البيان الختامي الصادر عن اجتماع المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب
جريدة طنجة – بيان ( . بيت الصحافة. )
الثلاثاء 23 يونيو 2015 – 12:06:58
• البيان الختامي
الصادر عن اجتماع المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب
بيت الصحافة بطنجة- المغرب: 4- 6 حزيران/ يونيو 2015
و نـاقشَ المُجْتمِعــون كـافــة القضايا التي تدور في الساحة العربية بكافة جوانبها الإيجابية والسلبية، مؤكدين على القضايا التي مازالت تشكل تحديًا سافرًا لضمير ووجدان أمتنا العربية، وهاجسًا يؤرق مشاعر المبدعين والكتاب والأدباء عقل هذه الأمة وضميرها الحي، مما يستلزم مزيدًا من التركيز عليها والانتباه إلى آثارها السالبة وتداعياتها المدمرة مما يشكل خطرًا يهدد الوجود العربي والهوية العربية الوطنية التي تتعرض لمحاولات المحو والتجزئة وإثارة المشاكل والصراعات الطائفية والعرقية والمذهبية، وفي مقدمة هذه القضايا قضيتنا المحورية، قضية الوطن السليب في فلسطين شعبًا وأرضًا من حصار وإقصاء وتهويد، بل وصرف النظر عنها والانشغال عن النضال والتحلق حولها، واستبدال التناقض الرئيسي بين الأمة العربية والعدو الصهيوني بتناقضات داخلية وخارجية، واستبدال الهوية الوطنية الجامعة بالاحتقانات الطائفية في القطر العربي الواحد، بما يؤجج من صراع واقتتال وتخريب في أكثر من موقع، بل وفي أكثر من قطر من أقطار الوطن العربي الذي تشغل قوى الاستعمار والتخريب النيران في أطرافه الأربعة.
ولَعلَّ أوضح مِثــال لذلك ما تَتعرض له سُورية من تمزيق وإحراق وتدمير مما يشكل مأساة إنسانية بكل ما تحمله الكلمة، وما يتعرض له شعبها العربي الذي ما يزال يدافع بكل بسالة عن وحدته وتأكيد هويته العربية، صامدًا في وجه المؤامرات الدولية والإقليمية التي تستهدف بقاءه ووجوده ووحدته بل ووحدة أراضيه كافة. وليس ما يدور في ليبيا والعراق ببعيد عن ذلك في إنفاذ هذا المخطط المشئوم الذي بدأ يهدم كيان الدولة في العراق وتحطيم قوتها. ثم انطلق إلى القطر الليبي ليريق دماء أبنائه على مذبح صراعات غاشمة ليس لشعبنا العربي في القطر الليبي ناقة ولا جمل، اللهم إلا صراع القوى الدولية المشبوهة وعملائها حول ثروات ومقدرات هذا القطر تمامًا كما فعلت في العراق، وتحاول أن تسلب المنطقة والإرادة والأمن والسلاح من كافة أراضي وطننا العربي، واستهداف عناصر الدولة ومكوناتها، لا سيما البناء المجتمعي والهوية وقواتها المسلحة.
إن ما يدور على الساحة العربية لينذر بخطر جسيم لا ينبعي الاستهانة به والتقليل من شأنه، وأن النيران التي تشعل عمدًا بدعم من قوى خارجية في أطراف دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، لتستوجب وقفة صادقة من وطننا العربي لوضع حد لهذه الحرب العارمة التي طال أمدها بين فرقاء الوطن الواحد، الأمر الذي يستدعي سعي أمتنا العربية للوقوف صفًّا واحدًا مع السودان حتى يتمكن من جمع الفرقاء من أبنائه تحت مظلة واحدة للحوار العربي لوضع الحلول الناجعة للصراع بين أبناء الوطن الواحد، دونما تدخل مغرض من أي من القوى الإقليمية أو الدولية التي تسعى جاهدة لإضعاف السودان وتمزيقه ونهب ثرواته. وندعو لإجماع كتاب وأدباء أمتنا، إذ يسلطوا الأضواء الكاشفة على بؤر الصراع هنا وهناك، إنما يركز على شجب وإدانة أية معارضة مسلحة في أي وطن عربي، باعتبار أن المعارضة المسلحة تؤدي إلى التدخل الخارجي وتغذية الصراع ومفاقمة الأوضاع من سيئ إلى أسوأ بدلاً من حلها ووضع الحلول السليمة الناجعة لها، والقائم على التلاقي والتفاهم بين أبناء الوطن الواحد.
