تشييع جُثمان مَجْلس مَدينة طَنْجَــة إلى مَثْـواه الأخير…
جريدة طنجة – محمد العمراني ( مَجْلس مَدينة طَنْجَــة )
الجمعة 10 يوليوز 2015 – 14:39:24
و يبدو أن المشيعين كانوا على عجلة من أمرهم، حيث لم تستغرق مراسيم الجنازة أكثر من 15 دقيقة، بعد تمرير جميع النقط المدرجة بــالإجْمـاعِ، و كـأنّهُـم يسـابـقون الـزمن لطَمْر هذا الجُثْمـان، الذي تحَلّـل منذ مدّة، وصـارت رائحته تزكم الأنــوف…
قبل ست سنوات انطلق مجلس المدينة على إيقاع الاتّهــامـات الخطيرة التي وجّههــا حـزب العدالة والتنمية، لتحالف الفساد والاستبداد، الذي تمكن من فرض الشاب سمير عبد المولى عمدة للمدينة…
العدالة وجهت نيــران مدفعيتها الثَّقيلة للبــام، متهمة إيّـــاه بـراعي الفساد والمفسدين، كما لم يسلم من اتهاماتهم بوهريز والزموري، اللذان فَسخــا ميثاق التحالف، الذي بموجبه كان سيتم انتخــاب يوسف بنجلون عمدة للمدينة…
بعد سنة من الفشل الذريع لتدبير الشاب سمير عبد المولى، أُجبر هذا الأخير على تقديم استقالته، ليتم تنصيب فؤاد العماري خلفا له، بدعم من تحالف الحكامة الجيدة، الموقع بفندق سيزار، والذي ضم إلى جانب البام حزبي الأحرار والاتحاد الدستوري…
طبعا الإخوة في حزب المصباح رأوا في تنصيب العماري استمرارا لنهج التحكم في الحقل السياسي، وهي الاتهامات التي زاد منسوبها وحدّتُها مع انطلاق حراك 20 فبراير، حيث تحولت دورات مجلس المدينة إلى ساحة لجلد العمدة، ولمحاكمة شقيقه إلياس، ولا زال الأرشيف شاهدا على غزوات الأخوات والإخوة…
من منا لا يتذكر التقارير النارية التي كان يعدها الدكتور المتخصص في المالية، السي عبد اللطيف برحو، في دوارت إعداد الميزانية والحساب الإداري، حيث كان يضمنها تشخيصا معمقا لاختلالات تدبير فؤاد العماري؟…
من منا لا يتذكر الهجومات الكاسحة للمناضلة فاطمة بلحسن وللشاب محمد خيي، وباقي كتيبة حزب المصباح؟..
لكن.. مع منتصف ولاية هذا المجلس، طرأ تحول جذري في مواقف الأخوات والإخوة…
فجأة تحولت العداوة التي كانت تؤطر علاقتهم بالبام، إلى غزل متبادل، وأصبحت تقارير السي عبد اللطيف برحو “حْنينة بزّاف” ومنزوعة الأظافر، أما تدخلات فاطمة بلحسن، فأصبحت تخضع للرقابة قبل انطلاق دورات المجلس، خشية أن تغضب معالي العمدة…
وصارت الجلسات الثنائية تنعقد بأفخم الفنادق والمطاعم، لعل أشهرها تلك التي جمعت فؤاد العماري بالبشير العبدلاوي في فيلا جوزفين قبل سنتين، وفيها تم ترسيم اتفاق ثنائي بين الطرفين يقضي بالتزام العدالة والتنمية بتهيئة الأجواء لتمرير الحساب الإداري وجميع النقط المدرجة في جدول أعمال الدورات، بالمقابل التزم العماري بتمكين فريق العدالة من نصيبهم في البرمجة، كانت أشهرها صفقة دعم ب 200 مليون سنتيم لبناء مركز للمهن البحرية لفائدة غرفة الصيد البحري، التي يرأسها يوسف بنجلون…
غير أن أجمل تبرر لهذا الانقلاب في مواقف كتيبة مناضلات ومناضلي حزب المصباح، هو ذاك الذي صدر عن الكاتب الإقليمي للحزب والبرلماني الشاب السي محمد خيي، الذي كشف أن التحالف مع العماري جاء بهدف قطع الطريق على حلفاء العماري الذين يبتزونه، وبالتالي فإن الأخوات والإخوة، حسب خيي، أشفقوا على العماري، لذلك قرروا التحالف معه!!…
غير أنه من عَجـائبِ الصُدَف ومَكْرهــا، أن يتـم التَّــوقيع على شَهـادة وفاة هذا المجلس ببيت أحمد الدريسي، القيادي النافذ بحزب الأصالة والمعاصرة، الذي استضاف ببيته قادة لعدالة والتنمية بطنجة، يتقدمهم البشير العبدلاوي، على مائدة الإفطار، مساء أمس الثلاثاء، أي ليلة انعقاد آخر دورات مجلس المدينة، وهي العزومة التي رسَّمت بشكل نهائي بداية صفحة جديدة بين الحزبين، عنوانها الكبير: يدا في يد من أجل اقتسام المناصب والمغانم خلال الانتخابات المقبلة.
وهكذا يُسْدَل الستار على تجربة ابتدأت باتّهـــام حزب بنكيران للحزب الذي يتحمل مسؤولية رئاسة المدينة بالتحكم والفساد والإفساد، وانتهت في بيت أحد أبرز قادته النافذين، والحزبان سمن على عسل وشهيتهما مفتوحة على اقتسام كعكة الانتخابات….
سؤال من هذا العبد الضعيف، الذي لا يفقه شيئا في شؤون الانتخابات، إلى مسؤولي الأحزاب المشكلة لمجلس مدينة طنجة:
هل بعد هاته التجربة المُجَسّدة لكل مظاهر النفاق، والانقلاب على المواقف، وقلب الحقائق، وتبرير القرارات المتناقضة، لا زلتم تتساءلون لماذا كره ساكنة المدينة كل ما يمت للانتخابات وللسياسة بصلة؟…