حكاية ورقة
جريدة طنجة – آية الحسّاني( اقلام ثقافية)
الجمعة 15 ماي 2015 – 11:43:41
أسّسَت لنفسها تَيـارًا فكريـًا مُسْتقلاً ! و قَرّرت أن تتبنى لنفسها فلسفة.. و ذلك مـا فعلت !. اتخذت من فلسفة الإنتقـام شِعارًا. و بَدأت تُخطط لمشروع ثــوْرة وغَضب على ما فعل بها..! فكرت مَليـًا ! و تـأمّلت عميقـًا ، فسَألت نفسها : ممن سأنتقم يا تُرَى ؟ أمن الشجرة التي تخلت عن فَلذة كبدها بسُهولة قبلة، و دعتها ملوحة لها في الأفُق تلويحة فَنــاء. أم من الريح التي عصفت بقوة على هشاشة هيكلها ؟ هل ستَثْــأر من اليد التي لاطفتها، لاعبتها، وإدعت الحَنــان واخفت خلف ذلك قناع المكر والخداع. أم من تلك التي عاملتها بقسوة و عنف حيواني من أول تَعثُــر لها بها ؟.. كانت تلح على نفسها بالسؤال :
هل ستثور على من دمر أشلاءها، واغتصب طهر أنوثتها. أم على نفسها التي انساقت وراء نسيم النفاق؟..
استنتجت أنه لا مفــر من هذا القــَـدر، واعترفت بمَهــارة يَد النصيب في حِيـاكـة كنزة الأقدار.. تحلّلت الوَرقــة ؛ و تَحولت إلى دُبــال بفِعْلِ احتكـاكهــا بـــالأرضو المخلفات.. فــأصبحت تٌُربة خِصْبة، و فَضـاءًا حيويـًا مُنْعشًا لترعرُع العُشب..! في ذلك المكان بالتحديد، غرست شجيرة تُفــاح! وجدت الأخيرة راحتها هناك، وبدأت تكبر وتكبر، تنموا وتنتعش وتزدهر ! إلى أن أصبحت شجرة عملاقة وارفة الظلال، طيبة الثمار، ممتعة للأنظار.. تريح المتعبين،و تغذي الجائعين.. ! فبهذا عادت الورقة إلى أصلها، وأصبحت أما لعدة أوراق.. تعطي دون أمل في رد الجميل، تمنح بكف سخية وبقلب كريم . فغَدت الوُريقة المُهترئة مشروع بستان لا فتاتا متطايرا !.. للعبرة : من الكي يأتي الشفاء، ومن الشقاء ياتي الهناء.. فإن اشتدت مصائبك احتسب، وفوض أمرك إلى الخالق.
دع عنك التَدمُّر والسخط وهراء الكلمات.. وكن على يقين أن مع العسر يسرا.. وأن في شدة عتمة الليل إشهار لشروق شمس صباح جديد.. فكيف لقلب يسكنه رب رحيم، وإلآه رحمان أن يشقى؟..