الزَّمن السياسي بالمغرب رَداءة في رداءة !!!
جريدة طنجة – عزيز گنوني
الأربعاء 24 يونيو 2015 – 13:51:42
ما نَقْرأ أو ما نُشاهِد أو ما نسمَع عن مُمارسات رجــالاتِ السياسَة على اختلافِ توجُهـاتها يكادُ يَبْعَثُ على الإحبــاطِ واليـأسِ : تَبــادُل بَــذيء للقَذفِ والشَّتْم والتّقْريــع والتَّهْديــد بين “القــادة” ، لا فرق بين يمين ويسار و وسط ، وما “تَطَرفَ” منها بحُكم المَواقــع، يترك لدينا انطِبـاعــًا بأن ظاهرةَ “التّضَخُـــم” بسبب فُقْــدان الشيء السياسي قيمته “الإبرائية”، قد أصابت “القــادة” رموز السياسة المغربية وقَطعت كل صلة بين ماضي الزعامات الوطنية وحاضرها الذي بات سخيفًا، تـافهـًا ومبتذلا ..وبعيدا كل البعد عن انتِظارات المَغــاربة و طُمــوحــاتهم !…
حتَّــى ليبدو أن هَمّ القِيــادات الحـــزبية، الحــَـاكمة والمُعارضة على حَدِ سَواء، تَصيدُ فُرَص النَيْل من الخُصومِ، بضربات “تحت الحزام“، تُشَوهُ صُــورتهم وتَشل حَركتهم وتُسَفّهُ أفْكــارهم وتَبطشُ بمِصْداقيَتِهم.
وإذا كـانَ مَقْبــولاً أن ينتقدَ الحكومة زُعماء المعارضة لأن ذلك يندرجُ في حُكمِ “اللعبة الديمقراطية” للوُصول إلى التداولِ على السُلطة، بطرق ديمقراطية، فإنه لا يجمل بزعيم حزب سياسي “له ماض”، ــ والمقصود هنا حميد شباط وحزب الاستقلال ــ، أن يستغل لقاء مع مناضلي حزبه بطنجة، ليثير ما أسماه “صراعا” بين عمدة هذه المدينة ووالي الجهة، العماري واليعقوبي، حول مسألة الاختصاصات في ما يتعلق بتنفيذ مشاريع طنجة الكبرى، وليباشر عملية “تحريض” واضحة ومكشوفة ضد والي الجهة بأن طالب من العمدة العماري أن يتحدى الوالي، لأنه “معين من بنكيران” ، بينما رؤساء الجماعات منتخبون من الشعب.
لا يَجْمُلُ بـ زعيم” حزب سياسي له ماضٍ يَعرفه سكان طنجة جيّدًا، أن يُحرض عمدة المدينة على الوقوف في وجه الوالي بدَعْـوى صَدهِ عن التّدخُل في اختِصاصاته وأن يخاطبه بنبرة مستفزة، معلنا أنه “لو كان مكان عمدة طنجة، “إما بي أولا به” !!!….
أليس في هذا القول ضرب من ضروب التحريض على الفتنة ؟
هل هذا كلام “زعماء” مسؤولين؟
وهل نحن في حلبة “صراع الديكة” ؟ !…
إلا أن يكون زعيم حزب الاستقلال “استطاب” أسلوب “البونية” ، والعض، و”القبش” و “الشنق”، الذي استعمل خلال “مقابلة” رديئة مع “لاعب” من نفس مدينته، لا يفضله صلابة وعنفا، عزيز اللبار، انطلقت تحت قبة البرلمان، يوم الجمعة 10 أكتوبر سويعات بعد الخطاب الملكي الذي ذكر “نواب الأمة” بتوجيهات جلالته بخصوص ما يجب أن يكونوا عليه في سلوكهم داخل وخارج البرلمان من استقامة وجدية وتمسك بالفضيلة.
“الصِّراع” الذي تَحَدّثَ عنهُ شَبــاط في قــاعة سينمائية ببني مكادة، لا وجود له إلا في مُخيّلة بعض أنصار الاصْطياد في المـاء العَكِر من أجل إثـارة الفِتْنَة، والدَفْع بــالمسؤولين إلى مواجهات مُصْطَنعة، لن يستفيد مِنْها إلا خُصــوم المغرب ، وهم كثر، والحمدُ لله الذي لا يُحمد على مَكروه سواه !..
حقًا، قد يَحدُث في بعض الأحيان سُوء تَفاهُم بين مُمثلي السلطة والمنتخبين، في طنجة، وفي غيرها من المدن والجهات، حَول طريقة حَلِّ بعض المشاكل أو تأويل بعض النّصوص، ولكن، في حالة الوالي اليعقوبي والعمدة العماري، الأمر لا يعدو أن يكون تَبايُنــًا شَكليًا في وجهات النظر، بعيدًا عن سُوء النّية ، لأن الوالي والعمدة رَجُلان مسؤولان يُقدران جَسامة المَسؤوليات المُناطة بهما، كل في نطاق اختِصاصاته، في تنفيذ “مخطط طنجة الكبرى” وهما معًا، مُقيّــــدان بمشاريع محددة وبتوقيت زمني مُقدر، و بـالتــّالي، فـإنّــهُ محْكُــوم عليهما بالتفاهم والتَعـايُش عبْرَ الحـــوار المستمر والجدي والمسؤول. ولأنهما يقدران المهام الموكول إليهما القيام بها، في إطار المخطط الملكي، وفي نطاق مسؤوليات تدبير الشأن العام اليومي ، فإنّهُما يمارسان هذه المسؤوليات برَزانة، وحكِمة وبُعْد نظر، دون لَجَبٍ أو جَلَبَة !….
