هل مؤسسة البرلمان بمجلسيها أصبحت ملعبا لكرة القدم لفرق الأحياء ؟
[size]جريدة طنجة – محمد سعيد الشركي اخناشر ( البرلمان)
الثلاثاء 12 ماي 2015 – 10:17:40
فـالنُواب لما طاش عقلهم نَسوا أنّهُم إذا كـانـــوا مبعــــوثين لنا داخل المجلس لتمثيلنا و مُتـــابعة أعمال الحكومة فـإنــا نحن مــُراقبين لهم . ومتتبعين لأعمالهم ، ولنَتـائـــج تلْكَ الأعْمـــال .
إن ممثل المجتمع يجب أن تكون فيه شروط منها : التربية ، أي يجب أن يكون مربي شخصيا أولا ، ثم مربي للمجتمع الذي يمثله . لأن هذا التمثيل له ثمن . وثمنه أن يكون النائب عـاقلاً ، مُفكرًا ، عـالمـًا بــالعلم الذي يُؤهله ليَكون مُمثّلا للأمّـة كما يقـولــون ، و عـالمـا بـالسُلوك الذي يجب أن يتبع داخل المؤسسة . لأن هذه المؤسسة هي مؤسسة الأمة ، فليست ملكا للنواب ، وإن كان بعضهم استساغ الجلوس فيها حتى نسوا أنفسهم ومجتمعهم ، والناس الذين صوتوا عليهم ، فغابوا عن الكل ، وغرقوا في الفوائد والامتيازات حتى لم يبق لهم ما يرونه خارج القاعة ، وأصبحوا برهان ساطع على ” زعماء لا يتقاعدون ” إلا بالقوة القاهرة .
إن الصراعات داخل المؤسسات البرلمانية وصلت حدا لا يطاق ، وأصبحنا نقول :” أللهم إن هذا منكر ” لا يجب السكوت عليه ، فالصراعات وصلت إلى ” التشندل ” بالأيدي ، وربما بالأجل كذلك ، حتى أصبحت قاعة مجلس النواب مكان لمباريات كدرة القدم لفرق الأحياء . لأن المباريات في كرة القدم في مؤسسات الملاعب تخدع لنظام قد يصل الأمر بالحكم طرح الخاطئ .
ومن العَجب أن تُــوقف جلسات مجلس النواب تعـددت لدرجة نتـوقعهـــا في كل وقت . و قــد كـان تــَوقُف الجلسة يوم 28 أبريل 2015 نتيجة مظهر الفوضى التي أقامتها المعارضة شيء يدل على انعدام الاحترام بين النواب .
فــرئيس الحكومة – مهما كان موقفنا منْهُ و من حزبـهِ – فـــإنه الآن رئيس الحكومة ، و نتيــجة للدَلَقْرَاطية كما سمّاها الأستاذ المَنْجرَة رَحمهُ الله ، فقد حصل الحزب على أغلبية من النُـــواب جعلت أمينه العام يصبح بنص الدستور رئيسا للحكومة . وهذا من تــَوابع التابعين ، و مطالب المُعتــارضين الحاليين .
والسؤال الذي نطرحه بـــاستمرار هو لمـــاذا وقع للنواب هذا الشطط الكبير حتى أصبحوا يعيشون خارج الحلبة لا يرعون لا قيمة الشخص ، ولا قيمة المهمة ، ولا قيمة التمثيلية ، ولا قيمة المؤسسة ؟ .
هل تدرون لماذا ؟ أين أنتم يا علماء النفس ؟ أين أنتم يا علماء الاجتماع ؟ أين أنت يا علماء التربية ؟ هل متم ؟ أو انتم تعيشون في القبور واللحود والكهوف ؟ .
ألم يوقدكم ما يجري ؟ ألم تهزكم ” الكوارث ” ونسميها كوارث نظرا لعظمتها ، أليست الخصومات الحزبية – ولا نقول السياسية – تتابعت بدرجة كبيرة خلال تولي حزب العدالة والتنمية رئاسة الحكومة ، وهذه الحكومة تسمى بحكومة الحزب الذي يكونها باشتراك بعض المساندين أو المدعمين .