وفي هذا الإطار فإننا لندرك أن مخطط التقسيم الذي يستهدف منطقتنا إنما يتجاوز مشكلة الشرق الأوسط الجديد ويعبر من خلالها إلى التقسيم الطائفي بين مسلم ومسيحي، والمذهبي بين سني وشيعي، بل والعرقي الإثني بين مكونات النسيج الوطني، الأمر الذي يهدم بنية الدولة القطرية والمجتمع المتناغم في أقطارنا العربية، وهل هناك أوضح مما يدور في العراق وسورية وفي غيرها من بلادنا؟
وفي هذا الإطار فإن المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب ليؤكد على مواقفه الآتية:
1- توجيه التحية إلى مصر لما أنجزته من استحقاقات ديمقراطية، تأكيدًا لسعيها لتحقيق الاستقرار وبناء دولة الحرية والحق والعدل.
2- الإشادة بالتجربة الرائدة في القطر التونسي بداية من ريادتها في التغيير السلمي لتداول السلطة، وصولاً إلى تصحيح مسار الثورة بشكل حضاري انتهى بانتخاب مؤسساتها الدستورية، الأمر الذي أشاع الاستقرار والسلام، وحال دون وقوعها في فخاخ العنف والصراع.
3- الإشادة بالدعوة إلى الحوار المجتمعي بين مختلف مكونات المجتمع السوداني، وتثمين “نداء الوثبة” الذي يدعو كافة القوى السياسية في السودان، بما في ذلك حاملي السلاح، للجلوس إلى مائدة المفاوضات لوضع الحلول لإشكالات وصراع طال أمده في ربوع السودان، خاصة وأننا قد أدنا في بياننا هذا اللجوء إلى حمل السلاح في مواجهة قضايا الوطن.
4- تأييد الخطوات التي اتخذتها الإمارات العربية المتحدة للحفاظ على أمنها وضمان استقرارها واستمرار نهضتها وتنميتها، وبخاصة الإجراءات التي اتخذتها في مواجهة الإرهاب ومن يدعمونه، كل ذلك مع تأييد موقف دولة الإمارات العربية المتحدة والتأكيد على حقها الثابت في استرداد أرضها، والاستمرار في احتلال الجزر العربية: طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، باعتبارها جزءًا من أراضي دولة الإمارات.
5- إن ما تتعرض له ليبيا من مؤامرات دولية بالغة الخطورة من قوى الهيمنة الغربية لاستهداف سيادتها الوطنية وثرواتها ووحدة أراضيها ولتمرير مشروع مشبوه لتقسيم الأراضي العربية ليستوجب منا نحن العرب في أقطارنا كافة وقفة صارمة صادقة لنصرة الشعب العربي الليبي وسلامة أراضيه.
6- إن ما يدور في اليمن ليس ببعيد عن هذا المشروع المشبوه الذي يستهدف في المقام الأول سلامة اليمن ووحدة أراضيه وصيانة دماء أبنائه التي تسعى المخططات الصهيونية والاستعمار العالمي لتمزيقها وإراقتها بكل السبل، بإذكاء الصراعات العرقية والطائفية والمذهبية بين أبناء الوطن الواحد.
وإننا إذ نبسط بين أيديكم هذه الصورة القاتمة والمؤلمة لما يدور في أرجاء وطننا العربي لنؤكد على:
1- ضرورة التمسك بثقافة المقاومة لمواجهة المشروع الصهيوني في فلسطين والاعتداءات اليومية التي يشنها العدو على أمتنا، وآخرها الاعتداء السافر على القنطرة المحررة في 17 كانون أول/ يناير 2015، مع التأكيد على أن فلسطين هي القضية المركزية والأساسية للأمة العربية.