أما مَوقف العُمدة العماري بشأن تخفيف وصاية الداخلية على الجَماعات الترابية، فإنما يندرج في إطــار تـــوصيات الجمعية المغربية لرؤساء الجماعات الترابية وهي مطالب مقبولة ، ليس لأن الوُلاة معيـّـنون (من بنكيران) أو لأن رؤساء الجَماعات منتخبون من الشعب، بل من أجلِ تحقــيقِ الانسجام والتوافق بين مسؤوليات الطرفين، وكلاهما ضروري لتدبير الشأن العام، بعيدا عن الحساسيات والنزاعات والغوغائية العزيزة على شباط ومن هم على شاكلته !…
زعيم حزب الاستقلال، وككل مرة يـــاخذ الكلمة في مجموعات من مناضلي حزبه، أطلق النار من منبر بني مكادة التي “غازلها” حين وصفها، مشكورا، بـ “قلعة النضال” وذكر بأحداث 1990 التي لابد وأنه يجهل كل شيء عنها، ولكنه سخرها في “حربهِ” الخفية والمعلنة على الحكومة وعلى وزرائها ، و رَكّـزَ على الـــوزير محمد بوليف الذي استغل اسمه ليبتز سكان منطقة بني مكادة، انتخابيا، كما هو الشأن بسكان الريف، حين رفع شعار “تحرير زراعة الكيف“، على مقربة من الاستحقاقات.
كلام شباط في حق الوزير بوليف كان “زَنْقـاويــًا” كعادته في كل مرة توجه بالنقد لبنكيران ووزرائه،. هذا النوع من الخطاب يَنم عن فــَراغ جعبة “الزعيم” إلا من “فَضـائـح الحكومـــة” التي عدها بكـامل الدّقــة حين جعلها مائة وإحدى وعشرين فضيحة، بالتَمـــام والكمال، لن يفصح منها إلا عن حكاية “الكراطة” والشوكولاطا، وضحايا واد الشراط، وتسريبات البكالوريا والعلاقات العاطفية بين الوزيرين السابقين، الشوباني و بنخلدون، اللذين أشارَ إلى اسميهما بصيغة التصغير التي لا تخْلُــو من إرادة التحقير…. “شوشو و سوسو”، وهذا منتهى القرف !
في بني مكادة كما في غيرها من الجهات، أطلق شباط العنان للسانه الطويل، في نقد لاذع للحكومة، التي اتهمها ضمنيا بالخيانة “التي لا يغفرها الله” كما حملها كل الأوزار ما ظهر منها وما بطن، وتلك أمور وإن كان “يصح فيها نظر” إلا أنه أثارها بهدف التشنيع بالحكومة ووزرائها ومنهم بوليف الذي قال عنه “إن الجميع بالمدينة يطالب برأسه”….والحال أن لا أحد بالمدينة تبرم من استمرار الوزير على رأس وزارته أو قدم ملتمسا بهذا الشأن ، حتى من داخل مناضلات ومناضلي حزب الاستقلال.
بل إن بوليف يلقى ترحيبًا مُتَواصلًا من أبْنــاءِ مدينته كُلما زاها ، وخاصة مقاطعة بني مكادة التي يعلم الجميع “أن قلوب مُعْظَم أهلها مع يزيد وسُيوفهم مع بني أمية” !……..
ليطمئن “الزعيم” الشاطر شباط .
إن طنجةليست للبيع ولا للمُزايدات السياسوية أو الشَعْبَوية الرّخيصة وإن مجلسها الجماعي متماسك رغم تباين مُكَونـاتـهِ، وعلاقات العمدة العماري الوالي اليعقوبي لم يظهر للسكان فيها ما يوحي بوجود ما أسماه بـ “الصراع” على الاختصاصات، وأن الرجلين شاعران بأن تدبير الشأن العام يحتاج إلى كثير من الصبر والحكمة والتبصر، ولا خوف لسكان طنجة على مخطط طنجة الكبرى، لأنهم واثقون من قُدْرة الرَجلين على اجتيــاز كل الحــالات، وعلى تخطي كل العَقبــات كما أنَّهُم واثقـــون من أخلاق الرجلين ووطنيتهما و كَفــاءتهمـا العــالية، في قيادة مركب طنجة إلى بر النّجــاة، فــالرجال تمُر والمؤسسات تبقى، كما تبقى الجبــال وتُخَلّد الأفْكــار.
ليطمئن شَباط، فـإن طنجة لا تشكو غَبْنًا ولا ضَيْمًا ولا حَيْرة ولا قَلقًا. وحَبّذَا لو اهتمَ عُمْدة فــاس بعقيبةالفيران، والقلقليين، ودرب سيدي بوجيدة ورحبة التبن ودرب جحـا، و الرَّصيف، بدل التَطاوُل على مدن غيره ، خاصة تلك التي اكتسبت مَنــاعة عبر ثمــانية آلاف عام من الـوُجـــود، أو تـَزيد ..!!
_____________
بقلم : عزيز كنوني
azizguennouni@hotmail.com