مواجهة الفكر بالفكر
جريدة طنجة – عبد المجيد الإدريسي ( الفكر)
الثلاثاء 19 ماي 2015 – 17:32:59
وهو انهيار في الدخول إلى مرحلة سوداء عند حذف أجزاء من تاريخ الإسلام : بعنوان، ثورة الفكر الدينية. الثورة الدينية ماذا تعني ؟
الأمواج العاتية التي تقذف بيمِّ النيل، من حادثة حرق كتب العلم. مصر طـه حسين والعقاد والشعـــراوي، ترتكب «جرائـــم» فكرية – علمية بإعدام كتاب «الإسلام وأصول الحكم» (د.علي عبد الرازق) وكتاب «أصول الحكم في الإسلام»(د.عبد الرازق السنهوري) و«منهج الإصلاح الإسلامي» (د.عبد الحليم محمود) وأخريات الأمهات من المناهل، خدمة لأهداف سياسوية. وعلى مقربة «التماس» من تاريخ حرق «داعش» لكتب العلم في الموصل. مشاهد مخزية سوف تتكرر لظلامية التخلف للعقل الجائر. ولن يستطيع أحد أن يحرق الفكر.
المنهاج المستباح هذا، هو مشهد افتزازي الدلالات لمشاعر الناس عامة، إذ هي إجراءات للتضييق على الطبقة الشرعية، بل كان النظام أيضا يعبر عن ضيقه بها ذرعا. كالذي استهوته الشياطين أم اعتراه بعض آلهة السوء، بتكميم الأفواه وعدم قبول الرأي الآخر، وليس هناك أي وجهة نظر أخرى. فاشتغلت عقلية «الكرباج» والتعذيب والسجون وقمع المواطن العربي والعودة به إلى «الخزي والعار» ؟ لضعف الطاقة الفكرية التي عمرت العقول لحقبة من الزمان. فالترهيب لا يؤدي إلى نتائج، والتطرف يتولد عنه التطرف الآخر.
ما رأي بعض دول الخليج التي تزكي الانقلاب الذي يحرم المسلمات من الستر( مظاهر لقلع الحجاب ). ثم الإعلام المصري تجاوز كل حدود الأخلاق المهنية والقيم والسلوك السوي. هل مصر تذهب إلى الأمام عكس التيار ؟ جرائم حرق الكتب ظاهرة وحالة مرضية أقدم عليها الماغول «بزعامة هولاكو» عند إبادة واحتلال بغداد عاصمة العلم والعلماء آنذاك، فرُميتْ لكثرة عددها في نهر الفرات حتى تغير لونه، ومجموعات أخرى استعملوها جسرا يمرون عليه. ثم كان لابن الوليد بعد اتهامه بالكفر نصيب من حرق مؤلفاته. الأيديولوجية النازية أقدمت على جريمتين، أولاهما حرق الكتب اليهودية وثانيهما المحرقة اليهودية (ضدالسامية). إعدام الكتب وما تحمله من علم هي الظلامية الحقيقية.
الحرق أو المنع أو القهر أو التعذيب لا يأتي إلا بنتائج ضارة وعكسية. وكل ممنوع مرغوب فيه. المُبـالغة في التّخْـويف يـوقــع الانقلابيين وتجعلهم حُفــاة عـُراة أمامَ العـالـم. فـــأصبحت الشتائم تنـــال من الصحابة والتطاول على الكتب «الصحيحة» للبخاري ومسلم. حتى قيل إن، من أحرق الناس في مسجد رابعة العدوية لا يهمه حرق الكتب؟ وهذا مخيف ومخزي ومؤلم .
هلا تربعت هذه نفائس المراجع على جلّ المكتبات العالمية؟ قيل أيضا إنها تحض على العنف والإرهاب ؟ فيراها الناس على صورة ويراها غيرهم على صورة أخرى. هل سلمت النفوس من سوء النية؟ فأما إذا ساءت النيات وران الهوى على البصائر فلا عجب إذن في الضلال ( العقاد ). عقلية حرق الكتب درءا للفتنة هي حجر على العقل والفكر. الفكر نشاط ذهني للعقل البشري وذكاء للقدرة على فهم الأشياء ، والإبداع يقتضي مواجهة الفكر بالفكر.
فـإذا تعارضت الأحاديث، فـإنـّهُ ينظُر إلى الأسانيد فيرجح الصحيح على ما دونه. فإذا تساوت الأسانيد في الصحة فإنه يجمع بين النصوص إذا أمكن الجمع. فإذا لم يكن الجمع فلا بد من الترجيح لدحض الباطل. وهل تعدم كتب ازدراء الأديان والأنبياء ؟ وإلا لأعدِمتِ كتب الجنس وأعيد النظر في فتح «الكباريهات « و «الحانات» وبيع الخمور على «قارعة» الطريق باسم الحداثة والحريات الفردية والحريات الشخصية، ولكل امرىء ما اكتسب … التقدم والحداثة شعار الدول التي تفتح الحريات. الدعوة أن تلتقي الأمة الإسلامية على دماثة الأخلاق والقيم، وأن تتوحد كلمة المسلمين. وإنَّ جعلهم على قلب رجل واحد حتمية، كي نضع أوزارنا وراء ظهورنا لنعمل سوية.
فالعمل على نبذ الخلافات والاتفاق على قواسم مشتركة. وما ينبغي لنا أن نعمل لمذهب معين وأن نعمل في اتجاه مكارم الأخلاق. لا يوجد بنيان لا يوجد حله رغم كل العقبات، فالوضوح في الحديث ومعالجة القضايا بالرفق والحكمة من خلال العلماء التقاة بموازين القسط بينات وظاهرات الدلالة.
ولله الأمر من قبل ومن بعد …