات عنف يتعرض لها نساء و رجال طنجة على حد سواء كل يوم ،من سيحمينا ، من سيحمي طنجة..
منا دائما السؤال و منكم الإجابة ……