مجمع العرفان… القنبلة الموقوتة
جريدة طنجة – محمد العمراني ( آفارقة بحي العرفـان)
الثلاثاء 05 ماي 2015 – 11:54:00
عــادَ التَوتُـر منْ جديـد ليُخَيّـم على حَي العـرفـان، الذي يصنف ضمن النقط السوداء أمنيا بمدينة طنجة، بسبب استقطاب هذا الحي، الذي تم بناؤه من طرف شركة الضُحـى ، للأكثريـة السـاحقـة من المُهــاجرين المتحـدرين من دُوَل جنوب الصحراء…
الحي شَهد على امْتداد الأسْبوع المُنصرم وقَفـات احْتجاجية ومَسيرات لسَاكنته، طـالبـوا من خلالـها بوَضْـع حَدّ للتَسيُّب الأمني، و للمُمـارسات المُشينة التي صار هؤلاء المُهــاجرون يــرتكبونها في وَضَح النّهـــار ، في غيـابِ شبه تــام للتَواجُد الأمني، حيث بَـدا الحي و كـأنـّهُ خـارج عَنْ السيطرة…
السُكان رفَعــوا لافِتـات تُبـــرزُ مُعـانـاتهم اليومية، طالبوا من خلالها بالتدخل العاجل للمسؤولين قبل خروج الأوضاع عن السيطرة، بعد أن صاروا هم من يدفعون ثمن تفشي الفساد والفوضى والعنف، وصاروا ضحية العمليات الإجراميةالتي يتورط في ارتكابها هؤلاء المهاجرين، بعد أن أصبحوا يتصرفون وكأنهم خارج القانون.
وممّا يَزيـدُ من حِدّة الاحْتِقــان أن عشرات الشقق تم احتلالها بالقوة من طرفهم، بسبب غياب مالكيها الذين هم في غالبيتهم من أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، أو يتواجدون بمدن أخرى بالمملكة، وعند تفقدهم لشققهم يصدمون بوجودها تحت سيطرة المهاجرين الأفارقة… أخطر من ذلك صار هؤلاء يتمادون في تنظيم حفلات صاخبة بهاته الشقق، التي حولوها إلى مراقص مفتوحة وأوكار لتعاطي المخدرات وممارسة الفساد، وهي التصرفات التي تثير غضب ساكنة الحي الذين ضاقوا ذرعا بمثل هاته الممارسات المشينة، ناهيك عن انتظام العديد منهم في عصابات تمتهن تجارة المخدرات الصلبة وتعاطي السرقة واعتراض المارة، وغالبا ما يدخلون في مواجهات لتصفية الحسابات في ما بينهم.
كل ذلك يَحدث في غياب شبة تام للسُلطات العمومية و للأجهزة الأمنية، التي يبدو أنها تفضل الانسحاب وعدم التواجد بهاته المنطقة المتوترة، وهو ما يشجع هؤلاء المهاجرين على التمادي في هاته الممارسات، حيث يتساءل الجميع عن أسباب عدم تواجد مقر أمني دائم بمجمع العرفان، سيكون مفيدا جدا في تهدئة الأوضاع، والتدخل في عين المكان قبل استفحال الوضع؟…
حدة الأوضاع التي صارَت تتفـاقـَم بشكل شبه يَوْمــي ، بـاتَت مصدر قلق للسلطات العمومية، خاصة وأن العديد من المنظمات والهيئات بدول الجوار أصبحت متخصصة في تضخيم الأحداث، وتصوير المغرب وكأن به نظاما للفصل العنصري، كل ذلك لتشويه سمعة المغرب في المنتظم الدولي…
من المؤكد أن خيار المغرب ثابت في ما يخص احترام حقوق المهاجرين وتمكينهم من حقوقهم وفق ما تنص على القوانين المغربية، في احترام تام للمواثيق الدولية. كما أن الشعب المغربي عبر دائما عن إيمانه بقيم التعايش، ويعامل هؤلاء المهاجرين بكامل الاحترام…
فالدولةحريصة على عدم الانجرار وراء المقاربة الأمنية الصرفة، لأنها تعي جيدا عدم جدواها، لكن هذا لا يعفي الحكومة المغربية من واجب التحرك الاستعجالي لإيجاد حل نهائي لتواجد أعداد هائلة من المهاجرين المتحدرين من دول جنوب الصحراء في وضعية غير قانونية، مما يصعب من إمكانية ضبطهم أمنيا، وليس هناك من حل لهاته المعضلة إلا بتوفير إمكانيات لوجستيكية ومالية هائلة…
الموقع الجغرافي لمدينة طنجة جعل منها نقطة عبور أفريقيا نحو أوروبـا، بما يعني ذلك من تحولها لمعبر أساسي للمهاجرين الأفـارقـة نحـو أوربا، و بـالتـّالي فقدر مدن طنجة كمدينة حدوديـة ، أن تُعــاني كثيرًا من هذا الإكراه. لكن هل من العَـدالـة فـي شيئ أن تـُؤدي لوحدها ضريبة موقعها كمدينة حدودوية…
لا يعقل أن تستمر الدولة في تجاهل هاته المعطيات، فكل المؤشرات تفد أن شبح الاحتقان سيظل قائما طالما لم يتم وضع استرايجية متكاملة تستهدف إفراغ الأفارقة من السكن الذي يحتلونه بالقوة، وفي نفس الآن إيجاد حلول ملائمة لإيوائهم في شروط تحترم المواثيق الدولية الضامنة لحقوق المهاجرين…
هل يعقل في مدينة تسعى بعد سنوات قليلة أن تصير قطبا حضريا غير مسبوق بالحوض الجنوبي للبحر البيض المتوسط، وهيس تفتقد لمراكز الإيواء، التي يمكن أن تستقبل المهاجرين المؤهلين لنيل بطائق الإقامة؟…
هل يعقل في مدينة بحجم مدينة طنجة، وبحسب التدفق الهائل للمهاجرين يوميا، وأجهزتها الأمنية تفتقر للوسائل البشية واللوجستيكية؟…
أتساءل كيف لأجهزة الأمن، بإمكانياتها التّقنية المتواضعة، و بمحدودية مواردها البشرية، أن تتعقب جميع المهاجرين الذين يشتبه في تعاطيهم للأنشطة الأجرامية، والحال أن معظمهم لا يتوفر على وثائق الهوية، مما يجعل من عملية ضبطهم وإخضاعهم للمراقبة، أمرا شبه مستحيل…
صحيح أن بلادنــا مطوقة بالمواثيق الدولية المنظمة لحقوق المهاجرين، كما أنها مُنخرطة بقرار ملكي في التعاطي مع مع المهاجرين، وفق رؤية محكومة باحترام تام لحقوقهم، وتوفير شروط تمكينهم من الإقــامة القـانونية …
لكن ليس مقبولا باي حال من الأحوال أن يتم تجميد القانون، وتمكين المهاجرين من التعامل التمييزي على حساب المواطنين المغاربة، فكما لا نقبل أن يتم خرق حقوقو المهاجرين، فإننا وبنفس الدرجة نرفض أن يتم التساهل معهم لكونهم يحضون بوضعية خاصة…
طنجة ستؤدي فاتورة ثقيلة جدا من سمعتها، واستقرارها الأمني والاجتماعي سيصير هشا، وقابلا للاشتعال في أي لحضة إن لم يتم تدارك الوضع قبل الأوان..
فَحَذارِ من سياسة النـعامة، التي تفضل دفن رأسها في الرمال كلما وجدت نفسها أمامَ مُشكلة من المَشاكل…