أبو الحسن الحصري.. دفينُ طنجة المجهول لدى أهلها
جريدة طنجة – هشام البخاري ( كتب: هشام البخاري)
الأربعاء 03 يونيو 2015 – 11:40:51
أبو الحسن الحصري دفين طنجة
فمن يكون هذا العَلــــَـم الذي ثَــمَّ اختيـار اسمه ليُطْلــق على مدرسة “ألفونسو الثالث عشر” الإسبانية بعد تسليم أحد بنـايتيهـا للدولـــة المغربية ؟
هو أبــو الحسن علي بن عبد الغني الفـهري الحصري المـولــود بـــالقيروان سنة 420 هـ – 1029 م ، ببـــلاد افريقية “تـــونس” من أسرة عربيـة قُـريشية.
كان شاعــرًا مشهـورًا ضـريـراً حيْثُ فقَــدَ بصرهُ و والده و هو طِفل حَفِـظَ منُــذ صِغـره القـــرآن الكريم بـالروايــات المُختلفة على شُيـوخ ذلك العصر المشهـوريـن بــالقيروان.
هـاجــرَ عن القيروان هو و أسرته بعد ما يعرف بنكبة القيروان عندما سقطت المدينة في يد قبائل بني هلال التي أرسلها الخليفة الفاطمي المستنصر بالله من مصر سنة 1057 م كعقاب لتحول ابن باديس الزيري ملك افريقية و القيروان إلى المذهب السني وموالاة الخليفة العباسي فكانت وجهة الحصري سبتة المغربية التي سكنها مُـدّة عشر سنوات مُكرّمـًـا من طرفِ أميـرهــا البـرغـواطـــي قبل أن يهاجر لبلاد الأندلس حيث اتصل ببعض ملوكها و أمرائها فمدح المعتمد دفين أغمات المغربية ثالث و آخر ملوك بني عباد حكام اشبيلية بقصائد..
ثم ترك اشبيلية إلى دانية لمـا عــَلا نجم ابن مُجـاهـد العـــامري، ولم يُبْـــرح أن تركـــه إلى سرقسطة مجتذبــًا عطـف ابن هود، وفيها اتصل بــوزيره اليهــودي ابن حسداي فـــأسبغ عليه النّعْمــة و وفّـــر لهُ الحمـايــة، ثـم قصد ابن صمــادح صـــاحب المرية ووجد عنده كل ترحيب و إكـــرام، ومكثَ عنده مُــدّةً ثمَّ رحـلَ قـــاصداً ابن طاهر صاحب مرسية، فعظمت مكانته عنده ومدحه بالقصيدة التي ذاعت شهرتها وطبقت الآفاق وتنافس المغنون في تلحينها والشعراء في معارضتها، وكانت تلك القصيدة هي قصيدة:
يـاليلُ الصب مَتى غده … أقيــام الساعة مـوعده
رحلَ إلى طنْجــة بعـْدَ سُقوط إشبيلية في أيدي المرابطين “موحدي الأندلس” في يوم الأحد الثاني والعشرين لرجب من 484 هـ وعاش الحصري بعد هذا التّــاريــخ نحــو أربـع سـنوات مُقيمــًا بطَنْجـة ، و قـد تـراجـــع طبعه، وانقبض عن الناس، وهو ما عبر عنه ابن بسام صاحب ” الذخيرة “حين قال: “ولما خلع ملوك الطـوائف بـأفقنــــا، اشتملت عليه مدينة طنجة وقد ضـاق ذرعه، و تـراجـــع طبعه” .
“و يشاء القدر ألا يتمكن الحصري من رفعه للمعتمد إلا وهو أسير في طنجة في طريقه لأغمات.. فيـأخذ الكتاب ويثيب صاحبه بصلة هزيلة… هي كل ما يملك الأمير الأسير… مع قطعة شعرية للاعتذار..
ولكن الحصري لم يجب المعتمد كما يقتضي الوفـــاء، بل وأدب اللياقة.. وقد كانت للحصري دالة على المعتمد، وله في دولته عدة قصائد ومقطعات، وقد ألف له كتاب -المستحسن من الأشعار– فكتب له المعتمد هذه الأبيات يلومه” 1:
قل لمن قد جمعَ العلـ … م و مـا أحصـى صَوابــهُ
كـان في الصرة شعـر … فـَـانتظــــــــــرنا جَـوابـه
قَــد أثبْنـــــاكَ فهـَـــلا … جَلــب الشِـعـر ثـَوابــــه
وكان قد تقدمت به السن، فـــاجتمعت عليه الضرارة والكبر، فـاقتنع بـــالعيش بالكفــاف أو ما دونه مشتغلاً على تعليم القُـرآن، فـالتفَ حَولهُ طُــلاب العلم والأدب وظل يـُدرس القِراءات إلى أن أدركته المَنية سنة 488 هـ – 1095 م و يُجهل مكان دَفنه بطَنْجـة لخــراب المدينة الإسلامية بعد احتـلالهـــا من طرف البرتغاليين سنة 1481م.
المراجع :
1 – دعوة الحق – المعتمد بن عباد بالمغرب – العددان 60 و 61
2 – أبو الحسن علي الحصري القيرواني الضرير – التجديد عدد 12-11-2006















