سلطات طنجة تمنع عرضاً مسرحياً لجمعية بيضاوية تنعت طنجة و أهلها بممارسة الا ضطهاد العنصري ضد أفارقة جنوب الصحراء
جريدة طنجة – عزيز گنوني
الجمعة 17يوليوز 2015 – 15:29:03
أتذكرون مسيرة «الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق الانسان » في اتجاه طنجة، من أجل التنديد بعنصرية أهلها واضطهادهم هكذا للأفارقة المهاجرين ، وكيف أن الهايج اعتبر أن ما تمت إثارته من احتلال الأفارقة لأملاك المغاربة بحي العرفان مجرد افتراءات لا تمت للواقع بصلة ؟
ولكن «المسيرة « » الحقوقية » توقفت عند مدخل المدينة، وترك للمشاركين الذين كانوا يعدون على رؤوس أصابع اليد الواحدة، حق ترديد الشعارات الجاهزة، التي لم يلتفت إليها أحد والتي قـــوبلت بتجاهل و لامبالاة أهل طنجة رجالها ونسائها شيبها وشبابها !……. وكنا نعتقد أنه بعد التدخل الحضاري الناجح للسلطات الإدارية والأمنية لمدينة طنجة، في حي العرفان الذي احتله بالكامل أفارقة جنوب الصحراء، ونجاح هذه السلطات في إخلاء حوالي 85 شقة من الشقق التي اقتحمها هؤلاء الأفارقة وحولوها إلى أوكار فساد ودعارة ومخدرات وفسوق ومجون، في تحد سافر لجيرانهم المغاربة الذين أعياهم التشكي والتظلم، قبل أن يمارسوا حقهم في الاحتجاج العلني، بل والمطالبة بالتدخل الملكي،…. كنا نعتقد أن الجهــات «المعادية » لطنجة وأهلها، ستقتنع بأن ما جرى بحي العرفان، كان حقا وعدلا، مكن من إخلاء بعض الشقق المحتلة بدون وجه حق، وإجلاء عدد من أفارقة «التسلل » عن هذا الحي التعيس الحظ .
وقد كَتبْنــا ما فيه الكِفـاية من تَحْقيقــات ومَقــالات عن الوَضْــع في «العرفــان» وطـالَبْنـا مع المُطــالبين بـإنْصـاف مـــواطنينا الذين بدأوا يفقدون الثقة في إدارتهم بعد أن اتهموها بالتواطؤ والعجز، ، بل والأمل في استرجاع أملاكهم، ورفع سيطرة «دولة » الأفارقة عنهم !… إلا أن كل ذلك لم ينفع في إقناع بعض «النشطاء » الجمعويين بأن الأمر يتعلق بإنصاف طائفة من المَغــاربة وقـعَ الاعْتِداء عليهم وعلى مُمتلَكـــاتهم وعلى قيمهم وتَقـــاليدهم من طَرَفِ أجــانب يفتَقِد وجـــودهم فـــوق التراب الوطني إلى الشرعية الدّوْلية، اقتَحَمــوا حُدودنـــا بعد أن رفضتهم جـُل دول العـــالم، بما فيها تلك التي تشيد اليــــوم بموقف المغرب إزاء المُهـاجريـن الأفـارقــــة، والتي تقذف في وجــوهنا بحُفْنَة دولارات مُقـابـــل «استيطانهم » ومنعهم من «قطع » البوغاز في اتجاه الجنوب الأوروبي !!!…..
هذه المُقدّمَة التي أعْتَذر على طُـولهــــا، كـــانت ضـرورية لمُحــاولة الرد على بلاغ «عنيف » صادر عن جمعية «جُــذور » بعد أن اتّخَذت سُلُطـــات طنجة، مشكورة، قــرارًا بمَنْع عَرْض مسرحية «بْحَال بْحَال »، التي ادعت هذه الجمعية الجُذورية البيضاوية، أنها «تهدف إلى أمرين: تـرسيخ ثَقـافـــة المساواة بين المَغـــاربة والمواطنين المنحدرين من إفريقيا جنوب الصحراء.
إدماج (المُهـــاجرين ) لاشك أن الغَرضَ إدْمــاجهم اجتمـاعيًا واقتصاديًا وثقافيًا وسياسيًا في المجتمع المغربي( والحال أنه لا يوجد من يعترض على ذلك في حال إقراره ضمن الاختيارات السيادية !..
جمعية «جذور » برمجت عرضين بطنجة لمهزلتها «بحال بحال »، يومي 4 و 5 يوليوز الجاري، في الهواء الطلق، بساحة الأمم. إلا أنها توصلت بقرار منع العرضين معا، دقائق قبل انطلاق «الفراجة » الإفرو افريقية !..
