أحداث الشغب بطنجة… مسؤولية من؟…
جريدة طنجة – محمد العمراني ( الشغب بالملاعب )
الإثنين 11 ماي 2015 – 12:54:35
هل ما وقع بطنجة يعتبر استثناء؟…
قطعا لا، فشغب الملاعب اليوم صار أحد المعضلات الرئيسية التي تنخر كرة القدم المغربية، وبصفة أخص في مدينتي الدار البيضاء والرباط. لكن ما هو غير مقبول هو أن تتكرر الأحداث بنفس الأسلوب وبنفس الطريقة مرتين في أقل من شهر…
ما وقع يوم الأحد المنصرم برسم الدورة الأخير لبطولة القسم الوطني الثاني، أمرا غير مقبول على الإطلاق، و يسيئ لمدينة طنجة وللمكتب المسير للنادي و للمسؤولين الأمنيين…
لقد أفسدت أحداث الشغب الخطيرة احتفالية صُعود الاتحاد إلى قسم الأضْـواء، وكادت مُبــاراة اتحاد طنجة وجمعية سلا أن تَتحول إلى كارثة حقيقية لَوْلا الألْطــاف الإلاهيـة ، و نُضْج مَسْؤولي فصيل إلترا هيركوليس، الذين بذلوا مجهودات كبيرة لاحتواء الوضع، في غياب شبة تام للقوات الأمنية، التي بدت وكأنها تفتقد لأي خطة أمنية للتعاطي مع مباراة استقطب عشرات الآلاف من الجماهير. كما أن المكتب المسير كان خارج التغطية، وأبان عن ارتجالية كبيرة في توفير الترتيبات التنظيمية لمباراة أريد لها أن تكون احتفالية.
أجواء الفرحة والحماس، التي سبقت المباراة، والإقبال الكثيف للعائلات والنساء والفتيات والأطفال، كانت توحي بتنظيم عرس كبير للاحتفال بصعود الاتحاد لقسم الأضواء، استهلتها الجماهير الطنجة، التي فاق عددها 35 ألف متفرج، بتيفو ولا أروع، صُنف ضمن كأكبر تيفو عالمي خلال ذات الأسبوع…
كل الترتيبات كانت تفيد بكون المباراة شكلية، خاصة بعدما ضمنت جمعية سلا موقعها بالقسم الوطني الثاني. لكن ومن دون مقدمات انفجرت الأوضاع بعد شروع بضع عشرات من جمهور سلا في اقتلاع الكراسي، ورفع شعارات مستفزة للجمهور الطنجي…
ففي أقل من ثلاث دقائق نجحت جماهير اتحاد طنجة في اجتياح أرضية الملعب، محاولة الانتقام من الجماهير السلاوية، ولولا فطنة بعض عناصر القوات المساعدة، التي سارعت إلى إخراج الجمهور السلاوي، الذي لم يكن يتجاوز عدده مائة شخص لحدثت مجزرة حقيقية، خاصة وأن العديد من مقتحمي الملعب كانوا في حالة هستيرية ومدججين بالأسلحة البيضاء…
هاته المشاهد المرعبة ، وأمام الغياب المطلق للأمن، الذي بدا وكأنه في حالة شرود، عاجز عن التحرك، دفعت الفتيات والأسر إلى المسارعة بمغادرة الملعب خوفا على سلامة أرواحهم وأرواح أطفالهم، كما شوهد العديد من الشخصيات، ضمنهم رئيس المحكمة الابتدائية وهو يغادرون المنصة الشرفية، والغضب باد على محياهم من انزلاق الأوضاع إلى هذا المستوى من الخطورة في مباراة احتفالية.
اعتقدنا جميعا أن الأوضاع هدأت بعد استئناف المباراة، لكن الأسوأ هو الذي وقع…
المئات من الجماهير، معظمهم مراهقون، نجحوا في الوصول إلى قلب المدينة، لتندلع من جديد أحداث شغب أخطر من تلك التي كان الملعب مسرحا لها…
تخريب للسيارات والسطو على المحلات التجارية، لتعم من جديد فوضى عارمة، امتدت إلى ما بعد منتصف الليل، اضطر خلالها مالكو المتاجر إلى حماية ممتلكاتهم بأنفسهم أمام تواجد ضعيف للعناصر الأمنية، حيث بدا وكأن المسؤولين انساقوا وراء الأحداث بعد أن تجاوزتهم.
أعمال التخريب، وأحداث الشغب، وفشل القوات الأمنية في ضبط الأوضاع وجعلها تحت السيطرة، خلفت استياء عارما في صفوف الساكنة، الذين لم يستسيغوا إطلاقا أن تتحول مباريات كرة القدم في ملعب يبعد بثمان كلمترات عن وسط المدينة، إلى قنابل موقوتة سرعان ما تنفجر في قلب شوارع المدينة..
تكرار أحداث الشغب تستوجب وضع تشخيص دقيق لشريط الأحداث، والوقوف على الاختلالات وتحديد المسؤوليات في جميع مستوياتها…
المكتب المسير الذي أبان عن فشل ذريع في كل ما يتعلق بالترتيبات التنظيمية، مرورا بالتقصير الأمني على مستوى تفتيش الجماهير عند دخول الملعب، إذ لا يعقل أن يتمكن البعض من إدخال السكاكين والأسلحة البيضاء إلى داخل الملعب، مثلما لا يعقل ان تتمكن الجماهير من اقتحام أرضية الملعب كلما أرادت ذلك، ومن غير المقبول كذلك أن تصل الجماهير إلى قلب المدينة كما لو أنها في نزهة…
كما أن فصيل إلترا هيركوليس يتحمل قدرا غير يسير من المسؤولية، فعلى عاتقه تقع مسؤولية تأطير الجماهير وتنظيمها، لا شك أنهم يبذلون مجهودات في هذا الصدد، ولهم قدرات تنظيمية هائلة على تنظيم التيفوهات، لكن ما وقع مؤخرا يفرض عليهم إيلاء أهمية قصوى لتأطير الجمهور وتوعيته بالانعكاسات الخطيرة لمثل هاته الأحداث على مستقبل اتحاد طنجة، والعقوبة الأخيرة ناقوس إنذار لما هو أسوأ…
اتحاد طنجة اليوم في القسم الوطني الأول، وساكنة المدينة تراهن أن يكون تواجدها بالبطولة الاحترافية مصدر خير عليها، لا أن يتحول الأمر إلى كابوس ينغص هدوء المدينة ويروع طمأنينة الساكنة، وهذا يستوجب معالجة الاختلالات الثلاث:
– التّسيير…
– فَصيل المُشجّعين…
– التّرتيبـات الأمنية…