2- إدانة الحشود الصهيونية والعدوان المتكرر على الجنوب اللبناني والطلعات الجائرة للطيران فوق الأراضي والمدن اللبنانية، الأمر الذي يشكل تحديًّا سافرًا لكافة المواثيق والمعاهدات الدولية، وتأكيدًا للمسعى الإجرامي لجر لبنان الشقيق إلى بؤرة الصراع وتوسيع مدى النيران المتأججة في أرجاء هذا الجزء من الوطن العربي، مع تكرار دعوتنا للأخوة في لبنان التمسك بالوحدة الوطنية الشاملة.
3- ضرورة مواجهة ما يحدث في العراق والتصدي لمشاريع التقسيم، ومن الهجمات الإرهابية التي تستهدف أرضه وتراثه وعقله ومنجزه الحضاري، كما تدعو في ذات السبيل إلى الحفاظ على تراث سورية الحضاري تمامًا، كما تدافع عن حضارة أرض الرافدين، فالمشروع التدميري الذي يستهدف هذه الحضارات الخالدة- وهو واضح للعيان- لا يحتاج إلى كثير دليل أو برهان.
4- ومثلما أوضحنا ما يتعرض له اليمن من استهداف واستهانة بالأرواح والدماء ومن تدهور وشلل في مرافق البلاد وأمنها، لنحمل كل من يرفض الحوار وحقن الدماء المسئولية كافة عما يحدث بالبلاد من انهيار وفوضى، مناشدين ضمائرهم للانتصار لليمن أولاً وإعلاء قيم التسامح والحوار والتعايش مثلما ظل هذا الوطن عبر التاريخ، الأمر الذي يضمن احترام حريته وحرية قراره وإرادته.
5- إننا لندعو في هذا السياق إلى ضرورة احترام علاقات حسن الجوار بين الدول الشقيقة والصديقة، وشجب التدخل في الشأن الداخلي، مما يعرض منطقتنا برمتها لتدخل خارجي مرفوض شكلاً وموضوعًا.
ونحن نستعرض كل ما يدور في وطننا العربي من أحداث، لا يفوتنا أن نشيد بالأدوار الإيجابية في السعي نحو الصلح بين الأطراف العربية المتنازعة، والعمل على تجسير العلاقات الأخوية بينها، وفي السعي لحل المشكلات التي تعاني منها بالطرق السياسية والدبلوماسية السلمية، وخير مثال لذلك الأدوار التي تقوم سلطنة عمان في حل القضية اليمنية وغيرها.
إن حرية الكاتب وحرية الرأي وحرية الكلمة هي صمام الأمان أمام عالمنا أجمع ضد تنامي واستشراء خلايا وبؤر الإرهاب الفكري، لا في العالم العربي وحده، بل وفي كافة أرجاء العالم الذي يشهد غلو وشطوح وعربدة التكفيريين، الذين هم أبعد ما يكونون عن رؤية معاني الدين الصحيح، بل أبعد ما يكونون عن سماحة وعدالة الإسلام، وصفاء ونقاء وإنسانية الأديان وكريم المعتقدات، الأمر الذي يلقي عبئًا ثقيلاً على طوائف الأدباء والمبدعين للتصدي لهذه الهجمات الشرسة على ثقافاتنا، بل على جوهر ديننا الذي أطل على الدنيا بمعاني الإخاء والرحمة والسلام. الأمر الذي يجعلنا ندين بكل قوة كافة أشكال الإرهاب الفكري والديني والسياسي، كما ندين الهجمة الشرسة التي تقوم بها القوى الباغية والمراكز المشبوهة، والسياسات المغرضة المتحاملة في دول الغرب ضد العرب والمسلمين وعقيدتهم تحت ستار زائف هو حرية الرأي وحرية الفكر، وهم أبعد ما يكونون عن ذلك.
وإننا إذ نشجب هذا المنهج العدواني المتحامل على أوطاننا وعقائدنا وتراثنا لندعو إلى ترسيخ مفاهيم الحوار والديمقراطية وإقامة العدل وإعلاء قيم المواطنة، والتداول السلمي للسلطة في كافة أرجاء وطننا العربي.
والله ولي التوفيق،،،