ولو أني مع حُريّــة التّعْبير بكُل أشْكالهـا، وضِدّ القَرارات السُلْطـوية التي تَحُد من تلك الحرية بــالسطو عليها واغتِصـابهــا، إلاَّ أنّنــي وجــدتني أصفِقُ لقَــرار المنع، تَشفيــًا في هذه الجماعة التي سمحت لنفسها بأن تعتبر أن «مُهــاجري جنوب الصحراء يعيشون أوضاعا مؤسفة بمدينة طنجة » من تعرُض للعنف والاضطهاد العنصري، الأمر الذي تري فيه جمعية بلا جذور، تناقُضـًا مع القيم الانسانية ومع كونية حقوق الانسان !!!!……
هذه الجمعية يجب أن تُطـــالب قضائيــًا بـــإثبات ما تدعيه من «أوضاع مؤسفة يعيشها أفارقة جنوب الصحراء بطنجة » من عنف واضطهاد عنصري… والحـــال أن الآلاف منهم يعيشون في هذه المدينة منذ سنوات عديدة، يتجـولـــون بحرية، ويشتغلون بحرية، ويمارسون عـــاداتهم المليحة والقبيحة بحريـــة ، يتسولون بحُرية بل إن الأمر وصل بهم إلى كَسْر أقفـــال مساكن المواطنين المغاربة وسرقة ما بداخلها من أثــاث واحتـلالهــا من أجْلِ السكن وممارسة المُجــــون والفسوق والسكر والدَعــارة والسرقـة وتـــرويج المخدرات… دُونَمـــا رادع أو مُزْعِــج.
هل هذه ظُروف مُؤسفة، والحــال أن وُجـــودهم المــادي غير شَرْعي وأن أي مواطن مغربي لن يدخل أرض بلد إفريقي دون أن تتوفر فيه شروط الشرعية كما هو متعارف عليها دوليا…
لماذا لم تجــرُؤ الجمعية على التَّصْريــح بـأنّ الّـذين كـانـــوا يعيشون ظروفًا مــأسويـة هُم مَغــاربة حي العرفان وأحياء أخرى «استولى » عليها أفارقة جنوب الصحراء وفرضوا أنفسهم وعاداتهم وتقاليدهم على سكانها المغاربة الذين نددوا في أكثر من مناسبة بسلبية موقف سلطات المدينة إزاء مطالبهم ب «فك الحصار الإفريقي » عن أحيائهم .
ثم إن الجمعية تدّعـِي، وبدون خَجل أو وَجل، أن عرض هذه المهزلة «يمكنه أن يساعد على تخفيف التشَنُجــات وبدء وتقـويـة الحـــوار حول مسألة الهجرة بين المغاربة و أفـــارقة جنوب الصحراء …..!!!! »
يعني أن أهل مدينة تَجــر وراءها ثمانية آلاف عام من الوجـــود، مدينة عايَشَتْ شعُوبـًا وقَبـائـــل ودولا وحَضـارات مختلفة، يَحْتـاجـــون إلى جماعة عيال من مسرح المحكور البيضاوي، يقدمون حلقة يدعون أنهم بها سيعملون على تقوية الحوار بين المغاربة والأفــارقة حول الهجرة !!!….
إن طنجة ومدن الشمال بوصف عام لا تقبل دُروسًا من أحد في مجال التسامح والإخاء والتعايش والتعاون. الشمال كان على مَرِّ العُصُــور منطقة عبـور وتـواصـل ، منـــارة على ممر مـــائي يربط القارات الخمس، ويتفـاعـل مع حضاراتها في عملية أخذ وعطـــاء مستمرة إلى اليوم، ولعل خير مثـــال على ذلك أنه عند عودة طنجة للسيادة المغربية ، كان يوجد بها 58 جـــالية مختلفة من كل أنحاء الدنيا، يتعــايش أفرادها مع أهل المدينة في وُد وأمن وأمان، ولعل طنجة هي المدينة الوحيدة التي خَلا فضاؤها من وجود «مــلاح » لليهود الذين كانوا يعيشون وسط المسلمين، مواطنين كاملي المواطنة ويمارسون أنشطتهم التجارية والمهنية بكل حرية .
ولستُ أدْري أيّ ريـح شقية دفعت بجمعية «فيزا بدون حدود » التي نسبها بلاغ الجذور إلى مدينة طنجة، للمشاركة في هذه المهزلة، التي تسيء إساءة بليغة لطنجة وأهلها.
_____________
بقلم : عزيز كنوني
azizguennouni@hotmail.com