هل تعلمون لماذا تقوم المعارضة بتلك التصرفات التي لا تراعي ما يجب أن يراعى ؟ .
الجواب سهل :
إن أعضاء المعارضة ” مصدومون ” والصدمة هزتهم هزة نسوا فيها أنفسهم ، كما نسوا المجتمع الذي صوت عليهم ، وغابوا عن الحضور حتى أصبحوا لا يدرون أين هم ؟ .
ألم يكونوا هم أصحاب الأغلبيات في جميع المؤسسات ، يحصدون الأصوات بالأقلية المصوتة فعلا ، ورغم كثرة المنقطعين عن التصويت ، ومع ذلك كانوا فرحين مسرورين ، وحتى إذا ظهر حزب ونال الأغلبية ألصقوا بع عدة أسماء : أحزاب الإدارة ، أحزاب المال ، أحزاب ” كوكوت منوت ” ألخ ..
ومن الأحزاب ما نشأ بعد الانتخابات وجمع مجلس النواب . ألهذا الحد كانت الحالة؟
أما حزب العدالة والتنمية فقد نزل كالصاعقة على المعارضة هزت القلوب والعقول والأجساد لتخوض صراعات بمختلف هذه العناصر.
ألم يفكر أصحاب المعارضة الحالية أنهم كلهم حكموا . وجميعهم استوزروا ، وقد كانت بعض الحكومات برئاسة من أحزابهم . ماذا عملوا ؟ . وكيف تصرفوا ؟ .
فهم لم ينصتوا للشعب ولم يسمعوه ؟ .
فلو سمعوه لعرفوا أن الشعب المغربي مسلم ، وإذا ضاق ضرعا بوضعية لا تعجبه ، أو بأناس ” طلعوا في رأسه ” ولم يجد حلا اتجه إلى الله يطلب حكمه ، أليس الله بأحكم الحاكمين ؟ بلا ، ونحن على ذلك من الشاهدين .
ألا تكون تلك التصرفات الفوضوية داخل مجلسنا و تلك اللسانيات التي لا تراعي حرمة المؤسسة ولا المصوتين عقابا من الله عز وجل لهؤلاء الذين احتكروا المؤسسات سنين عددا ، لأن كما هو معلوم أن كل خطأ يحتمل وجهتين : التوبة أو العقاب ، وممثلونا مختارون .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لا يحتكر إلا خاطئ ” .
واحتكار المهام والمسئوليات والمناصب والمواقع ذات الامتيازات في المجتمع تعتبر بهذا الحديث خطا .
والغريب أن عملية الاحتكار هذه انتقلت إلى أعضاء حزب العدالة والتنمية بدورهم بالرغم من أنهم لهم أعضاء يعتبرون أهل فقه ، وعلم في العقيدة .
فقد رأينا في الانتخابات الأخيرة بعض أعضاء حزب العدالة والتنمية لم تكفهم انتخابهم مرتين ، أي قضاء مرحلتين في مجلس النواب ، بل رأينا فرحهم وأعضاء الحزب يرشحونهم للمرة الثالثة .
ليعلم الجميع من نوابنا في المجلسين أن السياسة ليست لعبة .
وإنما هي شيء آخر من أراد أن يطلع على ذلك فليراجع كتابنا الذي سيصدر قريبا .
فالسياسة علم . بل علوم ، وليست ملك أي واحد كما أصبح يعتقد أغلب الناس . فهي بحر عميق لا يسبح فيه إلا ذوي العقل الراجح والفكر المتوقد حكمة .
فليتقوا الله النواب في المجلسين فلا تغريهم الجلسة وينسوا من يمثلون . فإن لهم حقوقا كما لكم، ولهم نفس التطلعات كما هي عندكم . وقد سمعنا بأنفسنا أن الشباب والآباء والأمهات يتوجهون إلى الله طالبين تبديل المحتكرين وتغييرهم .
ألم يشاهدوا في أحد البرامج الآخيرة كيف أعربت امرأة كبيرة عن رأيها في المترشحين ، وكيف استقبلت من ترشح للمرة الأخرى وكيف واجهته ؟ .