“المعاصرة و التنمية”؟
جريدة طنجة – محمد العطلاتي ( سياسة )
الثلاثاء 12 ماي 2015 – 15:48:16
لكن المغاربة، لطبيعة حداثة عهدهم بـالسياسة، كمنتوح أوروبي حديث، أو ربما لتأثرهم المبالغ فيه بالتقاليد القبلية ، فـإنّهُم “وَظَفـُوا” قـرارَ مَنْع الحِــزْب الـوَحيد تـَوْظيفًا “انتهـازيـًا” و قاموا بتأويله إلى تلك الصورة التي يُفهم من خلالها أنه دعاية”دستورانية” لتفريخ و حضانة المزيد من “الأحزاب” و التشكيلات “السياسية”.
هكذا، وفي زمَن قصير أصبح المغرب، ذو النسمات الثلاثين، يتـوفــر على أزيد من ثلاثين“حزبــا”، بين سائد دون حكم بينما و معارض دون أغلبية، فيما يحكم بلد الصين الذي يفوق تعداد سكانه المليار نسمة، للمفارقة، حزب واحد و وحيد اسمه الحزب الشيوعي الصيني.
قبل فترة من الزمن، عبرت “النخب” السياسية المغربية عن رغبتها في إعادة تشكيل المشهد السياسي عبر إصدار تشريعات تساعد على انتظام “السياسيين” في قطب يساري و آخر مُحـافظ و ثالث وسطي، إسوة و اقتداء في ذلك بالديموقراطيات الغربية العريقة.
إلى حُدود الآن، لم تتحول رغبة هذه النُخَب إلى واقـع عَملي يكرس التوجه نحو ” تقليص” أعداد المنظمات المسماة أحزاباً، بل بدل ذلك انتعش قطاع الأحزاب بفضل “المنعشين الحزبيين” و صار الأمر يماثل ما عبر عنه الشاعر أحمد مطر حين قال : أكثَرُ الأشياءِ في بَلدَتِنـا لأحـزابُ، و يبدو ان “الكثرة” هي من دفعت أحد الزعماء الجدد إلى وصف أعضاء حزبه الجديد بــ”الحمير” و “الكلاب”.
مع تولي حزب “الخطيب” رئاسة الحكومة، و هو حزب ذو امتداد جمهوري مقبول، راهن معارضوه على نفاذ الوقود “الديني” من خزانه خلال ولايته، لينتهي به المطاف مجردا من “سلاحه” الاستراتيجي و ينضبط بعد ذلك لقواعد “السياسة الجديدة“، لكن يبدو أن الحزب نجح في صد الهجمات و حافظ على قواعده إن لم يكن قد أضاف إليها قواعد جديدة.
مع بداية ولاية “الخطيب” شن حزب يريد الجمع بين”الحُسنيين” حملة ضارية ضِدّهُ، مُتصيدا في ذلك أخْطاءهِ و هَفَــواتـهِ ، و عندما لم تُفلح هذه “الغزوات” انتقل في مرحلة لاحقة استبدل فيها “حزب الحُسنيين” خُطَته بـأخْرَى، لا تَرْمـي لإزاحة غريمـهِ ، بل فقط لمُحــاولة تقليم “أظافره” في مواقع “الحُكْم”، لكن النتائج، كما بدا ذلك واضحا في احتفالات فاتح ماي لهذه السنة، كانت مُخيبة للآمـَال.
الوضع السياسي الحالي، على مَقْرُبـة من الانتخـابــات، قد يكون دفع بتنظيم “الأصالة و المعاصرة” إلى إثارة النقاش، عَبْرَ وسائطه “غير المباشرة”، حول إمكانية قيام تحالف يجمعه مع “غريمه” حزب “الخطيب”.
الـواقع أن كلا التنظيمين، و بصرف النظر عن الاعتبارات الإيديولوجية، على فرض وجودها أصلا، يتموقعان في صف اليمين، رغم تلك الشعارات السياسية التي يرفعها التنظيمان.
هل يمكن أن يتأسس “تحالف” بين الحزبين لقيادة الحكومة المقبلة ؟ أم أننا سيتجاوز ذلك لسنصبح فعليا أمام حزب جديد باسم:”المعاصرة و التنمية”؟